المقدمة

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

(إنّ هذا القُرآنَ يَهدْي للَّتي هي أقْوَمُ ويُبشِّرُ المُؤْمِنينَ الَّذين يَعْملُونَ الصالِحَاتِ أنَّ لَهُمْ آجْراً كَبيراً) ([1]).

الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على خير خلقه وأشرف بريته محمّد وعلى آله الحجج الميامين.

وبعد، فانّ القرآن هو الوحي المنزل من عند الله تبارك وتعالى على الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو آخر كتاب سماوي نَزُولاً. ولم تُعْنَ أي أمة من الأمم في العالم بكتاب سماوي عناية الأمة الاسلامية بالقرآن، وهو الطريق الفريد الذي يتكفّل بسعادت البشر وإسعادهم وإصلاحهم.
إنّ القرآن هو المعجزة الخالدة الذي يتحدّى البشر لا في عصر نزوله فحسب بل في كلّ عصر، إلى قيام الساعة على أن يأتوا بمثله أو بسورة منه، فعجزت البشرية وستبقى عاجزة إلى الأبد عن الاتيان بمثل ذلك فهو مرجع لكل العلوم، وفيه القصص والمواعظ والأخبار عن المستقبل وأحكام الكون والنظام الرفيع للشريعة الاسلامية. ولو أنه كتاب هداية وارشاد، ولكن مع ذلك ترى أنه لم يخل من التعبيرات الدقيقة والاشارات الى حقائق كثيرة في المسائل الطبية والطبيعية والجغرافية وغيرها. مما يدل على إعجازه، مع أنّه حينما نزل هذا القرآن لم تكن تلك العلوم موجودة، وكان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجزيرة، التي كانت بعيدة عن المحيط العلمي الموجود في الشام وإيران والاسكندرية وأثينا والروم.
فإنّ النظرية العلمية التي أشاد بها القرآن لم تكن معلومة في عصره ـ فتراه في آية يعبّر عن وحدة الكون ـ طبقاً لما وصل إليه العلم الحديث ـ قال تعالى ـ : (أوَلمْ يَرَ الذينَ كفروا أنّ السمواتِ والأرضَ كانتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الماءِ كُلَّ شَيء حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) ([2]).
وفي أخرى عن نشأة هذا الكون (قل أئنّكُمْ لَتَكْفرونَ بالذي خَلَقَ الأرضَ في يومَينِ وتجعلونَ لهُ أنداداً ذلكَ ربُّ العالمينَ وجَعَلَ فيها رَواسِيَ مِن فَوْقِها وبَارَكَ فيها وَقَدَّرَ فيها أقواتَها في أربعةِ أيام سَواءً للسائلينَ ثم استوى إلى السماءِ وهي دُخَانٌ فقالَ لَها وللأرض ائتِيا طَوْعاً أو كَرْهاً قَالَتا أتَيْنا طائِعِيْن) ([3])، وقد يتكلّم عن تمدد الكون وسعته (والسماءَ بَنَيْنها بِأَيْد وإِنّا لَمُوْسِعون) ([4])، وثالثة يتكلّم عن تحرك الشمس والقمر والأرض (وَهُوَ الّذِي خَلَقَ الَّيْلَ والنَّهارَ وَالشمسَ والقَمَرَ كلّ في فلك يسبحون) ([5]) ورابعة عن وجود الأحياء في الكون (تُسَبِّحُ لَهُ السَمَواتُ السَّبْعُ والأرضُ وَمَنْ فِيْهِنَّ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّيْنَ عَلَى بَعْض وَءَاتَيْنا دَاوُدَ زَبُوْرا) ([6]) وعن سير وحركة كلّ المخلوقات وانها خاضعة ومذلّلة ومحتاجة إلى علّة محدثة ومبقية وهو ا... جلّ وعلا (إنْ كُلُّ مَن في السمواتِ والأرضِ إلاّ آتِيِ الرَّحمنِ عَبْداً) ([7]) لأنّه تعالى أعلم من غيره بما في السموات والأرض قال تعالى: (وَرَبُّكَ أعْلَمُ بِمَنْ في السمواتِ والأرض وإنْ مِّن شَيء إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِه وَلَكن لاَ تَفْقَهُوْنَ تَسْبِيْحَهُمْ إِنّهُ كَانَ حَلِيْماً غَفَوْراً) ([8]) وسادسة يخبر عن الزوجية لكل شيء بقوله تعالى: (وَمِنْ كُلِّ شَيء خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُوْنَ) ([9]) وسابعة عن كيفيّة نزول المطر عن تلقيح السحاب بقوله: (ألَم تَرَ أنَّ اللهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرى الْوَدْقُ يَخْرُجُ مِن خِلالِهِ وَيُنَزَّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبال فِيْها مِنْ بَرَد فيُصِيْبُ بِهِ مَنْ يَشاء) ([10]).
وقد يتكلّم عن اهتزاز الأرض بواسطة نزول المطر، وإحياؤها به قال تعالى: (... وَتَرَى الأَرْضَ هامِدَةً فإذَا أَنْزَلْنا عَلَيْها المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) ([11]) وأيضاً يتعرض لمراحل نموالجنين بقوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَة مِن طِيْن ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرار مَكِيْن ثُمَّ خَلَقْنا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَجَعْلَنا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلْقَنا المُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنا العِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشأَناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِيْنَ) ([12]) وغيرها من الآيات.
خلاصة الكلام: انّ كل العلوم يمكن أن تستفاد من القرآن الكريم لأنه الدستور الكامل لكل ما يرتبط بهذا العالم.
وبعد فقد شملني اللطف الالهي وعناية الباري جلّ وعلا في تفسير آية من هذا الكتاب العظيم واستيضاح بعض معانيها، فالحمد لله على ذلك وأسأله تعالى أن يجعلني في سلك المفسّرين.
وفي ضمن هذا البحث المبارك أشرت الى كثير من الآيات لانّ القرآن ـ وكما ورد عنهم (عليهم السلام) ـ يفسّر بعضه بعضاً، وأيضاً أشرت الى الروايات المأثورة عنهم (صلوات الله عليهم) بحسب ما يناسب ذلك.
انّ الانسان إذا نظر نظرة دقيقة إلى الآيات الشريفة يرى فيها بحار من المعارف والعلوم وخصوصاً (بسم الله الرحمن الرحيم) لأنها أعظم آية في القرآن المجيد.
واذا كان هناك نقص في التفسير انما هو تفسير المخلوق لكلام الخالق جلّ وعلا، وكما يقول الاستاذ الأعظم: (في تناهيه وخضوعه امام كمال الخالق في وجوده وكبريائه ورأيت القرآن يترفع ويرتفع ورأيت هذه الكتب تصغر وتتصاغر) ([13]).
وعلى الانسان أن يسعى ويبذل أقصى جهده لكي يكشف الأسرار ويجلي الغوامض التي في القرآن وبالمقدار الممكن ولو أنه لايتمكن من اجلاء غوامضه بكاملها مهما بذل من الجهد في ذلك لعجزه.
وفي الختام فقد اخترت المنهجية السهلة والواضحة حتى يقع في محل استفادة عامة الناس، ولذا شرحت بعض المصطلحات اللغوية الواردة في الروايات لكي يسهل فهمها على القارىء الكريم.
ونسأله تعالى أن يوفّقنا لفهمه وتدبّره والعمل به حتى يتجلى لنا كشف المعاني والمفاهيم لبقية الآيات القرآنية وعليه أتوكّل وإليه أنيب إنه ولي التوفيق.
والحمد لله ربّ العالمين
المؤلف
 ([1]) الاسراء: 9.
([2]) الأنبياء: 30.
([3]) فصّلت: 9، 10، 11.
([4]) الذاريات: 47.
([5]) الأنبياء: 33.
([6]) الاسراء: 44.

([7]) مريم: 93.
([8]) الاسراء: 55.
([9]) الذاريات: 49.
([10]) النور: 43.
([11]) الحج: 5.
([12]) المؤمنون: 12، 13، 14.
([13]) البيان في تفسير القرآن ـ السيد الخوئي.]) مريم: 93.
([8]) الاسراء: 55.
([9]) الذاريات: 49.
([10]) النور: 43.
([11]) الحج: 5.
([12]) المؤمنون: 12، 13، 14.
([13]) البيان في تفسير القرآن ـ السيد الخوئي.