خـاتمة الكتاب

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

أعلموا يا أبنائي وفقكم الله تعالى لمراضيه وجنبكم معاصيه، إنني أوضحت لكم جادت السبيل، وبينت لكم كيفية العمل والمسير، وكشفت لكم عن الكمال في هذا الطريق، وأنتم على علم أن رضاء الناس غاية لا تدرك والرضا كل رضا هو رضا الله تعالى فعليكم بالجد والاجتهاد، واغتنام العمر القابل للنفاد، بالحصول على الفضائل والمكرمات النفسانية والكمالات العلمية والعملية، فإنها سبب السعادات الأبدية، فإرشاد الناس ليس هي مهمة هينة وسهلة بل هي من مهام الأنبياء وأوصيائهم على نبينا وعلى آله وعليهم السلام فلا بد من الاهتمام المستمر والدائم على تحصيل العلم والمعرفة لتبقى نفسك كاملة تحمل الروح الإنسانية التي تحب لأخيها إلا ما تحب لنفسها، فهي باقية ما بقي الدهر وقد دلت الآيات القرآنية الشريفة وكذا الأخبار والأحاديث النبوية والمولوية الشريفتين، فتقصيرك في التحصيل العلمي والعملي والسعي للكمال في هذه الأيام موجب لدوام الحسرة والندم الطويل س
ولابد لك أن تعتبر نفسك مسئولا عن الناس وذا بصيرة وانك لا ترضى بالقصور لنفسك والتقصير في حق أبناء جنسك ودينك ومذهبك وجلدتك ساعياً بما تملك من قوة لزيادة علمهم على علمك وشأنهم على شأنك ومع أن الجميع في دار الممر التي وصفت بالخسة ودنو العيش فيها لزوالها وزوال ما فيها، فلا تكن غداً آخر القوم بعيداً عن النعيم, وأنت اليوم قادر على وصول الكمالات، وإلا فهو قصور  منكم وخفة في العقل أو سبات ونعوذ بالله تعالى من سِنَةْ الغفلة وسوء الزلة.
هذا كله على تقدير سلامتكم في تلك الدار من عظيم المخاوف والأخطار وعذاب النار، وأنى لكم بالأمان من ذلك؟ وقد عرفتم أن أكثر هذه العلوم واجب أما عينا أو كفاية، والثاني منهما أذا لم يقيم   به من يجد في نفسه الكفاية أثم الجميع لتركه، فصار بعد ذلك كالواجب العيني الذي لا يسقط عن كل فرد فرد حتى لو قام به الغير، وأين المتصدي في هذا الزمان من تحصيل هذه العلوم الشرعية والبلوغ إلى الدرجات المرضية، سيما التفقه وان أقل مرتبة واجبة على نحو الكفاية، ولا يفوتكم الالتفات للآية الكريمة [فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ]([1]) فلا بد لكم في كل قطر ممن يقوم بهذا على نحو الكفاية فبالنفير أيام التعطيل والانتشار في الأقطار الإسلامية كما تنتشر النحل في الحدائق من أجل صناعة العسل الذي هو ثمرة الرحيق مما جمعته في نفيرها وعملها الدؤب إذاً الاستمرار في المطالعة ومتابعة ما يصدر والتحقيق فيه وتصحيحه وضبطه فالتقاعد عن هذا لهو خيانة للعلم وعصيان وهو بمنزلة العبادة فقد ذكر أن من أفضل العبادات ليلة القدر مذاكرات العلم وبه فضل الجليل جل وعلا الإنسان على سائر خلقه بهذه القوة العاقلة التي خصه الله تعالى بها للتمييز بين الخطأ والصواب والموجبة لتحصيل العلوم النافعة في الدارين فالقعود عن هذا الذي ذكرناه لهو مهلكة والنزول من المقام الذي أراده الله تعالى لخلقه من بني البشر المقرّب إليه تعالى فمن إلتزم بذلك رفعه الله تعالى إلى ما يليق به وإلا فحطه تعالى في الارذلين ونعم ما وصف به أمير المؤمنينB: وبمضمونه قوله من أن الله تعالى خلق الإنسان والملائكة والحيوان فخلق الإنسان من عقل وشهوة وخلق الملائكة من عقل بلا شهوة وخلق الحيوان من شهوة بلا عقل فان استخدم الإنسان عقله على شهوته فصار خير من الملائكة عند الله وان استخدم شهوته على عقله فصار دون من الحيوان عند الله فانتبهوا إلى ذلك يا أبنائي وأحبائي وخذوها نصيحة من رجل فان قد أفنى عمره من أجل خدمة الدين علما وعملا.
نبهنا الله جميعاً من مراقد الطبيعة،وجعل ما بقي من الأعمار مصروفا على علوم الشريعة، وأحلنا جميعاً دار الكرامة بمنازلها الرفيعة إنه جواد كريم.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أوصي أبنائي أن لا ينسوني من صالح دعواتهم والسلام عليهم وعلى جميع المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
[1]- التوبة: 122.