الفصل الرابع _ الربا في القرض

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

والكلام فيه يقع في اُمور:
الأمر الأوّل: القرض لغة: ما تعطيه غيرك ليقضيكه، وأصله القطع فهو قطعية من مالك باذنه على ضمان رد مثله.
وفي الاصطلاح: تمليك مال لآخر بالضمان، فلا بدّ أوّلاً من ذكر الروايات الواردة في المقام:
فمنها: عن حفص بن غياث، عن أبي عبدالله(ع) قال: الربا ربآن: أحدهما: ربا حلال، والآخر: حرام. فأمّا الحلال: وهو أن يقرض الرجل قرضاً طمعاً أن

يزيده ويعوّضه بأكثر ممّا أخذه بلا شرط بينهما، فان أعطاه أكثر ممّا أخذ بلا شرط بينهما فهو مباح له، وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه، وهو قوله

عزوجل: (فَلا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ) أمّا الربا الحرام: فهو الرجل يقرض قرضاً  ويشترط أن يرد أكثر ممّا أخذ، فهذا هو الحرام.
فيظهر من هذه الرواية إنّما يصدق أخذ الفضل ربا إذا اشترط ذلك، وأمّا إذا لم يشترط فيجوز الفضل. ومن جملة الربا الحلال هو أن تهب مالاً فتريد بها

أفضل أو أزيد منه من دون أن يكون هناك شرط أو إلزام، فهو من الربا الحلال أيضاً، وهو ما يعبّر عنه بربا العطية.
ومن الأخبار ما عن الحلبي، عن أبي عبدالله(ع) قال: سألته عن الرجل يستقرض الدراهم البيض عدداً ثم يعطي سواداً وزناً، وقد عرف أنّها أثقل ممّا أخذ،

وتطيب نفسه أن يجعل لـه فضلها، فقال: لا بأس به إذا لم يكن فيه شرط، ولو وهبها له كلها صلح.
وأمّا ما ورد عن النبي(ص) من غير طرقنا وعن أبي جعفر(ع) من طرقنا بعبارات مختلفة جزئياً mكلّ قرض جر منفعة فهو رباn.
ففيهما: أنّهما ضعيفتان من جهة السند، وعلى فرض القبول فهما مطلقتان تقيّدان بتلك الروايات ـ أي روايات الاشتراط ـ أي اذا اشترط فهو ربا، ويدلّ عليه

ظهور الرواية وهو جر المنفعة، أمّا إذا دفع المقترض الزيادة من قبل نفسه أو دفع الأجود كذلك لا يصدق عليه جر القرض المنفعة.
ويدلّ عليه ما عن الحلبي، عن أبي عبدالله(ع) قال: إذا اقرضت الدراهم ثم أتاك بخير منها فلا بأس إذا لم يكن بينكما شرط.  
mخلاصة البحثn
فالقرض تارة يكون بالصيغة واُخرى على نحو المحاباة، ولا فرق في حرمة القرض بين أن تكون الزيادة حقيقية ـ كأن تكون في مقابل التأجيل ـ أو عرضية ـ

كالزيادة في نفس عقد القرض ابتداءً ـ ولا فرق في التحريم بين أن يكون مكيلاً أو موزوناً أم لا، بل يكون معدوداً، وذكرنا أنّ الزيادة التي قلنا: إنّها حرام لا بدّ

تكون مع الشرط، بلا فرق بين أن يكون الشرط صريحاً، أو مذكوراً في ضمن العقد، أو وقعت المعاملة مبنيّة عليه، وهل هذا موجب لفساد القرض أم لا؟
فما أخذه المقترض من المقرض والحال هذا يكون من المقبوض بالعقد الفاسد، ثمّ لا فرق في عدم جواز هذه المعاملة مع الزيادة بين أن تكون الزيادة عينية،

أو عملاً من المقترض للمقرض، أو انتفاعاً بمال المقترض، أو صفة زائدة موجودة فيما يعطيه من العوض، كأن يعطي المقترض الدرهم الصحيح والجيّد

بالدرهم المكسور، فهذه كلّها من الاُمور المحرمة، ويشملها قوله(ع): mكلّ قرض جر المنفعة فهو رباn.
أمّا انّ الزيادة التي قلنا: إنّها حرام إنّما هي لأجل الشرط، ولا فرق ـ كما ذكرنا ـ بين أن يكون صريحاً أو مذكوراً في ضمن العقد؛ لاطلاق الدليل، وكذا اذا كان

ع المعاملة مبني عليه فهو شرط واقعاً أيضاً.
أمّا أنّه موجب لفساد العقد أم لا، أي ما أخذه المقترض يكون من المقبوض بالعقد الفاسد، كأصل المسألة الربوية حيث أنّ اشتراط الزيادة موجب لاختلال

صحة العقد وأركانه؛ لأنّ أحد أركان الصحّة هو التساوي، وفي المسألة الربوية لم يوجد هذا التساوي، فلا يشمله اطلاق أدلّة صحة البيع.
أمّا هنا فيمكن أن يقال: بأنّ هذا الشرط ليس من الشروط التي تكون سبباً لاختلال أصل أركان المعاملة، فاذا لم يكن كذلك فيكون الشرط باطلاً.
أمّا أصل العقد فأركانه تامة كما مرّ في تعريفه: تمليك المال على وجه الضمان، فتكون أركان العقد موجودة وكاملة هنا فتشمله أدلّة صحّة العقد mأوفو

بالعقودn ثمّ ليس كّل نفع يكون مفسداً للعقد. نعم النفع الذي له مدخلية في القرض هو الذي يكون حراماً، أمّأ النفع الخارج عن ذلك فلا، فاذا فرض أنا اُعطي

لآخر مالاً وهو يعطيني نفقتي وما احتاج إليه بحيث لولا القرض أيضاً كان يعطيني، فهو مجرد المقارنة، كما ورد في حديث هذيل قال: قلت لأبي جعفر(ع):

إنّي دفعت الى أخي جعفر مالاً فهو يعطيني ما أنفقه واحج منه واتصدق وقد سألت من قبلنا فذكروا أن ذلك فاسد لا يحل وأنا أحب أن أنتهي الى قولك، فقال

لي: أكان يصلك قبل أن تدفع إليه مالك؟ قلت: نعم، قال: خذ منه ما يعطيك فكل منه واشرب وحج وتصدق، فاذا قدمت العراق فقل: جعفر بن محمد أفتاني

بهذا.
ثمّ انّ هناك شرط جائز وغير مفسد للمعاملة وهو: أن يشترط في ضمن القرض شرطاً يجر النفع، لا أنّ القرض بنفسه يجر النفع، والذي هوالفاسد الثاني لا

الأوّل، فاذا أقرض مالاً واشترط عليه أن يأتي بغلّته لأجل أن يبيع له وله منفعة في هذا البيع فهذا ليس بحرام ولو أن الشرط كان في ضمن عقد القرض وقد

جر النفع، ولكن لم يكن القرض بنفسه ومباشرة صار سبباً لجر النفع، بل النفع حصل عليه في مقابل عمل.
إن قلت: العقل لا يفرق بين جر النفع مباشرة أو بالتسبيب، فانّ القرض جر البيع والبيع جر النفع. اذن القرض جر النفع.
قلت: إنّ الروايات منصرفة عن أمثال هذه، بل تختص على المورد الذي القرض يجر بنفسه النفع، وهنا النفع كان في مقابل العمل كما ذكرنا.
والذي يدلّ على ذلك حسنة جميل: قلت لأبي عبدالله(ع): أصلحك الله إنّا نخالط نفراً من أهل السواد فنقرضهم القرض ويصرفون إلينا غلاتهم فنبيعهما لهم

بأجر ولنا في ذلك منفعة، قال: فقال: لا بأس، ولا أعلمه إلاّ أن قال: ولو لا ما يصرفون إلينا من غلاّتهم لم نقرضهم، فقال: لا بأس.
فكما يبنون على ذلك ويكون هذا البناء بمنزلة الشرط، ثمّ لو فرضنا بأنّ الشرط فاسد فهل هو مفسد أم لا؟ وبما أنّه لم يكن هناك دليل على ذلك فنتمسّك باطلاق

(أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) كما مرّ.
ومن الاُمور التي لا يصدق عليها جر النفع هو: أن يشترط الدائن رهناً على ما أقرضه أو كفيلاً أو شهادة، فانّ هذه الاُمور هي وثيقة وضمان للمال من

ضياعه ولا يصدق عليه النفع.
ثمّ لا يخفى في أنّ الربا إنّما يكون حراماً إذا اشترط للمقرض، أمّا إذاكان للمقترض فلا يضر؛ لأنّ أدلّة الربا التي تحرم أخذ الزيادة موضوعها هو اشتراط

الزيادة للمقرض دون المقترض، فأخذ الزيادة للثاني لا تشملها أدلّة حرمة الربا، كما إذا اقترضت مائة على أن ترجع اليه تسعين درهماً، فالأدلّة منصرفة عن

أن يكون المستفيد هو المقترض، ومثل هذا ما إذا حوّل مالاً الى الهند فيجوز لصاحب البنك أن ينقص منه مقداراً ويعطي أقل من المال الذي حوّل إليه، وليس

هذا بربا؛ لأن الربا هو أن يأخذ الدائن الزيادة، مضافاً الى أن أخذ هذه الزيادة كان مقابل عمله، فيأخذ هذا المبلغ تجاه عمله مع اتفاق الطرفين على  ذلك المبلغ.

أمّا إعطاء المال واشتراط قبضه في أرض اُخرى لو كنا نحن والقاعدة وهو mكلّ قرض يجر النفع للمقرض فهو رباn، فهنا إذا كان القرض يجر النفع

فيحسب من الربا المحرم، ولأنّه ولو كان من المعدود ولكن في المعدود إذا كان نسيئة يجيء الربا، ولكن مع ذلك وردت هنا روايات تدلّ على جوازه:
فمنها: صحيحة يعقوب بن شعيب، عن أبي عبدالله(ع) قال: قلت: يسلف الرجل الورق على أن ينقدها إياه بأرض اُخرى ويشترط عليه ذلك، فقال: لا بأس.

ومثلها صحيحة يعقوب، عن أحدهما(ع).
ومنها: موثقة السكوني، عن أبي عبدالله(ع) قال: قال أمير المؤمنين(ع): لا بأس بأن يأخذ الرجل الدراهم بمكة ويكتب لهم سفاتج عن أن يعطوها بالكوفة.
لا يخفى بأنّه إذا أدان شخصاً لابدّ من تعيين الدائن مكان القبض لكي لا يحصل الغرر في المعاملة بعد ما كانت النقود تختلف قيمتها في كل دولة، فاذا عيّن

مكاناً للقبض فهو، وإلاّ فمقتضى الاطلاق هو القبض في بلد الدين.
ولا يجب عليه أن يستلم في غير بلد الدين، فما عن بعض: mإنّي لم أقف بعد التتبع والفحص على دليل لما ذكروه هنا من أنّ إطلاق القرض منزّل على قبضه

>في بلدهn ففي غير محلّه؛ لأنّه ليس للمقرض المطالبة في غيره، ولا يجب عليه القبض أيضاً لو بذله المقترض له في غيره.
ثم لا بأس ببيان بعض الفروع هنا:
الفرع الأوّل: لو باعه الشيء بأقل من ثمنه المتعارف بشرط أن يقرضه صحّ، ولكن لو أقرضه بشرط أن يشتري منه زائداً عن القيمة لم يصحّ.
الفرع الثاني: لو أجّل الحال بزيادة فهو ربا.
الفرع الثالث: يجوز تعجيل المؤجّل باسقاط بعضه بابراء أو صلح، وهو المسمى بـ mصلح الحطيطةn وهذا ليس من الربا.
الفرع الرابع: لو تبرّع المقترض باعطاء الزيادة للمقرض من غير شرط جاز، بل فيه الرجحان، كما ورد في الحديث: خير القرض الذي يجر المنفعة. وفي

حديث آخر: خير القرض ما جر منفعة.


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com