الفصل الأول: تأثير الألفاظ في الكون

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

بعدما علمت بأن الأسم الأعظم هو الذي يستجاب به الدعاء استجابة حتمية ولكن حينما نظروا الى لفظ الله أو بقية الأسماء الحسنى اذا دعوا بأي واحدة منها لم يجدوا فيها هذا الأثر وهذه الخاصية فأصحاب الدعوات قالوا: بان هناك الفاظاً لها هذه الخاصية ولكن لم توضع بالوضع اللغوي بل هناك حروف تؤلف بشكل خاص وهذه الحروف تستخرج بطرق خاصة ويدعون بهذا الاسم المولف، وهذه المؤلفات المختلفة حروفها تكون مختلفة حسب الحاجات كما ورد في بعض الروايات أن حروف الاسم الأعظم موجودة في سورة الحمد واذا أراد الامام (عليه السلام)يعرفها، واذا شاء ألفها، وكما مرت الروايات بأنه عند آصف بن برخيا حرف من الاسم الأعظم دعى به.. الخ.
وكما ورد بان الاسم الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً، قسم الله تعالى بين أنبيائه أثنتين وسبعين منها واستأثر واحداً منها عنده في علم الغيب، ولكن صاحب الميزان لايرى أي تأثير للألفاظ في أن يقهر بوجودها وجود كل شيء. والأفضل أن نذكر ما قاله (قدس سره)، يقول: (والبحث الحقيقي عن العلة والمعلول وخواصها يدفع ذلك كله. فإن التأثير الحقيقي يدور مدار وجود الاشياء في قوته وضعفه، والمسانخة بين المؤثر والمتأثر، والاسم اللفظي إذا اعتبرناه من جهة خصوص لفظه كان اصواتاً مسموعة هي من الكيفيات العرضية، وإذا اعتبر من جهة معناه المتصور كان صورة ذهنية لا أثر لها من حيث نفسها في شيء ألبتة، ومن استحيل ان يكون صوتاً أوجدناه من طريق الحنجرة أو صورة خيالية نصورها في ذهننا بحيث يقهر بوجوده وجود كل شيء، ويتصرف فيما نريده على ما نريده فيقلب السماء ارضاً والارض سماءاً ويحول الدنيا الى الآخرة وبالعكس وهكذا، وهو في نفسه معلول لارادتنا.
والاسماء الإلهية واسمه الأعظم خاصة وإن كانت مؤثرة في الكون ووسائط واسباب لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم المشهود لكنها أنما تؤثر بحقائقها لا بالألفاظ الدالة في لفظ كذا عليها، ولمعانيها المفهومة من ألفاظها المتصورة في الأذهان. ومعنى ذلك أن الله سبحانه هو الفاعل الموجد لكل شيء بماله من الصفة الكريمة المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب، لاتأثير اللفظ أو صورة مفهومة في الذهن أو حقيقة اخرى غير الذات المتعالية ([1]).
ولكن مايراه (قدس سره) بأن الألفاظ لاتأثير لها بأنفسها وانما تؤثر بحقائقها ـ فيه تأمل حيث ان الأنسان حينما ينظر الى الآيات فيرى ان نفس الألفاظ لها التأثير في الكون كما ان نفس العين أو النفخة لها التأثير في الأشخاص، واليك بعض الأدلة.
الأدلة القرآنية على تأثير الألفاظ:
نذكر بعض الآيات التي تشير الى تأثير الألفاظ في الكون منها:
1ـ قوله تعالى: (وأخَذَ الذينَ ظَلَموا الصيحةُ فأصبَحوا في دارهِمْ جاثِمينَ) ([2]). أي أماتتهم الصيحة التي أمر الله سبحانه جبرئيل بها، فصاح صيحة واحدة وصاروا ميتين في منازلهم قاعدين على ركبهم.
2ـ وقوله تعالى: (فأَخَذَتْهُم الصيحةُ مُشرِقينَ) أي حين شروق الشمس ([3]).
3ـ وقوله تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَيْحَةُ بالحقِ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدَاً لِلقومِ الظالِمينَ) ([4]). أي حلت بهم وأصمتهم صيحة جبرئيل (عليه السلام) حين صاح بهم صيحة هائلة منكرة تصدعت لها قلوبهم وتمزقت أحشاؤهم.
4ـ وقوله تعالى: (وَمِنْهُم مَن أَخَذَتْهُ الصَيْحَةُ.... الآية) ([5]).
5ـ وقوله تعالى: (فَأَمّا ثَمُوْدَ فَأُهْلِكُوا بِالطّاغِيَةِ... الآية) ([6]) أي أبيدوا ودمروا بالصيحة الطاغية التي تجاوزت المقدار الذي يحتمله الانسان.
6ـ وقوله تعالى: (فَأَخَذَهُمُ العَذَابُ إنَّ فِي ذَلِكَ لآيةً وَما كَانَ أَكْثَرُهُم مُؤْمِنِيْن) ([7]).
أي العذاب الموعود وهو صيحة جبرئيل التي خسفت بهم الأرض فابتلعتهم.
الى غير ذلك من الآيات الشريفة الدالة على أنّ الألفاظ لها تأثير في الكون.
وكما يؤثّر النفث كما قال الله تعالى: (مِن شَرِّ النّفاثاتِ في العُقَد) ([8]) أي من شر الساحرات اللواتي يقرأن وينفثن في عقد الخيط الذي يريقنّه ليتم السحر وهكذا الحسد أيضاً له تأثير كما في قوله تعالى: (مِن شَرِّ حاسد إذا حَسَدَ) ([9]).
والحاسد: هو الذي يتمنى زوال النعمة عن صاحبها ولو لم يردها لنفسه وعكسه، الغبطة: التي هي تمنّي النعمة لنفسه كما هي لصاحبها من غير ان يريد زوالها عن صاحبها فالثانية ممدوحة والاولى مذمومة: لانها تؤدي الى إيقاع الشرّ بالمحسود فأمر سبحانه بالتعوذ من شر الحاسد وقيل: من شر نفس الحاسد أو من شر عينه، فانه ربما يصاب بهما فأضر. وقد جاء في الحديث (أن العين حق) ([10]).
وروي ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان كثيراً ما يعوذ الحسن والحسين (عليهما السلام) بهاتين السورتين ([11]).
ثم تقدم ان هناك روايات قد وردت كالرواية الواردة عن الامام الباقر (عليه السلام)بحق آصف بن برخيا، أو غيرها من الروايات الشريفة التي تؤكد بأن الألفاظ والحروف لها تأثير في الكون، ومن هنا أيضاً يظهر محل التأمل في كلامه (قدس سره) بأن الألفاظ لاتأثير لها.
([1]) تفسير الميزان: ج9 ص355 ـ 356 (ط ـ بيروت).
([2]) هود: 66.
([3]) الحجر: 73.
([4]) المؤمنون: 41.
([5]) العنكبوت: 40.
([6]) الحاقة: 5.
([7]) الشعراء: 158.
([8]) الفلق: 4.
([9]) الفلق: 5.
([10]) مجمع البيان: ج5 ص569.
([11]) مجمع البيان: ج5 ص569.