الأخلاص لله

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

بعدما عرفت أن العبادة لاتكون الاّ لله وحده، إذاً لابد أن يخلص الانسان في عمله، ومعنى الاخلاص لله هو: أن يأتي باعمال نقية خالصة له جل وعلا لايشوبها رياء ـ أي لايشرك في عمله غير الله ـ ويسمى الرياء بالشرك الخفي. وفي الحديث: (الشرك أخفى في امتي من دبيب النمل) ([1]).
اذاً لابد للانسان أن يكون في اعماله كلها قاصداً وجه الله تبارك وتعالى والاخلاص من الصفات الروحية التي تسمو بالمرء الى منزلة رفيعة كما يسمو باعماله أيضاً ويسبب ترك متابعة الاهواء النفسانية المهلكة للانسان.
والرياء يحاربه الاسلام كتاباً وسنةً، بل على العكس يأمر بالاخلاص له، كما في قوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) ([2]) ـ أي وما أمروا جميعاً الاّ بتوحيد الله وعبادته لايشاركون في عبادته أحداً غيره.
وكذلك قال تعالى: (وَادْعُوْهُ مُخْلِصِيْنَ لَهُ الدِّيْنَ) ([3]) ـ أمر جلّ وعلا بالدعاء والابتهال اليه، لكن على وجه الاخلاص.
ومعنى الاخلاص كما عن بعض المفسرين هو القرب الذي يذكره أصحابنا في نياتهم ـ أي ايقاع الطاعة خالصة لله تعالى وحده ـ بعدما جعل الامر منحصراً في العبادة المخلصة، اذاً غيرها لاتكون مأموراً بها بل يكون منهياً عنها بل في الحقيقة أن الايمان الخالص بالله تبارك وتعالى لايجتمع مع عبادة غيره، اذاً لابد أن يكون الخضوع والتذلل له وحده وهذا مما حكم به العقل ولذا خص السجود لنفسه بعدما كانت العبادة هي غاية الخضوع والتذلل ولايليق بأحد به الاّ الله تعالى.وبعدما عرفت بان السجود مختص به تعالى ولايجوز لاحد غيره، إلا اذا أمر هو به وجوّزه لغيره، ومع ذلك هذا السجود أيضاً عبادة ـ ولو فرض أنه تذلل للمخلوق ـ لأنه صدر من العبد بامره تعالى. وحينئذ يصح عقاب من خالف هذا الأمر كابليس اذا لم يسجد حينما أمر به تعالى.
ولابأس أن نذكر بعض ماورد حول هذه السجدة:
قيل: بان آدم كان اماماً والملائكة بمتابعته سجدوا لله تعالى.

وقيل: ان السجدة سجدة شكر لله جلّ وعلا وانّ الملائكة سجدوا شكراً لنعمة وجود خليفة الله ويمكن القول بان المراد من السجود هو السجود اللغوي أي تطامن ولاغنا خفض الرأس لا بالمعنى الشرعي وهو عبارة عن هيئة مخصوصة كالسجود في الصلاة.
ولكن هذه الوجوه في الحقيقة غير تامة مع وضوح الآية. في قوله تعالى:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِ آدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَار وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِين) ([4]).
أي بعد الفراغ من الخلق قال للملائكة اسجدوا، ثم قال لابليس ما منعك الا تسجد، أي ما منعك من عدم السجود بعدما أمرت ملائكتي به؟ قال في الجواب: أنا خير منه، لانك خلقته من تراب وخلقتني من نار، ونحن اذا أردنا أن نبيّن هل النار أفضل أم التراب فيطول المقام والأفضل مراجعة (الأرض والتربة الحسينية) للفقيه العظيم والمجاهد الكبير الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (قدس سره) وأيضاً إذا أردنا أن نشرح بأنه قياس من الشيطان والقياس باطل. قال ابن عباس: أول من قاس أبليس. فقد ورد في رواية عن الامام الصادق (عليه السلام) ماتقول في رجل قطع اصبعاً من أصابع المرأة كم فيه قال عشرة من الابل، قلت: قطع اثنتين قال: عشرون قلت: قطع ثلاث قال: ثلاثون قلت: قطع اربعاً قال: عشرون قلت: سبحان الله يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون ويقطع أربعاً فيكون عليه عشرون ان هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله  ونقول الذي جاء به شيطان فقال مهلا يا ابان هذا حكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وان المرأة تعاقل الرجل الى ثلث الدية فاذا بلغت الثلث رجعت الى النصف يا أبان انك اخذتني بالقياس والسنة اذا قيست محق الدين ([5]).
ولذا من قاس في الدين قرنه الله بأبليس، والقياس قد يسبب الخطأ كما قال ابليس النار أفضل من الطين واشرف، مع ان الله تبارك وتعالى عالم بالمصالح ولذا فضل الطين على النار، ففي التراب منافع كثيرة منها محل الراحة واستقرار العباد ومنها معايشهم وأرزاقهم وخيراتهم.
والحق: ان السجود كان لآدم كما هو الصريح في الآية (أسجدوا لآدم) ولو كان أدم القبلة أو كان هو الامام لابد أن يقال سجدت الى القبلة أو مع الامام لا للقبلة والامام.وأيضاً لو لم يكن السجود لآدم لم تظهر لآدم فضيلة ولم يمتنع الشيطان حينئذ من السجود. مع أنه سجد لله جل وعلا سنين طوال.
قد يقال في توجيه السجدة لآدم بأن السجود على قسمين ـ سجود عبادي وسجود تعظيمي ـ أي قد يسجد الانسان بقصد عبادة المسجود له كما يفعل ذلك المشركون عندما كانوا يسجدون للأصنام. وهذا هو السجود العبادي الذي هو مختص بالله تعالى، وأما السجود التعظيمي فلاينافي التوحيد في العمل بل ينبئ عن احترام المسجود له وهذا لامانع له اذا كان بامر منه جل وعلا وقد عرفت بان سجودهم لآدم كان بأمر منه تعالى، فالسجود لآدم اطاعة وعبادة لله تعالى، لا أنه عبادة لآدم. والدليل على ذلك قوله في الآية (مَا مَنَعَكَ ألاّ تَسْجُدَ إذْ أَمَرْتُكَ).
اذاً مخالفة الشيطان مخالفة للأمر الألهي فهو يستحق الطرد من رحمة الله جلّ وعلا.
اذا عرفت هذا: ان الانسان كما قلنا ـ لابد عند شروعه في أمر خصوصاً اذا كان خطيراً كما هو (مضمون الحديث) ان يكون مرتبطاً مع الله جل وعلا وهذا الارتباط كما يحصل مع الاسم قد يحصل مع ذاته جلّ وعلا ويكون سبباً للدلالة على الصراط المستقيم ([6]) والطريق المستوي ويمنعنا عن الانحراف ويعطينا الاطمئنان بالوصول الى المقصد، كما ذكر مفصلاً بالنسبة الى الانبياء حين استعانوا بالله تعالى. ولذا من توكل عليه كان مؤملاً املاً وطيداً في الوصول الى المقصد، ومن استعان بغيره، واعتمد على غير الله كان عمله هباءاً وباطلاً، لانه تعالى بيده تقرير مصيرنا وهو العالم بمصالحنا، بل بيده كل شيء كما في قوله تعالى: (وَيُمْسِكَ السَّمَواتِ والأرضَ أن تَزُوْلا) ([7]).
وبما أنه هو الثابت الباقي وهو الأول والآخر ولازوال لوجوده وهو الفياض المطلق، لذا كل شيء في وجوده وبقائه محتاج اليه. ولو وكّل العالم الى نفسه طرفة عين وقطع عنه عنايته لتلاشى كأن لم يكن شيئاً مذوكراً.
اذاً هو الواهب لجميع النعم والسعادات، وهو المشرّع بل الواضع للقوانين والعمل بهذه القوانين، هو الذي يكفل وحدة وصولنا الى المقاصد والسعادة بشكل مؤكد.
([1]) البحار: 72: 93، 96، ح3، 8، 9.
([2]) البيّنة: 5.
([3]) الاعراف: 29.
([4]) الأعراف: 11.
([5]) الوسائل، كتاب الديات، باب 44 ح1.
([6]) فعن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم) أي ارشدنا للزوم الطريق المؤدي الى محبتك والمبلغ دينك والمانع من ان نتبع اهواءنا فنعطب أو نأخذ بآرائّا ونهلك (البران: ج1 ص51).
([7]) فاطر: 41.


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com