الواجب التعييني والتخييري

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 


الواجب التعييني والتخييري


وقبل الدخول في البحث لابدّ من بيان معنى كلٍّ من التعيينيّ والتخييريّ، فنقول:
الواجب التعيينيّ: هو ما لا يجوز تركه مطلقاً، ولو إلى البدل، بل يكون متعيّناً على المكلّف بنفسه، كالصلوات اليوميّة؛ فإنّها واجبة بنفسها، ولا يجوز تركها مطلقاً، ولو مع فرض الإتيان بغيرها.
وأمّا الواجب التخييريّ: فهو ما لا يجوز تركه إلّا إلى بدل، كما في خصال الكفّارة؛ فإنّ عدم جواز ترك كلّ واحد من الأبدال مقيّد بعدم الإتيان بالآخر، وإلّا، فإنّ تركه يكون جائزاً.
وقد استشكل في هذا التعريف: بأنّه كيف يكون الواجب جائز الترك، مع استبطان الوجوب لعدم جواز الترك، ففرض جواز تركه مع وجوبه تناقض.
وقد اختار كلّ واحدٍ من العلماء طريقاً للتخلّص من هذا الإشكال.
وقد يقال: إنّ هذا الإشكال إنّما يرد في مقام الثبوت، وأمّا في مقام الإثبات فلا إشكال، ضرورة وقوعه ـ أي: الوجوب التخييريّ ـ في الشرعيّات والعرفيّات، وفي المسألة أقوال:

القول الأول:
أنّ الواجب عبارة عمّا يختاره المكلّف في مقام الامتثال، أي: فكلّ فرد من الأفراد الذي اختاره المكلّف خارجاً هو الذي يكون واجباً على المكلّف واقعاً، مثلاً: في موارد التخيير بين القصر والإتمام، لو اختار المكلّف القصر ـ مثلاً ـ فيكون القصر هو الواجب عليه، ولو عكس فبالعكس.
وهذا المذهب نظير التصويب الذي قال به بعض العامّة، والذي مفاده أنّ حكم اﷲ إنّما هو ما أفتى به المجتهد.
ويردّه:
أوّلاً: أنّه ـ في الحقيقة ـ إرجاع للواجب التخييريّ إلى التعيينيّ.
وثانياً: أنّ الوجوب لو كان تابعاً للاختيار، فمعنى ذلك: أنّه قبل الاختيار لم يكن أحدهما واجباً.
وثالثاً: أنّه مخالف لقاعدة الاشتراك في التكليف، والتي مفادها: أنّ الأحكام مشتركة بالنسبة إلى جميع المكلّفين؛ وذلك لأنّ لازم الوجوب التخييري ـ بناءً على هذا القول ـ: أنّ من اختار القصر فالواجب عليه هو القصر، ومن اختار الإتمام فالواجب عليه هو الإتمام، فيختلف التكليف باختلاف المكلّفين، فلا اشتراك.
ورابعاً: أنّه على فرض العصيان وعدم الإتيان بأحد الطرفين أو الأطراف: فإمّا أن نقول بارتفاع الوجوب، ومعناه: أنّه لا عصيان حينئذٍ في الترك، وهو غير معقول؛ لأنّ الوجوب الذي لا يترتّب على تركه العصيان غير معقول. وإمّا أن نقول ببقائه بلا متعلّق، ففيه: أنّ هذا إنّما يتمّ فيما إذا كان ما اختاره قيداً للوجوب على ما ذكره بعض المحقّقين المعاصرين من دون أن يكون قيداً للواجب، وإلّا، فإنّ العصيان حينئذٍ متحقّق.
وخامساً: أنّ هذا مخالف لظاهر دليل الوجوب التخييريّ؛ فإنّ ظاهره: أنّ كلّاً من الوجوب والتكليف يتوجّهان إلى كلّ واحدٍ واحدٍ من الأبدال على السواء، لا أنّ الوجوب يكون مختصّاً بما يختاره المكلّف.

القول الثاني:
ما اختاره المحقق النائيني: من أنّ متعلّق الإرادة في الواجب التخييريّ هو الأمر المردّد بين أمرين أو أكثر. وهناك فرق بين الإرادة التشريعيّة والتكوينيّة، فإنّ الأخيرة يمتنع أن تتعلّق بالأمر بالمبهم، بخلاف الأُولى، فإنّه لا مانع من تعلّقها به.
والسرّ في ذلك: أنّ الإرادة التكوينيّة محرّكة لعضلات المريد نحو الفعل، وتحرّك العضلات نحو المردّد غير ممكن. وأمّا الإرادة التشريعيّة: فهي بمعنى إحداث الداعي للمكلّف نحو الفعل، فكما أنّه يمكن أن تتعلّق بشيء معيّن لتوجيه المكلّف نحو إتيانه، فكذلك يمكن أن تتعلّق بأمر مردّد بين أمرين أو أكثر( ).
وبعبارة أُخرى: فإنّ الإرادة التكوينيّة، بما أنّها محرّكة لعضلات المريد نحو الفعل، فلا يُعقَل تحريكها نحو المردّد، ولا الكلّي، بل إنّما تتعلّق بالمعيّن؛ لأنّ هذه الإرادة علّة لوجود المُراد في الخارج، فلا يُعقَل فيه الإبهام.
وأمّا الإرادة التشريعيّة فحالها حال تطليق إحدى الزوجات مع عدم إرادة واحدة معيّنة منهنّ، فإنّ الإطلاق صحيح، وتعيّن المطلقة بالقرعة ـ وإن كان هذا الطلاق ـ حسب القاعدة ـ باطل؛ لأنّ القرعة إنّما تجري لأمرٍ مجهول عنده ومعلوم عند اﷲ، وهنا هو غير معلوم أصلاً، لأنّه لا واقع له، فلا تجري القرعة.
هذا إذا قلنا بأنّ أدلّة القرعة إنّما تجري فقط في أمر يكون مجهولاً عنده ومعلوماً عند اﷲ، وأمّا إذا قلنا بأنّها تجري مطلقاً فلا يكون الطلاق باطلاً ـ.
وكيف كان، فبعدما كان التشريع من الاعتباريّات، فأمره ورفعه ووضعه بيد المُعتَبر. وإذا كان كذلك، فهو تارةً يعتبره بين فعل مبهمٍ وفاعلٍ معيّن، كالواجب التخييريّ، وقد يكون بالعكس فيعتبره بين فاعلٍ مبهمٍ وفعلٍ معيّن، كالواجب الكفائيّ، وكاعتبار الملكيّة لمالكٍ مبهم، كملكيّة الزكاة للفقراء والخمس للسادة.
وبعبارة أُخرى: فإنّ الإرادة التشريعيّة كما أنّه لا مانع من تعلّقها بالكلّي بحذف جميع خصوصيّاته، أي: بالكلّي بما هو كلّيّ، بأن يكون المراد حقيقة نفس الطبيعة وغيرها من لوازم الوجود مراداً تبعاً، فإنّه يجوز أيضاً أن تتعلّق بالجزئيّ الحقيقيّ بحيث تكون لوازم الوجود مرادةً أيضاً، فيجوز أيضاً أن تتعلّق بأحد الأمرين أو الاُمور الذي له الوجوب التخييريّ.
فالفرق بين الإرادة التشريعيّة والإرادة التكوينيّة من جهات:
الجهة الاُولى: ما ذكرناه، من أنّ الإرادة التكوينيّة تكون محرّكة للعضلات نحو الفعل، وأمّا الإرادة التشريعيّة فهي من الاُمور الاعتباريّة.
والجهة الثانية: أنّ الإرادة التشريعيّة تنقسم إلى التعبّديّة والتوصّليّة، دون التكوينيّة.
والجهة الثالثة: أنّ الاُولى يجوز أن تتعلّق بالأمر المردّد والمبهم وبالكلّي، دون الثانية.
وعليه: فقياس الإرادة التشريعيّة على التكوينيّة، حتى يترتّب عليه امتناع تعلّق الإرادة التشريعيّة بالأمر المبهم في غير محلّه.
بل يمكن أن يقال تأييداً لكلامه: إنّ حال الواجب التخييريّ هو حال الإرادة المتعلّقة بصرف الوجود من الطبائع المأمور بها، فإنّه ينحلّ إلى كل فرد من تلك الطبيعة في الخارج. فكما أنّ الطبيعيّ لا وجود له في الخارج على نحو الاستقلال، فالمردّد أيضاً لا وجود له في الخارج على نحو الاستقلال. فمتعلّق الإرادة في محلّ البحث إنّما هو مفهوم (أحدهما) الذي ينطبق على كلّ واحدٍ منهما خارجاً على سبيل البدل، ويكون حاكياً عن كلّ واحد منهما، وهذا المفهوم جامع انتزاعيّ مأخوذ منهما، فيكون كلّ واحد منهما مصداقاً له.
ولكنّ ما أفاده من الفرق بين الإرادتين التشريعيّة والتكوينيّة في عدم إمكان تعلّق الإرادة التكوينيّة بالمردّد وإمكان تعلّق التشريعيّة به، فليس على ما ينبغي، بل الإرادة التشريعيّة أيضاً لا يمكن أن تتعلّق بالمردّد؛ لأنّ إرادة العبد في مقام الامتثال تابعة لإرادة المولى، بمعنى: أنّها لابدّ أن تتعلّق بنفس ما تعلّقت به إرادة المولى الآمر؛ إذ لا معنى للامتثال إلّا الإتيان بمراد المولى، وإتيان مراده بالاختيار لا يكاد يمكن إلّا أن تتعلّق إرادته بعين ما تعلّقت به إرادة المولى.
وبعبارة أُخرى: فإنّ تعلّق إرادة المولى بشيء إنّما يكون ويتحقّق لأجل أن يكون محرّكاً نحو للعبد نحو إرادة نفس ذلك الشيء الذي تعلّقت إرادته به، لا إلى شيءٍ آخر، فلابدّ وأن يكون ذلك الشيء الذي أراده المولى قابلاً لأن تتعلّق إرادة العبد به أيضاً، وذلك لا يكون إلّا إذا كان ذلك الشيء متميّزاً له، لا مبهماً مردّداً.
فثبت: أنّ كلّ ما لا يمكن أن تتعلّق به الإرادة التكوينيّة فلا يمكن أن تتعلّق به الإرادة التشريعيّة، فلا فرق بين الإرادتين من هذه الجهة.
وأمّا ما أفاده من أنّ هناك فرقاً بين الإرادتين من ناحية إمكان أن تتعلّق الإرادة التشريعيّة تتعلّق بالكلّي دون التكوينيّة.
ففيه: أنّ التكوينيّة أيضاً قد تتعلّق بالكلّي، باعتبار أنّ وجود الكلّي في الخارج لا يكون إلّا بعد تشخّصه بالخصوصيّات والعوارض المشخّصة، فتكون هذه المشخّصات متعلّقةً للإرادة بها بالعَرَض، بواسطة ملازمة وجودها لوجود الكلّي. فإذا كانت المصلحة الموجبة لتعلّق الإرادة في نفس الكلّي والطبيعة، ولم يكن للعوارض المشخّصة والخصوصيّات دخل فيه أصلاً، فلا محالة، يكون المراد بالذات هو نفس الطبيعة، وتكون تلك العوارض الملازمة لها مرادةً تبعاً، لعدم انفكاكها عن تلك الطبيعة وذلك الكلّي.
وأمّا ما ذكره من أنّ الإرادة التشريعيّة تنقسم إلى التعبّديّة والتوصّليّة دون التكوينيّة:
ففيه: أنّه تفريق بلا فارق؛ فإنّ التعبّديّة ـ كما ذكره الاُستاذ المحقّقـ ليس لوناً للإرادة حتى تكون موجبةً لتقسيم الإرادة بقسمين، حتى نقول بوجود هذا التقسيم في التشريعيّة دون التكوينيّة، بل التعبّديّة تحصل بوجود إرادتين: إحداهما: متعلّقة بنفس العمل. والثانية: بإتيانه بقصد مراديّتة بتلك الإرادة المتعلّقة بذات العمل( ).
وبعبارة أُخرى: فإنّ الخطابات التشريعيّة إن كانت مبرزة لما في نفس المولى من الحبّ والبغض، ولم يكن هناك أيّ إنشاء في البين، فلا يمكن أن يتعلّق الحبّ أو الكراهة بشيء مبهم غير معيّن. وإن كانت إنشاء، فلمّا كان الإنشاء مترتّباً على تصوّر ما فيه المفسدة أو المصلحة، فلا يُعقل تعلّق التصوّر والتصديق اللّذين يستتبعان الإنشاء بأمرٍ مبهم.
وأمّا ما نُسب إلى بعض المحقّقين( ) من كون الإرادة إنشاءً وجوبيّاً للمولى، بحيث يكون إنشاء النسبة متعلّقاً بكلّ واحد من الأبدال، لكن لا مطلقاً، بل بنحو العِدليّة المدلول عليها بكلمة (أو)، ولو لم تكن هذه الكلمة، كان كلّ واحد من الأبدال واجباً تعيينيّاً، وليس الإنشاء في شيءٍ منها مشروطاً بعدم الآخر حتى يلزم الواجب المشروط، كما هو أحد الوجوه الآتية.
لكنّ ما ذكره إنّما يتمّ بناءً على إمكان تعلّق الإرادة بشيء مبهم، وهذا مخالف لمبناه من عدم الفرق بين الإرادتين في عدم جواز تعلّقهما في المبهم، حيث أفاد في الردّ على قول المحقق النائيني بإمكان التفريق بين الإرادتين، من مساواة الإرادتين: التكوينيّة والتشريعيّة، في امتناع التعلّق بالمبهم، وعدم إمكان التفكيك بينهما في جواز تعلّق التشريعيّة بالمبهم، وعدم جواز تعلّق التكوينيّة به.

القول الثالث:
ما اختاره المحقق العراقيّ من أنّ الإرادة وإن تعلّقت بكلّ واحدٍ من الطرفين أو الأطراف، ولكنّ كلّ واحدةٍ من الإرادتين ليست إرادة تامّة، بل كلتاهما تكونان ناقصتين، بمعنى: أنّ كلّ واحدةٍ منهما لا توجب سدّ جميع أبواب عدم متعلّقها، بل تسدّ أبواب عدمه إلّا باب عدمه في ظرف وجود الطرف الآخر، فلا تحريك لهذه الإرادة في ظرف وجود الطرف الآخر. فتحريكها للمكلّف نحو الفعل ليس تحريكاً تامّاً بحيث يحرّكه نحوه في جميع الظروف والحالات، فالقول بأنّها ناقصة باعتبار نقص في تحريكها وداعويّتها في بعض الظروف والحالات، كما لو أراد المولى الصوم ـ مثلاً ـ في كلّ حال إلّا في حال وجود العتق.
فيتحصّل من هذا شيئان:
الأوّل: أنّ تعلّق الإرادة بالطرفين أو الأطراف يكون على وجه ناقص، ولازم هذا النقصان هو جواز ترك بعض الأطراف في ظرف وجود الآخر.
والثاني: أنّ تركه لجميع الأطراف موجب للإثم، لعصيانه وعدم الإتيان بما هو متعلّق الإرادة الفعليّة ( ).
ولكن يرد عليه:
أوّلاً: أنّه إذا كانت هناك إرادات متعدّدة فلا مانع من تعدّد العقاب لأنّه خالفها، ولم يمتثل الإرادات المتعدّدة، وتكون الإرادة تامّة عند ترك الجميع.
ويمكن الجواب عنه: بأنّه يمكن أن يقال بعدم العقاب إذا كانت مصلحة جميع الأطراف واحدة، إذ لم تفت إلّا مصلحة واحدة، فلا يكون إلّا عقاب واحد. وأمّا لو قلنا بتعدّد المصلحة، ولكن حيث لا يمكن تحصيل الجميع لعدم إمكان اجتماع الإرادتين معاً في عالم الوجود، لما بينها من تضادّ في الوجود، فأيضاً لم تفت إلّا مصلحة واحدة.
ثمّ لو قلنا بتعدّد المصلحة وإمكان اجتماعها، فعلى هذا الفرض: وإن فاتت مصالح متعدّدة، لكن حيث إنّ كلّها غير لازمة التحصيل، بل إيجاد إحداها كان كافياً عند المولى، بحيث ما كان يطالب بالبقيّة لو كان يأتي بإحداها، فلا يكون هناك إلّا عقاب واحد.
وثانياً: أنّه لا يمكن تصوّر النقصان في الإرادة، نعم، يمكن تأويله بضعف الشوق وتأكّده، نظير ما قال به جماعة في التفريق بين الوجوب والاستحباب.
والحقّ: أنّه لا يمكن تصوّر النقصان في الإرادة بأيّ معنى فسّرناه؛ لأنّها عبارة عن الشوق المؤكّد المحرّك للعضلات، فما لم يصل إلى هذه المرتبة فلا يصدق عليه الإرادة.
وثالثاً: لو أردنا توجيه كلامه بأن نقول: إنّ معنى كلامه هو أنّ إرادة كلّ واحد من الأطراف مقيّدة بعدم الطرف الآخر. ففيه: أنّ هذا رجوع إلى القول الأوّل.

القول الرابع:
أنّ كلّ واحدٍ من الأطراف واجب ومتعلّق للإرادة التامّة، غاية الأمر: أنّ متعلّق كلّ واحدةٍ من الإرادتين ليس واجباً مطلقاً، بل وجوب كلّ واحدٍ منهما يكون مشروطاً بعدم وجود الآخر، فلا إطلاق في وجوب كلّ واحدٍ منهما يشمل حتى الوجوب الآخر.
ولكن يرد عليه الإشكال:
أوّلاً: أنّ وجوب كلٍّ من الطرفين ـ بناءً على هذا القول ـ متأخّر عن عدم الآخر؛ لأنّ المفروض أنّه مشروط به، والمشروط متأخّر عن شرطه، وعدم كل واحدٍ منهما في رتبة وجود نفسه؛ لأنّ النقيضين في مرتبة واحدة، فالنتيجة: أن يكون وجوب كلّ واحدٍ منهما متأخّراً عن وجود الآخر، فيكون موقوفاً على وجود الآخر، والحال أنّه موقوف على عدمه، وهذا تناقض، وهو محال.
وثانياً: أنّ وجوب كلّ واحد من الأطراف ـ بناءً على هذا القول ـ يكون على نحو التعيين، لا التخيير.
وثالثاً: أنّه يستلزم تعدّد العقاب عند ترك الجميع؛ لحصول شرط وجوب الكلّ، وهو عدم وجود سائر الأطراف، فيكون الوجوب فعليّاً حينئذ بالنسبة إلى جميع الأطراف.
ورابعاً: أنّ مرجع هذا ـ كما ذكرنا سابقاً ـ إلى أمرين: أوّلهما: تعدّد العقاب، وثانيهما: عدم إمكان الجمع بين الملاكات؛ لتضادّها في عالم الوجود، بمعنى: أنّ وجود كلٍّ من الافراد يكون مانعاً من استيفاء الآخر أو الأُخر.
وخامساً: لو فُرض تعدّد الملاكات في الأطراف، فلا يمكن أن يكون الملاك في كلّ واحد من الأطراف ملاكاً تامّاً لكي نلتزم بإناطة وجود كلٍّ من الأطراف بعدم الآخر؛ لأنّ هذه الإناطة إنّما تصحّ في مورد التزاحم الاتفاقيّ، أي: في باب التزاحم، حيث يتساوى الواجبان في الملاك، ويكون الملاك في كلٍّ منهما تامّاً، فإنّنا نقول هناك بتقييد كلّ واحدٍ من الخطابين بعدم وجود متعلّق الآخر؛ لأنّ ملاك كلّ واحدٍ من الحكمين هناك تامّ، والتقييد إنّما جاء من جهة العجز وعدم القدرة، كإنقاذ الغريقين مع عدم أولويّة أحدهما ورجحانه على الآخر حيث لا يمكن تحصيل كلا الملاكين وإنقاذ كلا الشخصين؛
وذلك لأنّ فعليّة الخطاب مشروطة بأمرين:
أحدهما: كون المأمور به ذا ملاك تامّ.
والآخر: كونه مقدوراً للمكلّف.
وبانعدام كلّ واحدٍ من هذين ينعدم الخطاب، كما أنّه لو كان ذو الملاك التامّ مقدوراً في بعض الأحيان والظروف دون بعض آخر، فلا محالة يتقيّد الخطاب ويُصبح مشروطاً بتلك الحال وبذلك الظرف، كما هو الحال في باب الحكمين، ولا معنى لسقوط الخطابين رأساً بعد وجود الملاك التامّ في كلّ واحد من المتعلّقين، بل لابدّ من تقيّد الخطاب بمقدار العجز؛ لأنّ الضرورات تتقدّر بقدرها، وهذا بخلاف محلّ البحث؛ فإنّ التزاحم هنا ليس اتّفاقيّاً، بل هو تزاحم دائميّ؛ لأنّه من باب تزاحم الملاكات، فلا يمكن هنا فرض وجود ملاك تامّ في كلّ واحدٍ من الطرفين أو الأطراف؛ لابتلاء كلّ واحدٍ منها بالمزاحم، وبما أنّ العجز والتزاحم دائمان، فلا محالة: يكون أحد الملاكين، أو الملاكات، هو المؤثّر، لا جميعها.

القول الخامس:
إرجاع التخيير الشرعيّ إلى التخيير العقليّ، ويكون متعلّق الإرادة هو الجامع الانتزاعيّ؛ لما عرفت من أنّ الواحد لا يصدر إلّا من الواحد، وأنّ المتباينات بما هي متباينات لا تؤثّر في واحد بمقتضى القاعدة، فلابدّ حينئذ أن يكون بين هذه الأطراف جامع يكون بهذا الجامع مؤثّراً في هذا الغرض الواحد، فمتعلّق الوجوب في الحقيقة واحد وهو الجامع لا الأفراد، حتى يُصبح التخيير شرعيّاً.
وإذا كان المتعلّق هو الجامع، فلازمه: كون التخيير بين الأفراد عقليّاً؛ لأنّ مطلوبيّة كلّ واحدٍ معناه: مصداقيّته للجامع، فالجامع ـ إذاً ـ هو المتعلّق، دون الأفراد، فليس كلّ واحدٍ من الأفراد دخيلاً بخصوصيّته الشرعيّة في متعلّق الوجوب. نعم، تكون الخصوصيّة الفرديّة من لوازم الوجود، وهذا هو الفارق بين التخيير الشرعيّ والعقليّ.
وفيه:
أوّلاً: أنّ هذه القاعدة لا تجري إلّا في الواحد الشخصيّ البسيط من جميع الجهات، بل قد التزمنا في محلّه بعدم جريانها في الفاعل الموجَب، فضلاً عن المختار.
وعلى فرض التنزّل، فهي إنّما تتمّ في الواحد الشخصيّ، دون النوعيّ، كالاقتدار على الاستنباط الذي هو الغرض من علم الاُصول.
وثانياً: على فرض التنزّل والقبول بجريانها في المقام، فليس كلّ جامع ممّا يمكن أن يكون مورداً للتكليف، بل لابدّ وأن يكون جامعاً قريباً عرفيّاً، يعرفه المكلّف ويميّزه، حتى يكون حاله بالنسبة إلى الأطراف كحال سائر الطبائع بالنسبة إلى أصنافها وأفرادها، فيكون فعلاً اختياريّاً ينطبق على أطراف التخيير انطباق الكلّيّ الطبيعيّ على أفراده، ولا يندرج في التكليف بالمجهول. فحتى لو سلّمنا بتماميّة القاعدة، وبأنّها تجري حتى في الواحد النوعيّ، فإنّها لا تفيد هنا لإثبات مثل هذا الجامع.
وثالثاً: سلّمنا صحّة هذا القول في نفسه، إلّا أنّ لازمه: إرجاع الواجب التخييريّ إلى الواجب العقليّ، فيكون متعلّق الطلب ـ حينئذٍ ـ هو نفس الطبيعة، وهذا خلاف ظاهر الأدلّة؛ لأنّ الظاهر من مثل: (صُم) أو (أعتق) أو (أطعم) أنّ خصوصيّة كلّ واحد من الأطراف تكون مرادةً، فالإرادة ـ بناءً على ما ذكر ـ إنّما تعلّقت بالجامع والتخيير فيما بينها عقليّ، أي: أنّ العقل يخيّر المكلّف في إيجاد ذلك الجامع وتطبيقه في الخارج في ضمن هذه الخصوصيّة أو تلك، فالخصوصيّة على الثاني دخيلة في المطلوبيّة، دونها على الأوّل، وهو معنى التخيير العقليّ.

القول السادس:
أنّ متعلّق الإرادة هو العنوان الكلّيّ الانتزاعيّ، وليس هو الجامع الملاكيّ، وهو ـ مثلاً ـ مفهوم (أحدهما) أو (أحدها).
ويرد عليه:
أوّلاً: أنّ المفهوم الانتزاعيّ لا ملاك له ولا مصلحة فيه، والإرادة والطلب والوجوب إنّما تكون تابعة للملاك والمصلحة، وعليه: فلا صلاحيّة لذلك العنوان لكي يكون متعلّقاً لشيءٍ من الطلب والإرادة.
وثانياً: انّ المفهوم الانتزاعيّ لا مطابق له في الخارج؛ إذ الأطراف في الخارج ليست إلّا عبارةً عن نفس الصوم والكفّارة والعتق، لا المفهوم المردد.
وثالثاً: إذا لم يكن العنوان صالحاً لأن يكون مركباً للملاك والمصلحة، فلا يمكن للإرادة أن تتعلّق به، وحينئذٍ: فلابدّ أن يكون متعلّق الإرادة هو محكيّ ذلك العنوان، لا نفسه، ومعه: يرجع الإشكال المتقدّم، وهو أنّه كيف جاز تعلّق الإرادة بهذه الأطراف، مع أنّ الظاهر من الأدلّة الواردة بلسان: (افعل هذا أو ذاك) هو أنّ المتعلّق ليس هو المفهوم المردّد؟! بل تكون كلّ الخصال واجبةً ومتعلّقةً للإرادة.
وقد ظهر ممّا ذكرناه: عدم صحّة ما ذكره الاُستاذ الأعظم من أنّ المتعلّق هو الجامع الانتزاعيّ؛ فإنّه إذا جاز أن تتعلّق به الصفات الحقيقيّة، «فما ظنّك بالحكم الشرعيّ الذي هو أمر اعتباريّ محض؟! وقد تقدّم منّا غير مرّة: أنّ الأحكام الشرعيّة اُمور اعتباريّة، وليس لها واقع موضوعيّ ما عدا اعتبار الشارع، ومن المعلوم: أنّ الأمر الاعتباريّ كما يصحّ أن تتعلّق بالجامع الذّاتيّ، كذلك يصحّ تعلّقه بالجامع الانتزاعي، فلا مانع من اعتبار الشارع أحد الفعلين أو الأفعال في ذمّة المكلّف»( ).
وجه الفساد: أنّه غير ممكن كما مرّ، وقياسه على الجامع الذّاتيّ في غير محلّه، وكذا قياس الحكم الشرعيّ على الأمر الاعتباريّ المحض؛ لأنّ له واقعاً، غاية الأمر: أنّ واقعه هو وعاء الاعتبار.

القول السابع:
أنّ الواجب في الخارج هو كلّ واحد من الأطراف على نحو التعيين، غاية الأمر: أنّ الإتيان بأحدها يكون مسقطاً لوجوب باقي الأطراف، كما لو أنّ موضوعه بعد الإتيان بأحدها قد انتفى.
وفيه:
أوّلاً: لو كان كلّ واحد من الأطراف وافياً بغرضه، فلا وجه لوجوب كلّ واحدٍ منهما، أو منها، تعييناً مطلقاً؛ لأنّ الآمر لا يريد إلّا شيئاً واحداً، فهو في ظرف وجود أحدها لا يريد سائر الأطراف.
وثانياً: أنّه مخالف لظاهر الأدلّة؛ فإنّه يظهر من كلمة (أو) تعلّق الوجوب بكلّ واحد على نحو التخيير.
وثالثاً: لزوم تعدّد العقاب عند ترك الجميع، ومن المعلوم أنّه ليس في الواقع إلّا ملاك واحد، فتفويته لا يكون مستوجباً إلّا عقاب واحد.
ورابعاً: أنّه يرجع إلى القول الرابع، وهو وجوب كلّ واحد من الأطراف عند عدم الإتيان بالآخر؛ لأنّ الآمر لا يريد سائر الأطراف في ظرف وجود أحدها، فلا محالة: تتقيّد الإرادة في كلّ واحد منها بعدم وجود الطرف الآخر.
ولكن قد يمكن التفريق بين القولين: بأنّه ـ على هذا القول ـ فعند وجود أحد الأطراف تكون بقيّة الأطراف أيضاً واجبة، ولا يسقط الواجب عن بقيّة الأطراف إلّا من جهة عدم بقاء الموضوع، وبهذا يُفَرّق بين هذا القول وبين القول الرابع.

القول الثامن:
أنّ الواجب هو المعيّن عند اﷲ وفي علمه عزّ وجلّ، وإنّما الجهل والترديد حصل عندنا.
وفيه:
أوّلاً: أنّه خلاف ظاهر الأدلّة؛ فإنّ ظاهر الأدلّة هو أنّ الوجوب متعلّق بكلّ واحدٍ من الأطراف، لكن على نحو الترديد، لا كما يقتضيه هذا القول من وجوب كلّ واحدٍ منها على نحو التحديد.
وثانياً: أنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد، وإرادة اﷲ تعالى لا تتعلّق إلّا بشيءٍ يكون فيه المصلحة، وهذه المصلحة: إمّا أن تكون موجودة في أحد الأطراف، وإمّا أن تكون موجودة في جميعها.
فإن كانت موجودة في أحدها المعيّن، فالواجب هو ذاك المعيّن، ولا معنى للترديد.
وإن كانت موجودة وتامّة في سائر الأطراف أيضاً، فلابدّ ـ حينئذٍ ـ من الإتيان بالجميع؛ لفرض إيجاب الجميع، وإلّا، للزم كفّ الفيض من مستحقّه.
وأمّا لو لم يكن فيها تامّاً، فكيف يسقط الواجب بالإتيان بها؟! ويلزم من هذا ـ أيضاً ـ تفويت الواجب التامّ الملاك بلا موجب ولا مبرر.
ولو كان في كلّ واحدٍ منها تامّاً، ولكن كان كلّ واحدٍ منها مغنياً وكافياً ووافياً بالغرض فلا وجه للقول بأنّ أحدهما المعيّن يكون واجباً، بل يكون كلّ واحد منها حينئذٍ واجباً في ظرف عدم وجود الآخر.
نعم، هذا يتمّ بالنسبة إلى العلم الإجماليّ، حيث إنّه يكون مردّداً في مقام الإثبات ومعلوماً في مقام الثبوت، ولا يتمّ في المقام؛ لأنّه لا معنى لصدور الخطاب على نحو الترديد.
مع أنّه لو فُرِض أنّ المقام مقام العلم الإجماليّ، فلابدّ حينئذٍ من الإتيان بجميع الأطراف حتى يُعلم بحصول الواجب الواقعي.
إلّا أن يقال: إنّ سقوط الواجب بواسطة الإتيان بأحد الأطراف إذا كان من جهة استيفاء الغرض وحصول الملاك، فلا يجب الإتيان ببقيّة الأطراف حينئذٍ.

القول التاسع:
أنّ الواجب هو المجموع من حيث المجموع، ولكنّ الواجب يسقط بالإتيان بالبعض.
وفيه:
أوّلاً: أنّه على خلاف الظاهر من الأدلّة.
وثانياً: إنّ معنى القول بأنّ الواجب هو المجموع من حيث المجموع: أنّ كل واحد من الأطراف يكون دخيلاً وجزءاً للمأمور به، ومعه: فكيف يمكن الاكتفاء ببعضها؟!
وثالثاً: بما أنّ الاجتماع قيد زائد، فلو شككنا بأنّه قيد للمتعلّق أم لا؟ يمكن دفعه بالأصل.

القول العاشر:
أنّ متعلّق الوجوب هو الجامع الأصيل بحيث يكون الغرض قائماً به.
وفيه:
أوّلاً: أنّه لا يمكن تصوير جامع حقيقيٍّ بين الاُمور المتباينة.
وثانياً: سلّمنا إمكان تصوير الجامع الحقيقي، إلّا أنّ لازم هذا القول: أن يكون الملاك موجوداً في نفس هذا الجامع، لا في الأفراد، مع أنّ الملاك يكون دائماً في الأفراد، وأمّا الجامع إنّما هو بمنزلة القنطرة للوصول إلى الأفراد.
وثالثاً: أنّ نتيجة القبول بهذا القول هي: الإرجاع إلى التخيير العقليّ، وإنكار التخيير الشرعيّ.
ورابعاً: أنّه على فرض التنزّل، فلابدّ أن يكون الجامع قابلاً للإلقاء إلى المخاطب، بحيث يكون مميّزاً، وهذا ما لا يمكن تصويره هنا؛ فإنّ الفرد المردّد ليس مميّزاً، وإذا لم يكن مميّزاً في الخارج فلا يمكن معرفته لكي يرِد الأمر عليه.
وإذا عرفت هذا:
فالإشكال المزبور وارد على جميع هذه التعاريف والأقوال، والأقلّ إشكالاً بينها إنّما هو القول السابع.
ومع ذلك، فإنّ البحث عن إمكان الوجوب التخييري لا يكاد يكون مفيداً بعد التسليم بوقوعه في الخارج، فلا فائدة لهذا البحث إلّا الفائدة العلميّة، وليس له من أثرٍ عمليّ؛ فإنّ عدم معرفة الواجب المردّد غير مضرٍّ بعد وقوعه في الشرعيّات والعُرفيّات.

تكملة:
لو شكّ في الواجب أنّه تعيينيّ أو تخييريّ، فالأصل أن يكون تعيينيّاً لا تخييريّاً؛ لاحتياج التخييريّ إلى مؤونةٍ زائدة، والأصل عدمها.

الكلام في التخيير بين الأقلّ والأكثر
ويقع البحث فيه تارةً في الأقلّ والأكثر المأخوذين (بشرط لا)، وأُخرى في الأقلّ والأكثر المأخوذين (لا بشرط).
وأيضاً: فتارةً يقع البحث في الاُمور التدريجيّة، وأُخرى في الاُمور الدفعيّة.
والتخيير: تارةً: يكون عقليّاً، كما في صورة وحدة الغرض وكون متعلّق الوجوب هو الجامع بين الفعلين.
وأُخرى: يكون شرعيّاً، كما في صورة تعدّد الملاك.
ولا يخفى: أنّ المُراد ومحلّ البحث هنا هو التخيير الشرعيّ فقط.
وأمّا التخيير العقليّ فإمكانه في غاية الوضوح، خصوصاً فيما يُوجد دفعةً لا تدريجاً.
وكذا لا مانع من التخيير الشرعيّ أيضاً، فيما إذا كان الأقلّ بشرط لا وبين الأكثر، كالتخيير بين القصر والإتمام في أماكن التخيير، لكنّه ـ في الحقيقة ـ يرجع إلى التخيير بين المتباينين، ويخرج عن التخيير بين الأقلّ والأكثر؛ لأنّ الشيء مأخوذاً (بشرط لا) مباين للشيء مأخوذاً (بشرط شيء).
وأمّا التخيير بين الأقلّ لا بشرط عن الزيادة وبين الأكثر تخييراً شرعيّاً، فلا يخلو من إشكال؛ لأنّه في التدريجيّات يحصل الغرض والواجب دائماً قبل الأكثر، خصوصاً في التدريجيّات التي أجزاؤها وأبعاضها منفصلة بعضها عن بعض، فينكشف بذلك: أنّ الواجب هو الأقلّ، ويسقط الأكثر ولا يتّصف بالوجوب حينئذٍ؛ لأنّ الوجوب تابع لما في متعلّقه من الغرض، فإذا فرض حصوله بالإتيان بالأقلّ يسقط الأمر، فلا يبقى وجه لوجوب الباقي.
هذا في التدريجيّات.
وأمّا في الدفعيّات: فيمكن أن يقال بإمكان التخيير بين الأقلّ والأكثر، كما إذا كان هناك مصلحتان: مصلحة قائمة بالأقلّ، ومصلحة قائمة بالأكثر، وكان كلّ واحد من الغرضين والمصلحتين وافياً بغرض الآمر، فلا محالة: يتعلّق الأمر بما فيه الغرض، وهكذا الإرادة فهي تتعلّق بكلّ منهما.
وأمّا القول بعدم الإمكان ـ بدعوى: «أنّه لا يجوز ترك الزائد على الأقلّ إلّا إلى بدل»( ) ـ فغير تامّ؛ لأنّ هذه القاعدة لا تجري بالنسبة إلى الأجزاء التي يدور أمرها بين الأقلّ والأكثر.
نعم، من خواصّ الواجب التخييريّ هو عدم جواز ترك مجموع الواجب إلّا إلى البدل.
وبعبارة أُخرى: فإذا وُجد الأكثر دفعةً، بحيث لا يكون للأقلّ في ضمنه وجود مستقلّ، كالخطّ الطويل إذا تحقّق دفعةً؛ فإنّه ليس للأقلّ الذي في ضمنه وجود مستقلّ، فيمكن التخيير.
وأمّا إذا كان للأقلّ وجود مستقلّ، ولو في ضمن الأكثر، كالتسبيحة، فلا تخيير هناك بعدما كان الأقلّ ـ إذا أتى به ـ وافياً للغرض.