واضع علم النحو

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

هو أول من وضع قواعد النحو بأمر من أمير المؤمنينB قال أبن خلّكان: كان يعلّم أولاد زياد بن أبيه، فجاءه يوماً وقال له: أصلح الله الأمير إننّي أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم وتغيّرت ألسنتهم، أفتأذن لي أن أضع للعرب ما يعرفون أو يقيمون به كلامهم؟
فقال: لا.
فجاء رجل إلى زياد وقال: أصلح الله الأمير توفى أبانا وترك بنون، فقال زياد: أدعو لي أبا الأسود، فلما حضر قال: ضع للناس الذي نهيتك عنه([1]).
وفي الأغاني: أن أبا الاأسود دخل على ابنته بالبصرة فقالت: يا أبتي ما أشد الحر، فرفعت كلمة ((أشد)) فظنها تسأله وتستفهم منه أي زمان الحر أشد؟ فقال: شهر ناجر، فقالت: ياأبتي أخبرتك ولم أسألك([2]).
وذكر آية الله السيد حسن الصدر في كتابه تأسيس الشيعة قال: ركن الدين علي بن أبي بكر الحديثي في كتاب الركني: إنّ أول من وضع النحو أبو الأسود، أخذه من عليB، وسببه انّ امرأة دخلت على معاوية في زمن عثمان وقالت: أبوي مات وترك مالاً، فاستقبح معاوية ذلك، فبلغ علياًB، فرسم لأبي الأسود فوضع أولاً باب الاضافة([3]).
وقيل: أوّل ما وضع باب الفاعل والمفعول([4]).
وقال ابن الانباري: وروي انّ سبب وضع عليB لهذا العلم أنّه سمع قارئاً يقرأ: لا يأكله إلاّ الخاطئين، فوضع النحو([5]).
ويستنتج من هذه النصوص وغيرها انّ شيوع اللحن والخطأ في الكلام العربي، بما في ذلك الآيات القرانية، والأحاديث الشريفة على لسان أبناء الأمة آنذاك، كان يهدّد الشريعة والتراث الاسلامي، وهذا هو السبب الذي جعل علياًB يدعو أبا الأسود الى وضع علم النحو.
وبما أنّهB هو الإمام والحافظ للدين، لأنه خليفة المسلمين، وحفاظاً ـ كماذكرناــ على القرآن المجيد والأحاديث الشريفة من اللحن وعدم فهم خلاف المراد، خصوصاً بعد أن وجد اللحن شايعاً على ألسنة الناس حدا بمولانا أمير المؤمنينB لأن يضع أُسس علم النحو ويجعل من أبي الأسود القناة الى نشر تلكم الأسس.
وأما سبب اختياره أبا الأسود فلكثرة ذكائه، وتضلّعه في اللغة، وقد ألقى الامام على عاتقه هذه المهمّة بعد أن مهّد له الطريق، ووضع له أهم قواعد هذا العلم، ليسير على الدرب الذي أعدّه له، فقام ــ رضوان الله تعالى عليه ـــ بهذه المهمّة أحسن القيام، وواصل البحث وزاد بعض الأبواب النحوية.
 وعن ابن أبي جمهور الاحسائي في كتاب المجلى: أمّا علم النحو فهو أوّل من وضعه أبو الأسود الدؤلي، فانّ أبا الأسود سمع رجلاً يقرأ: انّ الله بريء من المشركين ورسولهِ، فأنكر ذلك وقال: نعوذ بالله من الخور بعد الكور: أي من النقصان في الإيمان بعد زيادته، فراجع علياًB في ذلك، فقال له عليB: انح للناس ما يقوِّمون به ألسنتهم، وارشده الى ذلك وعلّمه ايّاه، وقال: الكلام كله يدور على اسم وفعل وحرف، وبيّن له وجوه الاعراب بقوله: الرفع للفاعل، والنصب للمفعول، والجر للمضاف إليه([6]). إذاً السبب الرئيس هو شيوع اللحن وانتشاره بين المسلمين، ولّما رأى أبو الأسود ذلك وأحسّ بالخطورة به بالنسبة الى الأحاديث والقرآن، بل اللغة العربية على نحو الأطلاق، وهذا ممّا يؤلمه و يجعله يحسّ بالمسؤولية العظمى تجاهه.
ولذا كان ينقل بين آونة وأُخرى بعـض المــوارد من اللحن إلى الامام عليB، فالأمام ـ كما ذكرنا ـ بأنّه الخليفة والحافظ للشريعة قام بوضع قانون يكون سبباً للتخلّص من اللحن.
 وأمّا الاختلاف في الواضع فقد نسب البعض الى أبي الأسود بأنه هو الذي وضع النحو كما يظهر من بعض الروايات، ويظهر من بعضها الآخر بأنّ الواضع ولو كان هو ولكن كان بتوجيه من الامام أمير المؤمنينB، وفي ثالث بأنّ الــذي وضـع حـــجر الأساس لعلم النحوهو الامام أمير المؤمنينB.
وأمّا الإشكال من جهة الاختلاف الوارد في المضمون ففيه: انّ هذه الروايات ليست كالروايات الواردة في الأحكام الشرعية، بحيث كان الرواة يدققون في نقلها، ومع هذا التدقيق وعدم الاهمال نرى وقوع الاختلاف فيها، وانّ الاختلاف الجزئي هنا لا يضرّ مع الاتفاق في جوهر المعنى.
  يقول عبد الرحمن بن السيد: وهذه الروايات تكاد تجمع أيضاً على أنّ أبا الأسود وضع النحو بارشاد من علي (رضي الله عنه) وبعضها يروي ذلك على لسان أبي الأسود، وقلّة منها تجعل أبا الأسود هو المبتكر لهذا العلم ومبدعه([7])ونحن حينما ننظر الى الروايات نرى انّ أكثرها يشيرالى أن الواضع هو أمير المؤمنينB .
وفي بعضها ورد بأنّ أبا الأسود هو الذي وضع النحو، ولكن في بعضها الآخر ورد ان أبا الأسود هو الذي أشار على عليB بوضع قواعد تمنع اللحن، وهذا يكون شاهداً مع الجمع بين الروايات، على ان الروايات التي ذكرت بأنّ الواضع هو أبو الأسود أيضاً قالت بأمر من الإمام عليB.
ولعلّ ـ الروايات التي دلّت على أنّه هو الواضع ـ بظاهرها أنّه حينما أخذ من عليB أخفاه، كما ذكر كثير من المؤرخين أنّه حينما أخذ العلم من الإمامB، أو وضعه بأمره لم يخرجه إلى أحد([8]).
اذاً الحقّ ان الواضع هوB، لأنّ هذا الابتكار نوع إلهام، فلا يتمكن منه إلا نبيّ أو وصي نبيّ.قال ابن أبي الحديد: وهذا يكاد يلحق بالمعجزات، لأن القوة البشرية لا تفي بهذا الحصر ولا تنهض بهذا الاستنباط، ثم يقول ــ قبل هذه الجملة ــ : وقد علم الناس كافة انّه هو الذي ابتدعه وأنشأه وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامعه وأصوله .... الخ([9]).
وقال أبو حاتم ــ أحمد بن حمدان الرازي الامامي المعاصر لعلي بن بابويه ــ في كتابه في الردّ على كتاب محمد بن زكريا الطبيب في الألحاد وابطال النبوّات والشرائع، بعد ايراد كلام طويل على الملحد المذكور:
 إنّ اللغات أصلها من الأنبياءG كما ذكرنا، فلمّا ختمت النبوّة ختمت اللغات، كما ختم سائر هذه الأسباب التي هي من أصول الأنبياء والحكماء بوحي من الله عزوجل، ولم يبق في العالم غير رسومهم، أو ما استخرج من رسومهم وبني على أصولهم، ووجدنا من الرسوم المحدثة التي تشاكل حكمة الحكماء ما أحدث في هذه الأمة، فاستخرج من اللغة العربية، وهو النحو والعروض، وهما معياران لكلام العرب، وأخذ أهلها من حكماء الأمة وأئمة الهدى، لأنّ النحو رسمه أمير المؤمنينB لأبي الأسود الدؤلي.
وكان أمير المؤمنينB حكيم دهره، بل رأس الحكماء بعد رسول الله2 في هذه الأمة، والهمه الله استخراج ذلك ولم يكن نبياً، بل كان مودعاً وسبيل المودعين والمحدثين في هذه الأُمة سبيل الانبياء في سائر الامم، وحكمتهم مستفادة من محمد2، وكان عليB مختصاً بذلك من بين الأمة، أودعه النبي2 أسراراً، فضّله بها على غيره، فعلمها هو المستحق من الأُمّة فمنها ما أختص به قوماً وسترها عن العامّة، ومنها ما بذ له للخاصّة والعامّة.
والنحو شيء يشاكل حكمة الحكماء وان لم يكن من أسباب الديانة، وهو صلوات الله عليه استخرجه من لغة العرب، ورسمه لأبي الأسود الدؤلي، فأخذه عنه وقاس عليه، ثمّ أخذ عنه الناس فاتسعوا في القياس فيه، وكذلك العروض فأخذ أصله الخليل([10]) بن أحمد، عن رجل من أصحاب علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبG، وكان أيضا حكيم دهره وامام زمانه، ثمّ قاس عليه الخليل بن أحمد وأخرجه الى الناس، وهذان الأصلان أحدثا في هذه الأُمّة، وهما من حكماء الديانة وأئمة الهدى، وهكذا سبيل كلّ حكمة في العالم ــ صغرت أم كبرت ــ أصلها من الانبياء، وهم ورثوها الحكماء والعلماء من بعدهم، ثمّ صار ذلك تعليماً في الناس، وكذلك سبيل اللغات([11]).
(1) انباء الرواة: ص5.
(2) الأغاني: ج11 ص119.
(3) تأسيس الشيعة: ص48.
(4) طبقات النحويين: ص15، الفهرست: ص60.
(5) نزهة الالباء: ص3.
(6) نقله عنه في تأسيس الشيعة: ص57.
(7) مجلة الأقلام: السنة الرابعة/العدد6 ص104.
(8) المصدر السابق.
(9) نقله عنه في تأسيس الشيعة: ص54.
(10) قال المولى عبد الله الأفندي الأصبهاني في رياض العلماء: كان الخليل على ما قاله الأصحاب من أصحاب الامام الصادقB، ويروي عنهB، وهو جليل القدر، عظيم الشأن، أفضل الناس في علم الأدب، وكان امامي المذهب، واليه ينسب علم العروض، والدليل على تشيّعه قوله ـ في تقدم عليB في الإمامة ـ ( استغناؤه عن الكلّ، واحتياج الكلّ إليه دليل على انه إمام الكلّ) وسأله أبو زيد الأنصاري لم هجر الناس علياً وقربه من رسول الله قربه وموضعه من الاسلام موضعه وعناؤه في الاسلام غناؤه، فقال الخليل: (بهروا لله أنواراهم وغلبهم على صف كل منهل والناس على أشكالهم أميل).
(11) نقله عنه في تأسيس الشيعة: ص59.


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com