الفصل الخامس: الكلام في معاني الإسم وإشتقاقه

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

الاسم ـ إما مأخوذ من وسَمَه (أي العلامة) وحذفت الواو وهي فاء الفعل وعوض عنها الهمزة، قال الله تعالى: (سَنَسِمُهُ عَلى الخَرْطُوْمِ) ([1]) أي سنجعل له سمة أهل النار وهي أن يسود وجهه، والخرطوم وإن كان يطلق على الانف فقط ولكن بعض الوجه يؤدي عن البعض، وقولك: توسمت فيه الخير ـ أي رأيت وسم ذلك، ووسمت الشيء وسماً ـ أي علمته علامة وعبر بالوسم عليه وهو غاية الاهانة.
والحق:أنه مشتق من السمو وقدم الحرف الأخير حسب قانون القلب والنقل الذي هو من القواعد النحوية، وابدل همزة بعد ذلك.
وبما أن الاسم يكون سبباً لظهور المسمى، اذاً الأفضل أن يكون مشتقاً من السمو لأنه يكشف عن عظمة المسمى ويكون مطابقة بين اللفظ والمعنى.
ولو قلنا: بمعنى وسم لا دلالة له على هذا المعنى، بل يكون بمعنى شيء يدل على المعنى، ولان تصغيره يكون على سميّ بخلاف الأول فانه يكون من وسيم، وأيضاً يجمع على اسماء والأول يجمع على سمات كعده، عدات.
ولايخفى بأن بين الاسم والمعنى تكون الهوهوية والاتحاد، ولذا يسري حسن اللفظ وقبحه الى المعنى. وعلى العكس يسرى حسن المعنى وقبحه الى اللفظ. وقد يكون نفس المسمى (كلفظ الاسم) فانه لما كان اشارةً الى اللفظ الدال على المسمى فمن جملة المسميات لفظ الاسم، فقد يكون الاسم مغايراً للمسمى (كلفظ الجدار) الدال على المعنى المغاير له ونحو ذلك، وانما سمّى كل لفظ اسماً لان مفهومه بعد الجعل من مرحلة الخفاء يصل الى مرتبة الظهور والارتفاع أو ان اللفظ بعد جعله لشيء يحصل على معنىً ويخرج من الاهمال وقد يحصل على العلو والارتفاع قال الله تعالى: (وَعَلَّمَ آَدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا) ([2]) قيل المراد بها أسماء المسميات فحذف المضاف لكونه معلوماً مدلولاً عليه وذكر الاسماء لان كل اسم مستلزم لوجود المسمى له، ولم يذكر المسميات لان التعليم وقع على الاسماء لا على المسميات.
واما الآية الاخرى وهو قوله تعالى: (أنْبِؤني بأسْمَاءِ هَؤلاءِ) ([3]) فيمكن أن يراد به نفس الاسم كما يقال هذا: اسمه كذا وهذا اسمه كذا، أو يحتمل أن يراد بها الاجناس كما يقال: هذا فرس وهذا حمار والأنباء عن أحوالهما فيما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية.
إن قلت: فلمَ حذفت الألف في بسم الله وأُثبتت في باسم ربك.
قلت: قد اتبعوا في حكمها حكم الدرج دون الابتداء الذي عليه وضع الخط.
هل أن أسماء الله تعالى توقيفية أم لا؟
لايخفى أن ذات الله تبارك وتعالى غير متناهية وغير محدودة، فعلمه أيضاً يكون كذلك، فوضع الاسماء لذاته لابد أن يكون من قِبله تعالى لأنه هو الذي يرى المناسبة بين الذات والاسم بعدما كان عالماً بذاته.
إذاً ماورد من الاسماء لله تبارك وتعالى نأخذها، أما ما لم يرد فلايجوز عقلاً اطلاقه عليه، اذ لعل هناك مانع ومفاسد في اطلاقها عليه. والعقل الناقص المحدود لايتمكن من ادراك جميع المصالح، اذاً المتبع هو ما ورد من الأسماء المذكورة في الكتاب والسنة، كما ورد عن الرضا (عليه السلام): «فليس لك أن تسميه بما لم يسمّ به نفسه» ([4]).
ولابأس بذكر ما نقل عن بعض المحققين بالنسبة الى جواز إطلاق بعض الاسماء على ذاته وعدم جوازها قال: الاسماء بالنسبة الى الذات المقدسة على أقسام ثلاثة:
الأول: مايمنع اطلاقه عليه، وذلك كل اسم يدل على معنى يحيل العقل نسبته الى ذاته الشريفة كالاسماء الدالة على الامور الجسمانية أو ما هو مشتمل على النقص والحاجة.
الثاني: ما يجوز عقلاً اطلاقه عليه، وورد في الكتاب العزيز والسنة الشريفة تسميته به. فذلك لاحرج في تسميته به، بل يجب أمتثال الامر الشرعي في كيفية اطلاقه بحسب الاحوال والاوقات والتعبدات إما وجوباً أو ندباً.
الثالث: ما يجوز اطلاقه عليه ولكن لم يرد ذلك في الكتاب والسنة كالجوهر فان أحد معانيه (وهو القائم بذاته) وغير مفتقر الى غيره.
وأما الآخر وهو بمعنى الجزء الذي لايتجزأ وهو الذي صح أن تحله الأعراض، فلايمكن بهذا المعنى صدقه عليه، فالجوهر عند المتكلمين أما جوهر فرد أو خط أو سطح أو جسم وكل واحد مفتقر الى الحيز. وعند الحكماء تنحصر الجواهر في خمسة: الهيولا والصورة والجسم والنفس والعقل، فان كان جوهر حمل لجوهر آخر فهو الهيولا، أو حالاً في جوهر آخر فهو الصورة، أو مركب والحال والمحل فهو الجسم، أو لايكون حالاً ولا محلاً ولا مركباً منهما فهو المفارق، فان تعلّق الاسم تعلق تدبير فهو النفس، وان لم يتعلق تعلق تدبير فهو العقل. وقد ورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام): في تقلب الأحوال تعرف جواهر الرجال ([5]) أي حقائقها التي جُبلت عليها، هذا بالنسبة الى أسمائه اللفظية. أما اسمائه التكوينية فهي: ان جميع موجودات العالم آية وعلامة واسماء مقدسة لله تعالى وكما ورد في الدعاء (باسمائك التي ملأت أركان كل شيء) ([6])، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما رأيت شيئاً الاّ وقد رأيت الله قبله وبعده ومعه».
وفي كل شيء له اية***تدلّ على انه واحد
ولذا ورد عنهم (عليهم السلام): «نحن اسماء الله الحسنى وكلماته العليا ومثله الأعلى». وفي خبر آخر عن مولانا الصادق (عليه السلام): «نحن والله الاسماء الحسنى التي لايقبل الله من العباد عملاً الاّ بمعرفتنا» ([7]).
وعن مولى الموحدين: «ما لله آية اكبر مني ولا نبأ أعظم مني» ([8]) والدليل على عدم انحصار الاسماء على الاسماء اللفظية قوله تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهم على المَلائِكَة) فان ضمير الجمع يكون لذوي العقول فالمراد بالاسماء: اشباح محمد وآل محمّد وفي الحديث: «خلق الله محمداً وعترته اشباح نور بين يدي الله قلت: وما الاشباح؟ قال: ظل النور ابدان نورانية بل أرواح».
سئل الشيخ الجليل محمد بن محمد بن النعمان: ما معنى الاشباح؟ فاجاب: الصحيح من حديث الاشباح الرواية التي جاءت من الثقات بأن آدم (عليه السلام)رأى على العرش اشباحاً يلمع نورها فسأل الله تعالى عنها فأوحى الله اليه أنها اشباح رسول الله وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام). وعلمه بأنهلولا الاشباح التي رآها ما خلقه الله ولا خلق سماء ولا أرضاً.
ثم قال: والوجه فيما اظهر الله من الاشباح والصور لآدم (عليه السلام) ان دله على تعظيمهم وتبجيلهم، وجعل ذلك اجلالاً، لهم ومقدمة لما يفرضه من طاعتهم، ودليلاً على ان مصالح الدين والدنيا لاتتم الا بهم، ولم يكونوا في تلك الحال صوراً مجسمة ولا ارواحاً ناطقة ولكنها كانت على صورهم البشرية. وتدل على ما يكونون في المستقبل. وقد روى أنّ آدم لما تاب الى الله وناجاه بقبول توبته سأله بحقهم عليه ومحلهم عنده فاجابه الخ، إذاً هم الأسماء الحقيقة التي تدل على الالوهية من جهة المظهرية التامة.
([1]) القلم: 16.
([2]) وقد مر ذكرها، البقرة: 31.
([3]) البقرة: 31.
([4]) عيون أخبار الرضا: ج1 ص189.
([5]) نهج البلاغة: ج3 ص202.
([6]) دعاء كميل.
([7]) مكيال المكارم: ج2.
([8]) الفصول المهمة، الحر العاملي: ج1.


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com