إشكالات وشبهات على التقية والاجابة عليها

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

هذا وقد حاول البعض أن يشكل على جواز التقية بالمعنى الأعم بعدة إشكالات وأثار حولها عدة شبهات، ونحن هنا بمشيئة الله سبحانه سننقل ايراداتهم وشكوكهم، ونجيب عليها بما يتسع المقام، وفي ما تقدم كانت هناك عدة اجابات في ضمن البحث.
الاشكال الأوّل: احتجاج بعض القساوسة حول التقية.
فقد احتج بعضهم بأنّ التقية تكون ضداً أو نقيضاً لكلام الله تعالى، ولا يخفى أنّ مراده من كلامه سبحانه الوارد في التوراة والأنجيل.
وللجواب عليه نقول: إنّنا حينما ننظر إلى الكتابين ـ بغض النظر عن حالة التحريف التي تعرضا لها ـ نرى أنّ هناك جمعاً من الأنبياءF كانوا يمارسون التقية، وقد وردت الممارسة لها في الكتابين معاً، ففي باب(12) من سفر التكوين: (حينما أراد ابراهيم(ع) أن يقرب إلى مصر قال لزوجته سارة: أنتِ تعلمين بأنّكِ امرأة جميلة المنظر ويحتمل أنّ المصريين حينما ينظرون إليك يقولون هذه زوجته فيقتلونني وتبقين أنتِ حية، ألتمس منك بأن تقولي هذا أخي وأنا اُخته).
وقال ابراهيم(ع) في نفس الباب: (ففي الواقع هي اُختي وابنة والدي لكن ليست من اُمي وزوجتي) مع أنّ التوراة تحكم بحرمة الزواج من الأخت.
اذن: لايكون هذا القول منه(ع) إلاّ تقية.
وفي باب 26 من أبواب التكوين: (أنّ اسحاق(ع) تعب وسأل الناس في ذلك المكان عن زوجته، قال: إنّها اُختي خوفاً منهم إذا قال زوجتي يقتلوه؛ لأنّ زوجته كانت صبيح المنظر).
وفي باب 9 من انجيل متى: (انّ عيسى لما شفى الشخصين من العمى ففتحوا، قال عيسى مؤكداً عليهما بالكتمان مخافة من اليهود). وغيرها من الموارد الكثيرة فإن أحببت التفصيل فعليك بكتاب أنيس الأعلام في نصرة الاسلام لمؤلّفه السيد عبدالرحيم الخلخالي (ج1 ص113 و114).
والنتيجة على ما يظهر من حال القسيس المستشكل ومن على شاكلته أنّه لاعلم له حتى بكتبه المقدسة، أو اللهم إلاّ مجادلة بالباطل.
الأشكال الثاني: احتجاج المخالف في كونها نفاقاً:
فقد احتج المخالف بأنّ العمل بالتقية نفاق، فكما أنّ النفاق إنّما هو إبطان الأمر واظهار خلافه فكذا التقية.
ولكن الجواب: هناك فرق واضح وبيّن لمن كان له أدنى تأمل، ولمن يراجع كتب اللغة بين المقيس والمقيس عليه فإنّ النفاق إنّما هو ابطان الكفر واعتقاده، أو ستر الكفر بالقلب واظهار الايمان باللسان، وهو حرام بل كفر كما هو معلوم، وعلى العكس تماماً في التقية فانّما هي ابطان الايمان واعتقاده، أو اظهار الكفر واخفاء الايمان وستره بالقلب، وهو قد يكون واجباً كما تقدم، هذا ولو كانت التقية نفاقاً كما زعم المستشكل فلماذا أمر سيد المرسلين(ص) عماراً بقوله(ص): (فإن عادوا لك فعدلهم بما قلت) وكيف يقرر(ص) النفاق إن هو إلاّ تخرص وأفك مفترى؟!
وبعد هذا وذاك فإنّ أصل تشريع التقية مما اتفق عليه السنّة والشيعة، وإليك هنا حديثاً من جملة من أعلامهم كما وعدناك أن نأتيك به فيما سبق.
فقد روى السيوطي في دره المنثور عند تفسيره قوله تعالى: (إِلّا أَنْ تَتّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: (إِلّا أَنْ تَتّقُوا...) فالتقية باللسان من حُمِل على أمر يتكلّم به، وهو معصية لله، فيتكلّم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالايمان، فإنّ ذلك لايضره إنّما التقية باللسان. وأخرج عبدالحميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه البيقهي في سننه من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى: (إِلّا أَنْ تَتّقُوا...) قال: التقاة التكلم باللسان، والقلب مطمئن بالايمان، ولابسط يده فيقتل ولا إلى إثم فإنّه لاعذر له، واخرج ابن عبدالحميد عن الحسن، قال: التقية جائزة إلى يوم القيامة.
وقال أحمد مصطفى المراغي في تفسيره عند الآية المتقدمة ما نصه: أي إن ترك موالاة المؤمنين للكافرين حتم لازم في كلّ حال إلاّ في حال الخوف من الشيء تتقونه منهم، فلكم حينئذٍ أن تتقوهم بقدر ما يتقى ذلك الشيء، إذ القاعدة الشرعية mأنّ درء المفاسد مقدم على جلب المصالحn وإذا جازت موالاتهم لاتقاء الضرر فأولى أن تجوز لمنفعة المسلمين، واذاً فلامانع من أنّ تحالف دولة اسلامية دولة غير مسلمة لفائدة تعود إلى الأولى، إمّا بدفع ضرر أو جلب منفعة، وليس لها أنّ تواليها في شيء يضر بالمسلمين، ولاتختص هذه الموالاة بحال الضعف بل هي جائزة في كلّ وقت. وقد استنبط العلماء من هذه الآية جواز التقية بأن يقول الانسان أو يفعل ما يخالف الحق لأجل توقّي ضرر من الأعداء يعود إلى النفس أو العرض أو المال، فمن نطق بكلمة الكفر مكرهاً وقاية لنفسه من الهلاك وقلبه مطمئن بالايمان لايكون كافراً بل يُعذر، كما فعل عمار بن ياسر فأكرهته قريش على الكفر فوافقها مكرهاً وقلبه مليء بالايمان ـ إلى أن قال: ـ ويدخل في التقية مداراة الكفرة والظلمة والفسقة واِلانة الكلام لهم والتبسم في وجوههم وبذل المال لهم لكف أذاهم وصيانة العرض منهم، ولايعد هذا من الموالاة المنهي عنها بل هو مشروع، فقد أخرج الطبراني قوله(ص): ما وقى به المؤمن عرضه فهو صدقة، وعن عائشة قالت: استأذن رجل على رسول الله(ص) وأنا عنده فقال رسول الله(ص): بئس ابن العشيرة أو أخو العشيرة، ثم أذن له فألان له القول، فلما خرج قلت: يا رسول الله قلتَ ما قلت ثم ألنت له القول، فقال يا عائشة: إنَّ من شر الناس من يتركه الناس اتقاء فحشه، رواه البخاري.
وروي قوله (ص): إنّا لنكشر ـ نبتسم ـ في وجوه قوم، وأنّ قلوبنا لتقليهم أي تبغضهم.
انظر إلى هذين التفسيرين لترى أنّ التقية ليست مختصة مع الكفار، وكما عرفت من مقولة الدر قول الحسن. وعن المراغي حيث يؤكد بقوله: mويدخل في التقية مداراة الكفرة والظلمة والفسقةn وعدم تخصيصها بالكفرة فقط، واطلاق الرواية التي رواها عن النبي(ص): (ما وقى به المؤمن عرضه فهو صدقة) فهي باطلاقها شاملة لكلّ معاني التقية، وكذا إذا نظرنا إلى رواية عائشة حيث اتقى(ص) عن هذا الرجل المسلم حيث يقول: (بئس ابن العشيرة) ثمّ الان له القول ولمّا أشكلت عليه عائشة أجابها بما تقدم من القول.
فاذن: التقية واجبة مع كلّ فاسق وفاجر زيادة على الكافر.
وقال الجصاص ـ وهو من ائمة الاحناف ـ في قوله تعالى:  (إِلّا أَنْ تَتّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً): يعني أن تخافوا تلف النفس أو بعض الأعضاء فتتقوهم باظهار الموالاة من غير إعتقاد لها.
ونقل الرازي في تفسيره مقولة الحسن البصري المتقدمة: التقية جائزة إلى يوم القيامة، إلاّ في قتل النفس التي حرّمها الله.
وعن الشافعي أنّه أجاز التقية وعممها للمسلم إذا خاف من المسلم، لما بينهما من الاختلاف فيما يعود إلى مسائل الدين.
وقال القرطبي: أجمع أهل العلم على أنّه من اُكره على الكفر حتى خشي على نفسه من القتل أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالايمان.
وقال جمال الدين القاسمي في تفسيره في قوله تعالى: (إِلّا أَنْ تَتّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) استنبط الأئمة التقية عند الخوف، وقد نقل الاجماع على جوازها: عند الامام مرتضى اليماني.
وقد ظهر من إطلاق قول القاسمي أنّ التقية على الاطلاق مشروعة بالإجماع. فاذن: التقية ليست بنفاق كما زعم من لاعلم له بمعناها لغةً واصطلاحاً.
وقال الرازي ـ في تفسير قوله تعالى: (إِلّا أَنْ تَتّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) ـ : ظاهر الآية أنّ التقية إنّما تحل مع الكفار الغالبين إلاّ أنّ مذهب الشافعي أنّ الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والكافرين حلّت التقية محامةً عن النفس، وقال: التقية جائزة لصون النفس، وهل هي جائزة لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز؛ لقوله(ص): (حرمة مال المسلم كحرمة دمه) وقوله (ص): (من قتل دون ماله فهو شهيد).
وقال محمّد رشيد رضا في تفسير المنار عند الآية المتقدمة ما نصه: من نطق بكلمة الكفر مكرهاً وقاية لنفسه من الهلاك لاشارحاً للكفر صدره ولا مستحباً للدنيا على الآخرة لايكون كافراً، بل يُعذر كما عُذر عمار بن ياسر.
وقال الشيخ مصطفى الزرقاوي في كتابه الفقه الاسلامي: التهديد بالقتل للاكراه عن الكفر يبيح للشخص التظاهر به مع اطمئنان قلبه بالايمان وغيرها من الأقوال كثير، فإن أحببت التفصيل أكثر راجع كتاب التقية عند أهل البيتF لمصطفى قصير العاملي، وكتاب التقية في الفكر الاسلامي الشيعي لتفحية مصطفى عطوي، وكتاب بحوث مع أهل السنة والسلفية للسيد مهدي الحسيني الروحاني، وكتاب الشيعة بين الحقائق والأوهام للسيد محسن الأمينS، وأيضاً كتاب واقع التقية عند المذاهب والفرق الاسلامية من غير الشيعة الامامية للاستاذ ثامر هاشم حبيب العميدي.
الاشكال الثالث: لماذا لم يستعمل الأنبياء التقية؟
قالوا: لو كانت التقية جائزة لجاز ذلك للأنبياءF أن يظهروا كلمة الكفر تقية، ولما كان اللازم باطل فكذا اللزوم.
ولكن الجواب بأنّه خارج بالضرورة من الدين؛ لأنّه لو جاز ذلك للأنبياء F لانعدم الدين بالمرة، ولو جاز لجاز أول ابتداء الدعوة مع كثرة العدو وشيوع المنكر. نعم قد مرَّ جواز التقية منهم F في غير الكفر.
الاشكال الرابع: دعوى أنّ التقية من المداهنة.
وادعى بعضهم بأنّ التقية نوع من أنواع المداهنة.
ولا يخفى أنّ التقية لاتعد إطلاقاً من أقسام المداهنة، لأنّ المداهنة معصية. وقال علي(ع): (أمرنا رسول الله أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة).
وقال(ع) أيضاً: (لاتدهنوا في الحق إذا ورد عليكم وعرفتموه فتخسروا خسراناً مبيناً).
ومنهي عنها كما في قوله تعالى: (وَدّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) ومعنى المداهنة هو المصانعة معهم لكي يصانعوك بمسايرتك وبتصديقك ظاهراً، ولكن ينافقون في اظهار التصديق ويضمرون العداوة والتكذيب لك. وعلى العكس تماماً التقية فهي مأمور بها كما تجلى لك الأمر فيما تقدم.
والفرق بينهما أن الشخص حينما يُداهن كما إذا أثنى على ظالم ونصب أعماله التي كلها ظلمٌ وأفرغها في قالب العدل وميزان القسط، ويصوّرها بتلك الصورة، كما إذا كان هناك مبتدع يصوّر بدعته بصورة الحق. أمّا التقية فهي أن يعمل عملهم مثلاً يصلّي بصلاتهم ويتوضأ بوضوئهم خوفاً على نفسه أو ماله أو عرضه غير معتقد بها، ثمّ إنّ المداهنة كما أسلفنا منهي عنها، وكما ورد في الحديث عن الامام الباقر(ع) حيث قال: (أوصى الله تعالى إلى شعيب النبي أنّي معذبٌ من قومك مئة ألف، أربعين ألفاً من شرارهم وستين ألفاً من خيارهم، فقال: يا ربَّ هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار، قال الله تبارك و تعالى: داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي) ومنه حديث الحق تعالى أيضاً لعيسى(ع): (قل لمن تمرّد عليّ بالعصيان وعمل بالأدهان ليتوقع عقوبتي) مع أنّ التقية ورد فيها المدح في الكتاب والسنّة، ولا أقل الامضاء من جهة الجواز.
الاشكال الخامس: دعوى أنّ التقية تسبّب الفرقة.
فقد إدعى بعض مَن في قلبه مرض وحقد بأنّ التقية تكون سبباً للفرقة وعدم التجاوب بين المسلمين.
ولكن على العكس تماماً، فالتقية سبب رئيسي للألفة والمحبة، ويتضح هذا الأمر في التقية المداراتية على الخصوص حيث يأمرنا أئمتناF بالحضور معهم في الصلاة جماعة، وتشييع موتاهم، وعيادة مرضاهم، وعدم سبّهم كما ورد في الحديث (إنّي اكره لكم أن تكونوا سبّابين).
وقد تقدمت جملة من الروايات التي دلّت على هذا المعنى بما لاغبار عليه، وللمزيد إليك هذا الحديث المروي عن أبي علي قال: قلت لأبي عبدالله(ع): إنّ لنا إماماً مخالفاً وهو يبغض أصحابنا كلهم، فقال: ما عليك من قوله، والله لئن كنت صادقاً لأنت أحق بالمسجد منه، فكن أوّل داخل وآخر خارج، وأحسن خلقك مع الناس وقل خيراً.
ومع هذا كله فهل يجوز أن يُنسب إليها إرادة التفريق بين المسلمين، فهل التقية تكون سبباً للفرقة بين المسلمين أم ما يفعله البعض منهم تبعاً لأوامر أوليائه وأسياده من الدول الاستكبارية، لبثّ التفرقة بين أمة محمّد(ص)؟ وهل يا ترى في الوقت الحاضر الحرب القائمة على قدم وساق في أفغانستان دائرة بين السنّة والشيعة؟ أم بين السنّة أنفسهم أولاً وبالذات؟ وكذا الحرب التي كانت قائمة في اليمن حتى آلت النتائج إلى تقسيم هذا البلد إلى قسمين، فهل هذه الحرب كانت بين الشيعة والسنّة أم بين السنّة أنفسهم؟ وهكذا الحرب بين العراق والكويت، وهكذا وهكذا فمالكم كيف تحكمون؟!
إذن: لابد للمسلمين أن يكونوا دائماً وابداً على جانب كبير من الحذر واليقظة ويسعون للألفة والمحبة والاتحاد، ووحدة الصف، ولمّ الشمل، وتوحيد القوى، لكي يكونوا على بنيان مرصوص بصف واحد أمام العدو المشترك، ونسأل الله سبحانه التوفيق لجميع المسلمين في العالم.


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com