في المعنى اللغوي لباء البسملة

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

1) الباء تأتي لمعان.
الأول: الحقيقي كقولك أمسكت بزيد.
والثاني المجازي ـ كقولك ـ مررت بزيد.
وتأتي لمعان اخرى ـ كالمصاحبة والاستعانة وغيرهما.
وقد ذكروا هنا بعد الاعراض عن معناها الحقيقي بان المراد من الباء هنا المعنى المجازي، واختلفوا في أنّ الباء هل تكون بمعنى المصاحبة ([1]) أو الاستعانة؟ وقد رجحوا أن تكون بمعنى الاستعانة ([2])، لان الابتداء بذكر الاسم عند الاتيان بالفعل موجب للتبرك، ووسيلة لوقوع العمل على الوجه الأكمل، لان كل عمل يصدر من العبد فهو بالفيض من الفيّاض، لأنه المحتاج في ذاته وهو الغني المطلق، إذاً لابد أن يستعين في جميع شؤونه بالغني المطلق الذي هو الله تبارك وتعالى.
بعبارة أخرى:
الممكنات في جميع ذواتها وعوارضها، بل في أصل حدوثها وبقائها محتاجة إليه، ولو أن الحركة للعبد والفعل يصدر منه باختياره ولكن اعطاء القوة منه. ولو أن التدبير من العبد ولكن التقدير منه جلّ وعلا كما سنوضح ذلك مفصلاً في مسألة الجبر والاختيار.
إذاً إن العمل لايوجد بدون التبرك والاستعانة.
وقد ورد في التفسير المنسوب الى الامام العسكري (عليه السلام) في حديث طويل... الى أن قال: قال الله جلّ جلاله: فقولوا عند افتتاح كل أمر صغير أوعظيم بسم الله الرحمن الرحيم ـ أي أستعينوا على هذا الأمر بالذي لاتحق العبادة الاّ له لا لغيره.
وكذا قوله تعالى: (إقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَق) ([3]) ـ أي إستعن باسم ربك وادعوه به لان ذلك الأسم عظيم، وتعظيم الاسم تعظيم للمسمّى قال الله تعالى: (قُلْ ادعُوا اللهَ أوْ ادْعُوا الرَّحمنَ أيّاً مّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى) ([4]) أو المراد من الاسم نفس المسمى أي أدعوا ربكم أي أياً من هذين الأسمين تدعون به فقد دعوتم الله الواحد الأحد.
وكما في الآية الشريفة (إسْتَعِيْنُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا) ([5]) أي خذوه عوناً لكم لدفع كيد فرعون وأصبروا على ما نزل بكم من البلاء.
2) قال الزمخشري: ان الباء تكون للمصاحبة أرجح من أن تكون للاستعانة.
وقد أستدل بأمور:
1ـ بأن استعمالها يكون للمصاحبة أكثر من استعمالها للإستعانة. لاسيما في المعاني والأفعال.
2ـ أن التبرك مصاحباً مع اسم الله نوع تأدب وتعظيم له، بخلاف جعله آلة، فانها مبتذلة وغير مقصودة في ذاتها.
3ـ ان ابتداء المشركين باسم آلهتهم كان على وجه التبرك فينبغي أن يرد عليهم بمثل ذلك.
ولكن الحق: أن الثاني أرجح لانه لاينافي كون الباء للاستعانة وتتضمن التأدب والتبرك. ويظهر في كثير من أبواب الفقه أنها جاءت للاستعانة والآلة كما في باب الذبيحة حيث ان الذبيحة لاتحل بدون التسمية، كما جاء في القرآن الكريم (واذكروا اسم الله عليه) ([6]) أي حينما ترسلون كلب الصيد قولوا باسم الله حتى يكون الصيد لكم حلالاً. وفي المسألة تفصيل في باب الصيد والذباحة فراجع.
وكذا عند الابتداء بالأكل والشرب وغير ذلك.
وقد مر نقلاً عن التفسير المنسوب للامام العسكري (عليه السلام):
«فقولوا عند افتتاح كل صغير أو عظيم بسم الله الرحمن الرحيم أي أستعينوا».
وكذا مرت الآية الشريفة (اقرأ باسم ربك) أي إستعن به.
وفي الآية المباركة (استيعنوا بالصبر والصلاة) ([7]).
وفي الدعاء: (اللهم بك أصول وبك أجول).
ويظهر مما ذكرناه انه لا قدرة لنا على شيء ولا قوة الا بإعانة الله تبارك وتعالى. وقد ورد في الحديث الشريف: لا حول ولا قوة الاّ بالله كنز من كنوز الجنّة. والحول ـ الحركة ـ أي لا حركة ولا استطاعة لنا على شيء الاّ بمشيئة الله عزّوجلّ.. ومتعلق الباء يكون فعلاً مقدراً مقدّماً أو مؤخراً حُذِفَ لدلالة الحال عليه; وقُدِمَ الأسم; لأهميته وقصر التبرك عليه.
بعبارة أُخرى: يقدر ما يناسب المقام، ففي الذبح إذبح، وفي الحل والترحال حل وأرتحل; وفي التلاوة بسم الله أتلو.. وهكذا.
أما الإستعانة بإسمه دون الذات فلأمور:
الأول: إنه ادخل في الأدب.
الثاني: إنه إن قلنا بأنه عنى الذات، فهو تبرك بها. الثالث: إن التبرك باسمه تبرك بالذات بخلاف العكس، كما سيأتي البحث فيه  مفصلاً.
إذاً لابد مِنَ الاستمداد في صدور الفعل الإختياري مِنَ العبد، ويكون عمله بعون من الله تبارك وتعالى وإختيار منه ـ أي وسطاً بين الجبر والتفويض، وعليه لابد من بيان معنى الجبر والتفويض والامر بين الأمرين، لكي يتضح معنى الإختيار.
([1]) لاجل التبرك باسمه تعالى ادخل ويكون رداً للمشركين حيث كانوا يتبركون بأسماء آلهتهم كاللات والعُزى.
([2]) فإنّه تعليم للإنسان بأن يستعين بجميع أموره بالله ويطلب المعنوّة منه.
([3]) العلق: 1.
([4]) الاسراء: 110.
([5]) الأعراف: 128.
([6]) المائدة: 4.