اشتراط وجود المندوحة وعدمه

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 

وهل يعتبر عدم المندوحة شرط في مورد التقية أم لا؟

فقد ذكر استاذنا الأعظمR في المنهاج: يعتبر عدم المندوحة في مكان التقية على الأقوى، فلو أمكنه ترك التقية وإراءة المخالف عدم المخالفة لم تشرع التقية.
والمراد من المندوحة هو أن يتمكن الانسان بالفرض التام للأجزاء والشرائط الفاقد للموانع، وهذا يتصور كما ذكره الاستاذ المحقق في ثلاث موارد: الأول: في الواجب الموسع ويسمى بالمندوحة الطولية، الثاني: امكان الاتيان بالصلاة في مكان آخر، الثالث: أن يصلّي معهم شكلاً، ويسميان بالمندوحة العرضية أو الطولية.
والأقوال في المسألة كما يلي: قول بعدم الاعتبار مطلقاً نسب ذلك الى الشهيدين في البيان والروضة، وقول بالاعتبار مطلقاً وقد نقل ذلك عن صاحب المدارك وهو الظاهر من كلام الفاضلين، وقول بالتفصيل بين ما إذا كان الفعل الذي يُتقى به مأذوناً بالخصوص كالصلاة معهم أو الوضوء مع المسح على الخفين وأمثال ذلك فقال بالأعتبار، وبين مالم يأذن الشارع فيه بالخصوص فقال بعدم الأعتبار.
والحق: عدم الدليل على اشتراط المندوحة بعدما كانت الأدلة مطلقة كما في الحديث (التقية ديني و دين آبائي) بعد ما صدق عليه عنوان التقية، بأن يخاف على نفسه أو ماله أو عرضه، إلاّ أن يقال: مع وجود المندوحة لايصدق عليه التقية عرفاً، ولكن كما ذكرنا الحق هو الجواز تبعاً لاستاذنا المحقق. فظهر مما ذكرنا أنّ القول الأوّل وهو عدم اعتبار عدم المندوحة مطلقاً ـ الذي ذهب إليه الشهيدان في البيان والروض ـ هو الصحيح وهو المشهور ولو تمكن من الأتيان في آخر الوقت تام الأجزاء والشرائط، كما ورد عن العياشي بسنده  عن صفوان عن أبي الحسن الرضا(ع): في غسل اليدين، قلت له: يردُّ الشعر وهو كناية عن الوضوء المنكوس؟ قال: اذا كان عنده آخر فعل، وإلاّ فلا.
وهذه الرواية آبية عن الحمل على عدم وجود المندوحة، ولم يظهر منها بأنّه إذا لم يمكنه التستر منهم أو التأخير إلى زمان آخر، ثمّ إنّ شرط عدم وجود المندوحة لايلائم الروايات المداراتية، كما في حثهم F في الحضور معهم وفي جماعاتهم وشهود جنائزهم و... كما مرَّ في رواية حماد وغيرها.
ولكن مقابل هذه الأخبار أخبار تدل بأنّ وجود المندوحة شرط، ومع أنّ التقية إنّما شُرِّعت منّة للعباد، وللتسهيل أي تسهيل الأمر على الشيعة فهي منافية لعدم الجواز إلاّ في مورد الضرورة، ومع ذلك فقد نقل عن الفاضلين اعتبار المندوحة في ذلك، وانه لو امكنه التأخير، وان كان الاتيان بالواقع في آخر الوقت يجب. وبما أنّ دليلهم  في جواز التقية هو أدلة الحرج، كما هو المنسوب إلى المدارك حيث تمسك بانتفاء الضرر مع المندوحة مع امكان الاتيان التام في وقت آخر. اذن: يزول المقتضي.
ولكن لايخفى: أنّ ما نسب الى المدارك انما يتم لو كان المدرك منحصراً في أدلة نفي الضرر، وإلاّ لو كان كذلك فيجب التأخير، لأنّه لابد أن يكون الاضطرار في تمام الوقت، فلو فرض أنّه لاخوف ولااضطرار في آخر الوقت يجب التأخير، ولكن قد عرفت ان الدليل غير منحصر بها.
اذن: الحق عدم اعتبار المندوحة، حتى بالنسبة إلى التقية العرضية، أي امكان التستر عنهم، ولو بأن يصلّي في مكان خالٍ منهم.
اذن: لاينحصر في صورة التمكن من التستر منهم، بل يجوز العمل معهم ولو تمكن من الاتيان بالواقع في مكان آخر لما دلَّ من الأدلة الكثيرة من أنّه لو ترك التقية ولم يأتِ بالعبادة معهم، بل عدم اظهارها موجب لحصول العداوة والبغضاء ورميهم بترك الصلاة والخروج من الدين، كما إذا كان جاراً لمسجدهم وخرج حين وقت الفريضة، وكما قلنا مع عدم الحضور لجمعتهم وجماعتهم وللعيدين ربما يؤدي إلى التشنيع الشديد على من يفعل ذلك، بل ربما على المذهب، وتكون النتجية هي الضرر الشديد عليه أو على الشيعة، وهذه كلها منافية لحكمة التقية وأصل وضعها، ولكن مع ذلك هناك روايات تدل على اشتراط عدم المندوحة، ومع الاضطرار يصلّي معهم شكلاً.
منها: عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن ابراهيم بن شيبة قال: (كتبت إلى أبي جعفر الثاني(ع) اسألك عن الصلاة خلف من يتولى أمير المؤمنين(ع) وهو يرى المسح على الخفين أو خلف من يحرّم المسح وهو يمسح؟ فكتب(ع): انّ جامعك واياهم موضع فلم تجد بداً من الصلاة فأذّن بنفسك وأقم، فإن سبقك إلى القراءة فسبّح).
وعن بكير بن أعين قال: (سألت أبا عبدالله(ع) عن الناصب يؤمنّا ما تقول في الصلاة معه؟ فقال: أمّا إذا جهر فأنصت للقراءة واسمع ثم اركع واسجد أنت لنفسك).
وعن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي الحسن(ع) قال: (قلت له: إنّي ادخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيعجلوني إلى ما أن أؤذن واُقيم ولا أقرأ إلاّ الحمد حتى يركع أيجزيني ذلك؟ قال: نعم تجزيك الحمد وحدها).
وعن أبي بصير ـ يعني ليث المرادي ـ قال: (قلت لأبي جعفر(ع): مَن لا اقتدي به في الصلاة، قال: افرغ قبل أن يفرغ فأنّك في حصار، فإن فرغ قبلك فاقطع القراءة واركع معهم). وغيرها من الروايات.
ولكن لايخفى: أنّ بعض هذه الروايات خارجة عن مورد التقية، أمّا الرواية الأولى فهي تكون في صورة الاقتداء بالشيعي الذي يعمل عمل السني، كما يشير قوله: (اسأله عن الصلاة خلف من يتولى أمير المؤمنين(ع)) وأدلة التقية لاتشمل هذا المورد. والثانية ـ تعني الاقتداء بالناصبي ـ وحكمه حكم الكافر، فلايجوز الاقتداء به أصلاً. وكذا الثالث، فيمكن أن يحمل على الاقتداء بالشيعي الفاسق. وروايات أحمد بن أبي نصر لايمكن الأخذ بها؛ لضعف سندها بابن هلال. وخبر ليث المرادي يمكن حمل mلاأقتدي بهn بمن كان شيعياً فاسقاً.
اذن: لايظهر من هذه الروايات اشتراط عدم المندوحة.
وخلاصة البحث: يظهر من الطائفة الاُولى جواز الاقتداء بهم مطلقاً، وتحسب الصلاة الناقصة صلاة تامة؛ لأنّ الشارع وسّع في أمر التقية ما لم يوسّع في غيره، بل مفادها الترغيب في الصلاة معهم ولو لم يكن هناك تقية بمعنى الاكراه، ولو كانت هناك مندوحة. ومن الروايات الأخيرة _ مع التنزل والقول بتمامية دلالتها وسندها _ عدم جواز الاقتداء بهم، واشتراط صحة التقية في عدم وجود المندوحة.
اذن: تعارضتا وتساقطتا، والنتيجة أنّ الرجوع يكون إلى القاعدة الأولية، ووجوب الاتيان بالمأمور به الأوّل، وعدم كفاية الناقص عن التام، ولكن مع تقدّم تلك الطائفة وهو جواز التقية مع وجود المندوحة يبدو منه اهتمام الشارع في أمر التقية، وبعد ما تبيّن مما يترتّب على التقية على نحو الأطلاق نتائج منها:
أوّلاً: كونها موجبة للتحابب والتآلف.
وثانياً: موجبة لحفظ النفس والمال والعرض وعدم التشنيع وعدم البغضاء، بل ما يترتّب على العمل بها على نحو الاطلاق من الثواب العظيم، فإذا قلنا: إنّ التقية مشروط عدم جوازها بعدم المندوحة مطلقاً يكون منافياً لما ذكرناه، مضافاً إلى امكان حمل تلك الروايات المشيرة إلى عدم المندوحة ـ مع خدش للسند في بعضها ـ على محامل، كما ذكرنا وذكر الاستاذ المحقق لقوله(ع): أذّن لنفسك واقم كما ورد في رواية أحمد بن أبي نصر، وصلّوا في بيوتكم كما في دعائم الاسلام وأمثال ذلك على الاستحباب.
أو يجمع بين الطائفتين فنقول: إنّ عدم الجواز إنّما هو ما إذا لم ينافي المداراة، ولا يترتّب على عمله هذا ضرر لا على نفسه ولا على غيره من المؤمنين بالفعل ولا في المستقبل، كما إذا تمكن من أن يأتي بالواجب الواقعي موافقاً لهم بحيث يلتبس الأمر عليهم، ويوهم بعمله هذا أنّه يفعل فعلهم ولو كان لايفعل فعلهم في الواقع. ولكن هذه في الحقيقة مستثناة من الاقسام الثلاثة من المندوحة الطولية والعرضية، كما ذكره الشيخ الانصاريR لانصراف أدلة التقية إلى غير هذه الموارد.
أمّا في القسمين الأوّلين فهو ما إذا كانت بالنسبة إلى بعض الوقت دون تمامه، أو الضرورة إلى مكان خاص دون جميع الأمكنة، كما أنّه في أوّل الوقت لايمكنه إلاّ أن يصلّي ناقصاً، أمّا في آخر الوقت يمكنه أن يصلّي تاماً، أو في مكان خاص كالمسجد النبوي أو المسجد الحرام، فإنّه لايقدر على ترك التقية، أمّا في غيرهما كداره فيمكنه أن يأتي بالعمل التام، ففي هاتين الصورتين لايشترط عدم المندوحة، ويكون عمله صحيحاً.
تنبيه:


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com