قاعدة القرعة

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

قاعدة القرعة


وأمّا بالنسبة إلى قاعدة القرعة فالاستصحاب مقدّم عليها.
ولابدّ هنا من البحث في أنّ هذه القاعدة هل تجري مطلقاً، أم أنّها لا تجري إلّا في موارد خاصّة، وحينئذٍ: فما هي الموارد التي أجراها فيها الأصحاب؟
وقد استدلّ لهذه القاعدة بأدلّة عدّة:
منها: آيات من الكتاب العزيز، كقوله تعالى: ﴿وَمَا كُـنتَ لَدَيـْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيـُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾( )، وقوله: ﴿فَسَاهَمَ فــَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ﴾( ).
ومنها: بعض الأخبار الواردة عن العترة الطاهرة، كخبر دعائم الإسلام عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد اﷲ: أنّهم أوجبوا الحكم بالقرعة فيما أشكل( ).
ورواية محمّد بن حكيم، قال: سألت أبا الحسن عن شيء، فقال لي: كلّ مجهول ففيه القرعة، قلت له: إنّ القرعة تخطئ وتصيب، قال: كلّ ما حكم اﷲ به فليس بمخطئ( ).
وغير ذلك من الأخبار والروايات.
ومن هنا اشتهر بين الأصحاب: القرعة لكلّ أمر مشكل( )، أو القرعة لكلّ أمرٍ مجهول( ).
ومنها: الإجماع.
قال الاُستاذ المحقّق: <فالظاهر أنّه أحد من الإماميّة الاثني عشريّة ما ادّعى عدم اعتباره بنحو السلب الكلّيّ، فهذا الشهيد في كتابه (القواعد) في باب التعادل والتراجيح من مقدّمته في اشتباه القبلة يقول: ذهب السيّد رضيّ الدين بن طاووس هنا إلى الرجوع إلى القرعة، استضعافاً لمستند وجوب الصلاة إلى أربع، وهو حسن، إلى أن يقول: فيرجع إلى القرعة الواردة لكل أمر مشتبه>( ).
وقال ابن إدريس في كتاب القضاء من السرائر:
<وإذا ولد مولود ليس له ما للرجال، ولا ما للنساء، أُقرع عليه، فإن خرج سهم الرجال أُلحق بهم، وورث ميراثهم، وإن خرج سهم النساء أُلحق بهنّ، وورث ميراثهنّ، وكل أمر مشكل مجهول يشتبه الحكم فيه فينبغي أن يستعمل فيه القرعة؛ لما روي عن الأئمّة الأطهار( وتواترت به الآثار، وأجمعت عليه الشيعة الإماميّة> انتهى( ).
وقال المحقّق النراقيّ في المقام:
<وأمّا الإجماع، فثبوته في مشروعيّة القرعة وكونها مرجعاً للتميّز والمعرفة في الجملة ممّا لا شكّ فيه ولا شبهة تعتريه، كما يظهر لكلّ من تتبّع كلمات المتقدّمين والمتأخّرين في كثير من أبواب الفقه، فإنّهم يراهم مجتمعين على العمل بها، وبناء الأمر عليها طرّاً>( ).
وقال المحقّق الآشتياني ما لفظه:
<أمّا أصل مشروعيّة القرعة فهو ممّا لا خلاف فيه بين المسلمين، بل إجماعهم عليه بحيث لا يرتاب فيه ذو مسكة، ويكفي في القطع بتحقّق الإجماع ملاحظة الإجماعات المتواترة المنقولة في ذلك من زمان الشيخين إلى زماننا هذا، كما هو واضح لمن راجع كلماتهم، بل يمكن دعوى الضرورة الفقهائيّة عليه>( ).
ولكن قد عرفت ـ مضافاً إلى أنّها إجماعات منقولة ـ فهي مظنونة، بل مقطوعة المدركيّة، ومدركها إنّما هو الآيات والروايات الواردة في هذا الباب.
وأمّا مفاد هذه القاعدة وحدودها:
فالكلام يقع فيه في اُمور:
1ـ فهل تقع القرعة مطلقاً فيما كان له واقع معيّن في الواقع وعالم الثبوت، أو لا تقع إلّا فيما لم يكن له واقع معيّن في عالم الثبوت، كما إذا قلت: إحدى زوجاتي طالق، أو أحد عبيدي حرّ؟
2ـ هل هي مختصّة بالشبهات الموضوعيّة أم تشمل الحكميّة أيضاً؟
3ـ هل هي مختصّة بصورة المنازعة أم لا، بل تشمل موارد لا نزاع فيها ولا قضاء؟
قال اُستاذنا المحقّق: <العناوين العامّة الواردة في أدلّة القرعة أربعة: عنوان المجهول، وعنوان المشتبه، وعنوان المشكل، وعنوان الملتبس... والأوّلان، أي: عنوان المجهول والمشتبه، ولو كان لهما عموم بحسب المفهوم بحيث إنّ مفهوميهما يشمل الشبهة بصورها الأربع: الحكميّة والموضوعيّة، سواء كانتا بدويّة أو مقرونة بالعلم الإجماليّ.
ولكنّ التتبّع في موارد تلك الروايات والتأمّل فيها والعلّة التي ذكرها الإمام ـ وهو قوله: (فأيّ قضيّة أعدل من القرعة إذا فوّضوا أمرهم إلى اﷲ) ـ يوجب الاطمئنان بأنّ المراد من هذه العناوين الأربعة هو المجهول والمشتبه الذي في الشبهة الموضوعيّة المقرونة بالعلم الإجماليّ إذا كان من المشكلات والمعضلات التي لا طريق إلى إثباتها، وكان الاحتياط إمّا ليس بممكن، أو يوجب العسر والحرج، أو نعلم بأنّ الشارع ما أوجب الاحتياط فيها، ففي مثل هذا المورد شرّع القرعة.
ولا فرق بين أن يكون المشتبه من حقوق اﷲ أو من حقوق الناس، ولا بين أن يكون له واقع معيّن في عالم الثبوت والقرعة واسطة ودليلاً في عالم الإثبات، أو لم يكن له واقع معيّن في عالم الثبوت والقرعة واسطة في الثبوت، كما في قوله: إحدى زوجاتي طالق، أو أحد عبيدي حرّ، بناءً على صحّة مثل هذا الطلاق، ومثل هذا العتق>( ).
والحقّ: هو ما ذهب إليه، من عدم شمولها للحكميّة، حيث اختصّ العمل عند العقلاء والعرف بالشبهة الموضوعيّة. كما أنّ الحقّ معه في جريان القاعدة بلا فرق بين ما إذا كان الشيء له واقع معيّن في عالم الثبوت أم لم يكن.
وأيضاً: فهي عامّة وغير مختصّة بباب المنازعات وباب الحقوق والقضاء، وإن تخيّل البعض أنّها لكونه من مدارك القضاء الشرعيّ تكون كذلك. ومن هنا نرى أنّ هذه القاعدة تجري في مثل الغنم الموطوء المشتبه في قطيع الغنم، وإن كان مقتضى القاعدة في باب العلم الإجماليّ هو لابدّيّة الاجتناب عن الكلّ، ووجوب الموافقة القطعيّة.
ولكن لو قلنا هنا بالاحتياط، فإنّه يكون سبباً لتضييع المال الكثير الذي هو غير متحمّل عادةً، وبعد فرض عدم إمكان تعيين الموطوء، كذا لا يمكن الحكم بحرمة لحم الجميع، وما يترتّب على ذلك، كوجوب إحراق الجميع، فكان ذلك داعياً للشارع لتشريع القرعة، بعدما كان الاحتياط مشكلاً جدّاً.
فإن قلت: إذا لم يكن مختصّاً بباب القضاء، فلماذا ذكروها هناك؟
قلنا: بما أنّ أكثر مواردها في باب المنازعات والحقوق فلأجل ذلك ذكروها هناك، وهذا لا يدلّ على اختصاصها بذلك الباب. وقد عرفت جريانها في مثل اشتباه الموطوءة بغيرها، مع أنّه ليس من باب المنازعات.
والحاصل: أنّ مورد القرعة إنّما هو الشبهة الموضوعيّة المقرونة بالعلم الإجماليّ، التي يكون الاحتياط فيها غير ممكن، أو غير جائز، وإن كان ممكناً، أو غير واجب، وليس هناك من أصل أو أمارة موافقة للمعلوم بالإجمال كي يكون موجباً لانحلاله، مع عدم إمكان تعيّن المشتبه.
وإذا عرفت ذلك، فهل هي مقدّمة على الاستصحاب أم لا؟
إن كانت من الأمارات كما هو ظاهر كثير من الروايات، كما روي عنه أنّه قال: <ليس من قوم تنازعوا، ثمّ فوّضوا أمرهم إلى اﷲ، إلّا خرج سهم المحقّ>( )، وقوله <كلّما حكم اﷲ به فليس بمخطئ>( )، فتكون ـ حينئذٍ ـ مقدّمة على الاستصحاب، شأنها في ذلك شأن سائر الأمارات. هذا إذا قلنا بأنّه تقع المعارضة بينها وبين الاستصحاب.
ولكنّ الظاهر: عدم وقوع المعارضة بينهما أصلاً؛ لأنّ قاعدة القرعة لا تجري في مورد الشبهة الحكميّة البدويّة، ولا الشبهة الحكميّة المقرونة بالعلم الإجماليّ، ولا الموضوعيّة البدويّة. وإنّما يختصّ جريانها ـ كما عرفنا ـ بالشبهة الموضوعيّة المقرونة بالعلم الإجماليّ، وهي وإن كانت ممّا يجري فيها الاستصحاب في حدّ ذاتها، إلّا أنّه غالباً يسقط فيها بالمعارضة.
وأمّا إن قلنا بأنّ القرعة من الاُصول، فبما أنّها من أضعف الاُصول، فيتقدّم عليها الاستصحاب؛ لأنّ تشريعها إنّما يكون في مورد لا حيلة فيه ولا علاج؛ لحلّ المشكل والملتبس، ومن هنا قيّدنا موردها بما إذا لم يكن الاحتياط ممكناً أو جائزاً أو واجباً.
بل حتى بناءً على أماريّة قاعدة القرعة، يمكن القول بتقديم الاستصحاب عليها، فإنّه وإن كنّا نقول بأنّ الأمارات واردة أو حاكمة على الاُصول، إلّا أنّ ذلك إنّما يتمّ بعد تحقّق موضوع الأمارة، وأمّا إذا كان الأصل، كما هو الحال هنا، رافعاً لموضوع التعبّد بها، فلا، وفيما نحن فيه، فالاستصحاب ـ على تقدير عدم سقوطه بالمعارضة ـ يكون رافعاً لموضوع القرعة، وهو كون الأمر مشكلاً ومعضلاً.


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com