شرائط الذمة _ المهادنة

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

(مسألة 79): من شرائط الذمة ان يقبل اهل الكتاب اعطاء الجزية لولي الامر على الكيفية المذكورة، فانه مضافاً الى التسالم بين الاصحاب يدل عليه الكتاب والسنة
ومنها: ان لايرتكبوا ما ينافي الامان كالعزم على حرب المسلمين وامداد المشركين في الحرب وما شاكل ذلك وهذا الشرط ليس من الشروط الخارجية بل هو داخل في مفهوم الذمة فلا يحتاج اثباته الى دليل آخر .
(مسألة 80): المشهور بين الاصحاب ان التجاهر بالمنكرات كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير والربا والنكاح بالاخوات وبنات الاخ وبنات الاخت وغيرها من المحرمات  كالزنا واللواط ونحوهما يوجب نقض عقد الذمة.
ومن هذا القبيل عدم احداث الكنائس والبيع وضرب الناقوس وما شاكل ذلك مما يوجب اعلان اديانهم وترويجها بين المسلمين هذا فيما اذا اشترط عدم التجاهر بتلك المحرمات والمنكرات في ضمن عقد الذمة واضح.
واما اذا لم يشترط عدم التجاهر بها في ضمن العقد المزبور فهل التجاهر بها يوجب النقض ؟ فيه وجهان، فعن العلامة في التذكرة والتحرير والمنتهى الوجه الثاني، ولكن الاظهر هو الوجه الاول وذلك لصحيحة زرارة فقد روي عن ابي عبد الله عليه السلام قال : (ان رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الجزية من أهل الذمة على ان لايأكلوا الربا ولا يأكلوا لحم الخنزير ولا ينكحوا الاخوات ولا بنات الاخ ولا بنات الاخت، فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة الله وذمة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال : (وليس لهم اليوم ذمة)(1).
فان مقتضى ذيل الصحيحة وهو قوله عليه السلام: (ليس لهم اليوم ذمة) هو أن التجاهر بها يوجب نقض الذمة وانتهاءها وانها لاتنسجم معه وبما ان اهل الكتاب كانوا في زمان الخلفاء متجاهرين بالمنكرات المزبورة فلاجل ذلك نفى عنهم الذمة.
واما غير ذلك كارتفاع جدارنهم على جدران المسلمين وعدم تميزهم في اللباس والشعر والركوب والكنى والالقاب ونحو ذلك مما لاينافي مصلحة عامة للاسلام او المسلمين فلا دليل على انه يوجب نقض الذمة.
نعم لولي الامر اشتراط ذلك في ضمن العقد اذا رأى فيه مصلحة .
(مسألة 81): يشترط على أهل الذمة ان لايربوا اولادهم على الاعتناق باديانهم ـ كاليهودية او النصرانية او المجوسية او نحوها ـ بأن يمنعوا من الحضور في مجالس المسلمين ومراكز تبليغهم والاختلاط مع اولادهم ، بل عليهم تخلية سبيلهم في اختيار الطريقة وبطبيعة الحال انهم يختارون الطريقة الموافقة للفطرة وهي الطريقة الاسلامية وقد دلت على ذلك صحيحة فضيل بن عثمان الاعور عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال : (ما من مولود يولد الا على الفطرة فأبواه اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه وانما اعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذمة وقبل الجزية عن رؤوس اولئك باعيانهم على أن لا يهودوا أولادهم ولا ينصروا واما أولاد اهل الذمة اليوم فلا ذمة لهم)(2).
(مسألة 82): اذا أخل اهل الكتاب بشرائط الذمة بعد قبولها خرجوا منها وعندئذ هل على ولي الامر ردهم الى مامنهم أوله قتلهم او استرقاقهم؟ فيه قولان: الاقوى هو الثاني حيث انه لا أمان لهم بعد خروجهم عن الذمة، ويدل على ذلك قوله عليه السلام في ذيل صحيحة زرارة المتقدمة آنفاً : فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فان ظاهر البراءة هو أنه لا أمان له، ومن الظاهر أن لزوم الرد الى مأمنه نوع أمان له.
فاذن على ولي الامر ان يدعوهم الى الاعتناق بالاسلام فان قبلوا فهو ، والا فالوظيفة التخيير بين قتلهم وسبى نسائهم وذراريهم وبين استرقاقهم أيضاً.
(مسألة 83): اذا أسلم الذمي بعد اخلاله بشرط من شرائط الذمة سقط عنه القتل والاسترقاق ونحوهما مما هو ثابت حال كفره، نعم لا يسقط عنه القود والحد ونحوهما مما ثبت علىذمته، حيث لايختص ثبوته بكونه كافراً وكذا لاترتفع رقبته بالاسلام اذا أسلم بعد الاسترقاق.
(مسألة 84): يكره الابتداء بالسلام على الذمي وهو مقتضى الجمع بين صحيحة غياث بن أبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام لاتبدؤا اهل الكتاب بالتسليم ، واذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم)(3).
وصحيحة أبن الحجاج قال: قلت لابي الحسن عليه السلام أرأيت ان احتجت الى طبيب وهو نصراني أسلم عليه وادعو له ؟ قال نعم أنه لاينفعه دعاؤك)(4). فان مورد الصحية الثانية وان كان فرض الحاجة الا ان الحاجة انما هي في المراجعة الى الطبيب النصراني لا في السلام عليه اذ يمكن التحية له بغير لفظ السلام مما هو متعارف عنده، على أن التعليل في ذيل الصحيحة شاهدعلى أنه لا مانع منه مطلقاً حيث أن الدعاء لا يفيده.
واما اذا ابتدأ الذمي بالسلام على المسلم فالاحوط وجوب الرد عليه بصيغة عليك او عليكم او بصيغة (سلام) فقط.
(مسألة 85): لايجوز لاهل الذمة احداث الكنائس والبيع والصوامع وبيوت النيران في بلاد الاسلام، واذا احدثوها خرجوا عن الذمة فلا أمان لهم بعد ذلك.
هذا اذا اشترط عدم احداثها في ضمن العقد ، واما اذا لم يشترط لم يخرجوا منها ولكن لولي الامر هدمها اذا رأى فيه مصلحة ملزمة.
واما اذا كانت هذه الامور موجودة قبل الفتح فحينئذ ان كان ابقاؤها منافياً لمظاهر الاسلام وشوكته فعلى ولي الامر هدمها وازالتها ، والا فلا مانع من اقرارهم عليها، كما ان عليهم هدمها اذا اشترط في ضمن العقد.
(مسألة 86): المشهور أنه لا يجوز للذمي ان يعلو بما استجده من المساكن على المسلمين وعن المسالك انه موضع وفاق بين المسلمين ولكن دليله غير ظاهر فان تم الاجماع والا فالامر راجع الى ولي الامر .
نعم اذا كان في ذلك مذلة للمسلمين وعزة للذمي لم يجز.
(مسألة 87): المعروف بين الاصحاب عدم جواز دخول الكفار اجمع في المساجد كلها، ولكن اتمام ذلك بدليل مشكل الا اذا أوجب دخولهم الهتك فيها أو تلوثها بالنجاسة.
نعم لايجوز دخول المشركين خاصة في المسجد الحرام جزماً.
(مسألة 88): المشهور بين الفقهاء ان على المسلمين ان يخرجوا الكفار من الحجاز ولا يسكونها فيه ولكن اتمامه بالدليل مشكل.
المهادنة
(مسألة 89): يجوز المهادنة مع الكفار المحاربين اذا اقتضتها المصلحة للاسلام او المسلمين ولا فرق في ذلك بين ان تكون مع العوض او بدونه بل لا بأس بها مع اعطاء ولي الامر العوض لهم اذا كانت فيه مصلحة عامة.
نعم اذا كان المسلمون في مكان القوة والكفار في مكان الضعف بحيث يعلم الغلبة عليهم لم تجز المهادنة.
(مسألة 90): عقد الهدنة بيد ولي الامر حسب ما يراه فيه من المصلحة، وعلى هذا فبطبيعة الحال يكون مدته من حيث القلة والكثرة بيده حسب ما تقتضيه المصلحة العامة.
ولا فرق في ذلك بين أن تكون مدته اربعة اشهر أو أقل أو أكثر، بل يجوز جعلها اكثر من سنة اذا كانت فيه مصلحة واما ما هو المشهور بين الفقهاءمن انه لايجوز جعل المدة اكثر من سنة فلا يمكن اتمامه بدليل.
(مسألة 91): يجوز لولي الامر ان يشترط مع الكفار في ضمن العقد أمراً سائغاً ومشروعاً كارجاع اسارى المسلمين وما شاكل ذلك ، ولا يجوز اشتراط امر غير سائغ كإرجاع النساء المسلمات الى دار الكفر وما شابه ذلك.
(مسألة 92): اذا هاجرت النساء الى دار الاسلام في زمان الهدنة وتحقق اسلامهن لم يجز ارجاعهن الى دار الكفر بلا فرق بين أن يكون اسلامهن قبل الهجرة او بعدها.
نعم يجب اعطاء ازواجهن ما انفقوا من المهور عليهنّ.
(مسألة 93): لو ارتدت المرأة المسلمة بعد الهجرة من دار الكفر الى دار الاسلام لم ترجع الى دار الكفر ويجري عليها حكم المسلمة المرتدة في دار الاسلام ابتداء من الحبس والضرب في اوقات الصلاة حتى تتوب او تموت.
(مسألة 94): اذا ماتت المرأة المسلمة المهاجرة بعد مطالبة زوجها المهر منها وجب رده اليه ان كان حياً والى ورثته ان كان ميتاً.
واما اذا كانت المطالبة بعد موت الزوجة فالظاهر عدم وجوب رده اليه، لان ظاهر الآية الكريمة هو أن رد المهر انما  هو عوض رد الزوجة بعد مطالبة الزوج اياها، واذا ماتت انتفى الموضوع.
كما انه لو طلقها بائناً بعد الهجرة لم يستحق المطالبة على اساس ان ظاهر الاية هو أنه لايجوز ارجاع المراة المزبورة بعد المطالبة وانما يجب ارجاع المهر اليه بدلاً عن ردها، فاذا طلقها بائنا فقد انقطعت علاقته عنها نهائياً فليس له حق المطالبة بارجاعها حينئذ.
هذا بخلاف ما اذا طلقها رجعياً حيث ان له حق المطالبة بارجاعها في العدة باعتبار انها زوجة له ، فاذا طالب فيها وجب رد مهرها اليه.
(مسألة 95): اذا اسلمت زوجة الكافر بانت منه ووجبت عليها العدة اذا كانت مدخولاً بها، فاذا اسلم الزوج وهي في العدة كان أحق بها وتدل على ذلك عدة من الروايات منها معتبرة السكوني عن جعفر  بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام أن أمرأة مجوسية اسلمت قبل زوجها قال عليّ عليه السلام : (اتسلم) قال لا ففرق بينهما ثم قال: (ان اسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك ، وان انقضت عدتها قبل ان تسلم ثم اسلمت فانت خاطب من الخطاب)(5).
وفي حكمها ما اذا اسلمت في عدتها من الطلاق الرجعي، فاذا اسلم الزوج بعد اسلام زوجته المهاجرة في عدتها من طلاقها طلاقاً رجعياً كان أحق بها ووجب عليه رد مهرها ان كان قد اخذه.
واما اذا اسلم بعد انقضاء العدة فليس له حق الرجوع بها فانه ـ مضافاً الى انه مقتضى القاعدة ـ تدل عليه ردُُُُ معتبرة السكوني وغيرها .
(مسألة 96): اذا هاجر الرجل الى دار الاسلام واسلموا في زمان الهدنة لم يجز ارجاعهم الى دار الكفر لان عقد الهدنة لايقتضي ازيد من الامان على انفسهم واعراضهم واموالهم ما داموا على كفرهم في دار الاسلام ثم يرجعوهم الى مأمنهم .
واما اذا اسلموا فيصبحون محقوني الدم والمال بسبب اعتناقهم بالاسلام وحينئذ خرجوا عن موضوع عقد الهدنة فلا يجوز ارجاعهم الى موطنهم بمقتضى العقد المذكور . هذا لم يشترط في ضمن العقد اعادة الرجال ، وأما اذا اشترط ذلك في ضمن العقد فحينئذ ان كانوا متمكنين بعد اعادتهم الى موطنهم من اقامة شعائر الاسلام والعمل بوضائفهم الدينية بدون خوف فيجب الوفاء بالشرط المذكور والا فالشرط باطل.
(مسألة 97): اذا هاجر نساء الحربيين من دار الكفر الى دار الاسلام واسلمت لم يجب ارجاع مهورهن الى ازواجهن ، لاختصاص الاية الكريمة الدالة على هذا الحكم بنساء الكفار المعاهدين بقرينة قوله تعالى : (واسئلوا ما انفقتم وليسئلوا ما انفقوا)(6) باعتبار ان السؤال لا يمكن عادة الا من هؤلاء الكفار على ان الحكم على القاعدة.
والحمد لله أوّلاً وآخراً.
(1) الوسائل ج11 باب 48 من جهاد العدو ، الحديث1.
(2) الوسائل ج11 باب 48 من جهاد العدو ، الحديث3.
(3) الوسائل ج8 باب 49 من احكام العشرة ، الحديث1.
(4) الوسائل ج8 باب 53 من احكام العشرة ، الحديث1.
(5) التهذيب ج7 صفحة 301، الحديث 1257.
(6) سورة الممتحنة: 10