الفصل السابع: في وضع المركّبات

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

الفصل السابع: في وضع المركّبات


لا يخفى: أنّ المركّبات لا تحتاج إلى وضع ثالث بمجموع موادّها وهيئاتها مضافاً إلى وضع أجزاء المركّب التي لها موادّ وهيئات، فلو قلت ـ مثلاً: ـ «زيد قائم»، فلكلّ من (زيد) و(قائم) مادّة وصورة، فلزيد وضع شخصيّ، لمادّته؛ لأنّه قد وضع لحصّة خاصّة من الإنسان ذات مشخّصات خاصّة.
وله ـ أيضاً ـ وضع نوعيّ هو وضع هيئة (زيد) التي تنشأ من جهة إعرابه رفعاً على الابتداء. وكذا الحال في كلمة (قائم)، فإنّها قد وضعت بوضع شخصيّ لذات متّصفة بالقيام، ووضعت بهيئتها الحاصلة من جهة رفعها بالخبريّة وضعاً نوعيّاً.
وأمّا هيئة الجملة، فهي تحصل بعد ضمّ كلّ واحد من الأجزاء إلى الآخر، أي: ـ في المثال ـ بعد ضمّ (زيد) إلى (قائم) والربط بينهما. ولولا هذا الربط والضمّ، لكان كلّ من الجزأين أجنبيّاً عن الآخر.
وبعد هذا، فلا حاجة إلى وضع ثالث للمركّبات، أي: لمجموع المركّب بمادّته وهيئته؛ لعدم فائدة فيه، حيث إنّ الغرض من الوضع هو تسهيل التفهّم والتفهيم، وهذا الغرض حاصل بدونه، فأيّة حاجة تبقى إلى هذا الوضع؟!
ولكن لا يخفى: أنّ ما قلناه: من أنّ الوضع في المواد هو من قبيل الوضع الشخصيّ مختصّ بالجوامد.
وأمّا المشتقّات فالوضع بالنسبة إلى موادّها لا يكون إلّا نوعيّاً.
والمراد بالنوعيّة: عدم الاختصاص بمادّة أو هيئة، فمادّة (نصر) نوعيّة، أي: لأنّها لنفس المعنى في ضمن أيّة هيئة كانت، تماماً كهيئة (فاعل) التي هي لمن قام به المبدأ في ضمن أيّة مادّة كانت، وكذلك مادّة (ض ر ب) ـ مثلاً ـ فإنّها موضوعة للحدث الكذائيّ، ولو في ضمن أيّة هيئة كانت.
ومن هنا ظهر: أنّ الموادّ ـ كالأعلام الشخصيّة ـ إذا أصبحت في ضمن الجملة، فإنّ هيئاتها تكون موضوعةً بوضع نوعيّ، كهيئة (زيد) في المثال المتقدّم، والمراد بها: المرفوعيّة التي تحصل من جهة إعرابه. وعليه: فما أفاده الاُستاذ المحقّق من أنّ الجوامد بمادّتها وهيئتها شخصيّة، لا يمكن المساعدة عليه على إطلاقه().
وقد يقال هنا: إنّ نسبة الهيئة إلى المادّة كنسبة العرض إلى المعروض، فإنّ المادّة لها تجوهر واستقلال في ذاتها، فيمكن أن تلاحظ مستقلّةً، وتوضع لمعنىً، ولو لم تلاحظ الهيئة معها.
وأمّا الهيئة فلمّا لم يكن لها استقلال، لم يكن من الممكن ملاحظتها مستقلّةً، بل لا بدّ من ملاحظتها في ضمن مادّة من الموادّ.
ولكنّ الصحيح: أنّه كما لا يمكن تصوّر وضع الهيئات على نحو الاستقلال، ومع قطع النظر عن لحاظ الموادّ، فكذلك الموادّ لا يمكن لحاظها مع قطع النظر عن الهيئات.
وقد ذكر صاحب الكفاية هنا: أنّه يلزم ـ بناءً على القول بالوضع الثالث ـ دلالة اللّفظ على معناه مرّتين، ففي مثل «زيد قائم»، تارةً تكون الدلالة بملاحظة وضع مفرداتها، واُخرى بملاحظة وضع مجموعهما مع هيئة المركّب. وإليك نصّ ما أفاده:
«مع استلزامه الدلالة على المعنى تارةً بملاحظة وضع نفسها، واُخرى بملاحظة وضع مفرداتها»().
وعلّق عليه اُستاذنا المحقّق بقوله: «وأمّا حديث دلالة الجملة على المعنى المقصود منها مرّتين بواسطة تعدّد فلا محذور عقليّ فيه أصلاً. نعم، إنّه خلاف الوجدان»().
والحقّ: أنّ فيه محذوراً، كما اختاره الاُستاذ الأعظم، قال: «وأمّا في مقامنا، فلو التزمنا بتعدّد الوضع، للزمنا الالتزام بعرضيّة الانتقالين، وذلك لأنّ المركّبات بما هي لو كان لها وضع، فلا محالة، كان وضعها لإفادة ما يستفاد من مجموع الهيئة والمادّة في الجملة، لعدم معنىً آخر على الفرض.
وعليه: فلزمنا الالتزام بعرضيّة الانتقالين لتحقّق كلّ من الدالّين في عرض تحقّق الآخر، وهذا مخالف للوجدان، كما هو واضح