معنى الأسماء

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

لا بأس بان نشير إلى ما ذكره بعض المحققين بالنسبة إلى الأسماء ، فان الأسماء بالنسبة إلى ذاته المقدسة على ثلاثة أقسام :

الأول: ما يمنع إطلاقه عليه تعالى، وهو كل اسم يدل على معنى يستحيل نسبته إلى ذاته المقدسة، كالأسماء الدالة على الأمور الجسمانية، أو ما هو مشتمل على النقص.

الثاني: ما يجوز إطلاقه عليه عقلاً، وورد في الكتاب العزيز والسنة الشريفة تسميته به، فهذا لا يضر إطلاقه عليه، بل اللازم امتثال الأمر الشرعي في كيفية إطلاقه بحسب الأحوال والتعبدات، إما وجوباً أوندباً.

الثالث: لم يرد ذلك في الكتاب ولا السنة كالجوهر، وكذا العلة في أحد معانيها: أي كون الشيء قائماً بنفسه وغير مفتقر إلى غيره، وهذا المعنى ولو هو ثابت له تعالى وفرض أنّ العقل لا يمنع من إطلاقه عليه، ولكن ليس من الأدب، ولعله لا يناسب ذاته الشريفة، لأن العقل الناقص لا يمكنه الإطلاع على جميع ما يمكن أن يكون معلوماً، بل كثير من الأشياء لا يدركه العقل ولو على نحو الإجمال، وبما أن الأسماء توقيفية فما لم يرد به من الشرع نفسه والإذن من الشارع لا يمكننا أن نطلقه عليه.

إذا عرفت هذا فاعلم ان أسماء الله إما أن تدلّ على الذات من غير أمر، أو مع اعتبار أمر.

وذلك الأمر إما أن يكون إضافة ذهنية فقط، أو سلب فقط ، أو إضافة وسلب.

أما الأول: وهو ما يدل على الذات فقط وهو لفظة (الله) فانه اسم للذات الموصوفة بجميع الكمالات الربانية المنفردة بالوجود الحقيقي، فان كل موجود سواه غير مستحق للوجود بذاته، بل إنما استفاده من غيره.

ويقرب من هذا لفظ (الحق) إذا أريد به الذات من حيث هي واجبة الوجود، فان الحق يراد به دائم الثبوت، والواجب الذي هو ثابت دائماً وغير قابل للعدم، والفناء هو حق، بل هو أحق من كل حقّ.

الثاني: ما يدل على الذات مع الإضافة كالقادر، فانّه بالإضافة إلى مقدوره تعلّقت به القدرة بالتأثير.

(العالم) فانه أيضاً اسم للذات باعتبار انكشاف الأشياء لها.

(الخالق) فانه اسم للذات باعتبار تقدير الأشياء.

(البارئ) فانّه اسم للذات باعتبار اختراعها وإيجادها.

(المصور) باعتبار انه مرتب صور المخترعات أحسن الترتيب.

(الكريم) باعتبار إعطاء السؤالات والعفو عن السيئات.

(العلي) باعتبار انه فوق سائر الذوات.

(العظيم) فانه اسم للذات باعتبار تجاوزها حدّ الادراكات الحسيّة والعقلية.

فالأول : باعتبار سبقه على الموجودات.

والثاني : باعتبار صيرورة الموجودات إليه.

(الظاهر) هو باعتبار دلالة العقل على وجوده دلالة بينّة.

(الباطن) فأنه اسم للذات بالإضافة إلى عدم إدراك الحسّ والوهم إلى غير ذلك من الأسماء.

الثالث: ما يدل على الذات باعتبار سلب الغير عنه كـ(الواحد) باعتبار سلب النظير والشريك له.

(الفرد) باعتبار سلب القسمة والبعضية عنه.

(الغني) باعتبار سلب الحاجة والفقر عنه.

(القديم) باعتبار سلب العيوب والنقائص عنه.

(القدوس) باعتبار سلب ما يخطر البال عنه، إلى غير ذلك.

الرابع: باعتبار الإضافة والسلب معاً كما في (الحي) فأنّه المدرك الفعّال الذي لاتلحقه الآفات.

(الواسع) باعتبار سعة علمه وعدم فوت شيء منه.

(العزيز) وهو الذي لا نظير له وما يصعب إدراكه والوصول إليه.

(الرحيم) وهو اسم للذات باعتبار شمول رحمته لخلقه وعنايته لهم وإرادته الى غير ذلك.

(الله): إما مأخوذ من اله حذفت منه الهمزة وعوض عنها حرف التعريف، وجعل علماً: أي رجع إليه في الحوائج، أو من وَلَه: أي تحير العقول في كنه ذاته وصفاته.

اعلم ان لفظ الجلالة تحيّر في عظمة معناه أرباب العقول، وهو الذي غير خفي بالآثار، ومستور على جميع الخلق بالذات، وقد عجزت العقول عن كيفية ذاته، ولذا كلما زاد الإنسان تأملاً فيه زاد تحيّره وجهله، اذاَ هو ممّا تتحيّر فيه العقول مع اعتراف الجميع بوجوده.

وقد اختلف في اشتقاق هذا الاسم وعدمه([1]):

مشتق من لاه الشيء اذا خفي، قال الشاعر:

لا هت فما عُرفِتْ يوماً بخارجة

 
 

يا ليتها خرجت حتى عرفناها

     

مشتق من التحيّر لتحيّر العقول في كنه عظمته، قال الشاعر:

ببيداء تيهٍ تألَهُ العيرُ وسطَها

 
 

مخفقةً بالآلِ جرد واملق

     

مشتق من الغيبوبية، لأنه سبحانه لا تدركة الأبصار،قال الشاعر:

لاه ربي عن الخلائق طرّاَ

 
 

خالق الخلق لا يرى ويرانا

     

مشتق من التعبّد، كقول الشاعر:

لله درّ الغانيات المدّه

 
 

ألهن واسترجعن من تألهي

     

انه مشتق من ألِه بالمكان اذا قام به، قال الشاعر:

إلهنا بدار لا يدوم رسومها

 
 

كان بقاها وشام على اليد

     

مشتق من ولاه يلوه بمعنى ارتفع.

مشتق من وله بامه اذا أولع بها، كما ان العباد مولهون أي مولعون بالتضرع إليه تعالى.

مشتق من الرجوع الهت الى فلان، أي فزعت إليه ورجعت، يفزعون إليه تعالى في حوائجهم ويرجعون إليه، والهت الى فلان سكت، والمعنى: ان الخلق يفزعون إليه تعالى في حوائجهم ويرجعون إليه. وقيل: للمألوه إليه اله، كما يقال: للمؤتم به امام.

مشتق من السكون، والهت الى فلان أي سكنت، والمعنى: ان الخلق يسكنون الى ذكره.

مشتق من الإلهية، أي القدرة والاختراع.

مشتق من وله، أي تحير من معرفة كنه ذاته.

وهذا الاسم قد امتاز عن غيره من اسمائه:

وقيل: هو غير مشتق من شيء، بل هو علم لزمته الألف واللام، ونسب الخليل: من ان لفظ الجلالة بسيط وليس بمشتق، واللام جزء اللفظ.

ومعنى (الله): أي الذي يحق له العبادة، وإنما حق له ذلك لقدرته على أصول النعم، وهذا الاسم مختص بالمعبود بالحق، ولذا لا يطلق على غيره وهو اسم وليس صفة، لأننا نقول: إله واحد ولا نصف به، فلا نقول لشيء إله، فهو اسم للذات الواجب الوجود الجامع لجميع الصفات العليا والأسماء الحسنى، وفي الحديث: سئل علي(ع) عن معنى (الله)، فقال: استولى على ما دقّ وجلّ([2])

(الرحمن الرحيم): هما مشتقان من الرحمة، وهي في الإنسان بمعنى رقة القلب، امّا في الله التفضل والإحسان والعطف على خلقه بالرزق لهم ودفع الآفات عنهم.

وبعبارة أخرى: الرحمة من البشر تعتبر بحسب المبادئ التي بمعنى الانفعالات وهي الانعطاف.

وقولك: انظر إلى رحمة فلان: أي الفعل الذي حدث عن الرقة في قلب فلان.

وأمّا بالنسبة الى البارئ تؤخذ باعتبار الغايات التي هي الأفعال، فهو رحيم لا رحمة رقة. وفي كتاب الاهليلجة: قال الصادق(ع): ان الرحمة هي تحدث لنا الشفقة، منها الجود ورحمة الله ثوابه لخلقه([3]).

وبعبارة أخرى: الرحمة من العباد شيئان:

أحدهما: يحدث في القلب الرأفة لما نرى بالمرحوم الضرر والحاجة وضروب البلاء.

والثاني: ما بعده أي الرقة واللطف على المرحوم، والرحمة منّا لأجل ما نزل به، وقد يقال : انظر الى رحمة فلان: أي انما يريد الفعل الذي حدث عن الرأفة التي في قلب فلان، فالرحمة بالمعنى الأول منفي عن الله تعالى، وفي نهج البلاغة: رحيم لا يوصف بالرقة([4]).

لا يخفى أن رحمته غير محدودة، وغير قابلة للاحاطة، وفي قوله تعالى: [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ]([5]) يشير إلى مظاهر رحمته الواسعة، فان جميع الأنبياء معترفون بعدم امكان الاحاطة بمراتب رحمته الواسعة [وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ]([6]).

ولا يخفى أن في (الرحمن) المبالغة ما ليس في (الرحيم) فـ(الرحمن) بجميع الخلق، و(الرحيم) بالمؤمنين خاصة.

وفي الحديث عن الصادق(ع) أنه قال: (الرحمن) اسم خاص لصفة عامة، و(الرحيم) اسم عام لصفة خاصة([7]).

فـ(الرحمن) لا يوصف به غير الله بخلاف (الرحيم)، فانه يوصف به غيره يقال: فلان رحيم.

وأما قول بني حنيفة في مسيلمة: (رحمان اليمامة) وهو الذي تنبا في اليمامة وآمنت به بنو حنيفة، وقال شاعرهم:

أنت غيث الورى لا زلت رحمانا([8]).

فهي كلمة كفر صدرت من كافر فلا يعبأ بها، وقتل مسيلمة في الحرب بينه وبين المسلمين في وقعة عرباء سنة 11هجرية.

قلنا: في (الرحمن) مبالغة ما ليس في (الرحيم)، لأن زيادة المباني تدلّ على زيادة المعاني على ما قيل، أو زيادة البناء تدل على زيادة المعنى، ويكون

ذلك باعتبار الكمية والكيفية([9]).

وفي الحديث القدسي: (ورحمتي تغلب على غضبي)([10]). أي انه تعالى حبه لإيصال الرحمة أكثر من إيصال العقوبة، لأن الأوّل: يكون من مقتضيات ذاته.

والثاني: لأجل صدور المعصية.

وفي الحديث: (الرحمن رحمن الدنيا والرحيم رحيم الآخرة )([11]).

فرحمن الدنيا يشمل الكافر والمؤمن، ورحيم الآخرة مختص بالمؤمن.

وفي الحديث الآخر: (رحمن الدنيا والآخرة)([12]).

لأن النعم الأخروية كلها جسام، أما الدنيوية فقليلة وحقيرة.

وهناك فرق ثان: بأن (الرحمن) قيل: مختص بالدنيا، و(الرحيم) بالآخرة كما مرّ في الحديث: (الرحمن رحمن الدنيا والرحيم رحيم الآخرة).

والثالث: بأن (الرحمن) عام لجميع الخلائق كما مر في الآية:[ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ]([13])، و(الرحيم) خاص بالمؤمنين، كما جاء في الدعاء: (رؤوف بالمؤمنين)([14]).

(الكلام والكلمة): ففي بعض هذه الروايات ورد الكلام ثلاثة، وفي بعضها الآخر الكلمة ثلاثة: اسم وفعل وحرف، ولكن في اصطلاح النحويين الذي يشمل الثلاثة هو الكلمة.

وأمّا الكلام في اصطلاح اللغويين: عبارة عن أصوات متتابعة لمعنى مفهوم، وفي عرف النحاة عبارة عن المسند والمسند إليه، وهل يقع الكلام مصدراً؟

قيل: يقع الكلام مصدراً كقولك: كلمته كلاماً، ولكن الذي ينسب إلى بعض المحققين، كما نقله ابن الخشاب انه اسم المصدر.

والفرق بين المصدر واسم المصدر ثلاثة: الأول: ان المصدر مدلوله الحدث، و اسم المصدر مدلوله لفظ المصدر: أي ان المصدر يدل على الحدث بنفسه، واسم المصدر يدل على الحدث بواسطة المصدر.

الثاني: ان مدلول المصدر هو الحدث كالتوضؤ، وأما اسم المصدر هو الحاصل من الحدث، كالوضوء بفتح الواو وضم الضاد، والطهارة الحاصلين من التوضؤ.

الثالث: ان اسم المصدر غالباً يجاري فعله في حروفه، كالاغتسال من غسل. أما المصدر فيخالفه في الأغلب، كالغسل بالنسبة إلى الاغتسال.

اذا عرفت هذا فهل الكلام هنا يراد به الكلام اللغوي ــ وهو الأصوات المتتابعة ــ أو الحروف المنتظمة المسموعة او كلام النحوي؟

قالوا: بالأول، لأن الأصل تأخير النقل. والظاهر هو الثاني بقرينة الحرف. اذاً ليس المراد هو ما يتكلم، بل الكلام من الإنسان هو ما ذكرنا، وأما بالنسبة إلى البارئ إذا قيل: انه متكلم فليس بمعناه انه يتكلم بلسان وشفتين، لأنه ليس بجسم، ولو قلنا: بأن المراد من الكلام اللغوي هو الحروف والأصوات المركبة التي تكون مفهمة للمعاني المقصودة، لأن التكلم من الصفات الحادثة القائمة بجسم من الأجسام والله سبحانه خالق الأجسام. نعم ان الله يوجد الكلام في ذلك الجسم كما أوجد الكلام في الجبل والشجر.

إذاً ليس المراد من الكلام النفسي، وان التكلم معنى قائم بالذات ويكون قديما ًومغايراً للعلم والقدرة، كما قال الشاعر:

ان الكلام لفي الفؤاد وإنما

 
 

جعل الكلام على الفؤاد دليلاً

     

لأنه

أولاً: كما ذكرنا ان الكلام هو عبارة عن الحروف والأصوات المفهمة للمعاني المقصودة، كما في عرف العقلاء.

ثانياً: ان هذا المعنى غير قابل للتصور، كما ذكرناه في كتابنا الفلسفة العامة.

ثالثاً: انه بناءً على هذا لا بد ان نلتزم بتعدد القديم، وان الواجب يصبح مركباً من الذات والصفة فيصبح محتاجاً، فينقلب الواجب الى الممكن المحتاج.

قالوا: بان التكلم بالنسبة الى البارئ من الصفات القديمة، ويكون قائماً بالذات وهو متكلم بالحروف، لا انه يوجد الكلام، في الغير، وقد استشكلوا على هؤلاء وقالوا: بان هذه الألفاظ المركبة من الاصوات غير قارة: أي إنها ينعدم منها جزء، ويوجد الجزء الآخر بعد انعدام الجزء الذي كان قبله. فمعناه: إنها ـ أي الألفاظ ـ تكون محدثة ومسبوقة بالعدم، فكيف يتصور إنها قديمة؟ ولكن هذا الإشكال يرد:

أولا: ان قلنا: بأن الألفاظ غير قارة بالذات، كما كان المعتقد في العصور القديمة: أما لو قلنا: بأن الألفاظ باقية في الجو، لا إنها ينعدم جزء ويوجد جزء آخر، فلا يرد هذا الإشكال.

ثانيا: ويرد عليهم بأنه بناءً على هذا القول لا بد أن نقول: بان البارئ تعالى له آلة التكلم، و مآله الى الاعتراف بالجسمية والى الاحتياج إلى الآلة، مع انه منزه عن الجسمية والاحتياج.

وقال آخرون: كالكّرامية بان التكلم صفة حادثة قائمة بالذات أيضا، وهو باطل لاحتياجه الى الآلة، ويثبت الجسمية لله جل وعلا، وانه يكون محلاً للحوادث.

إذاً الحق ان المراد من التكلم هو إيجاد الكلام في الأجسام.

هل كلام الله حادث او قديم، وقد تكلم المتكلمون فيه مفصلاً، ولكن الذي يظهر في الآية الشريفة [وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ]([15]) انه حادث.

إذاً التكلم من الصفات المحدثة، لأنه من صفات الأفعال، وانه فعل من الأفعال، وأفعاله تكون مسبوقة بالعدم وقائمة بجسم، والدليل على ذلك انه يكون عرضاً، والعرض يحتاج الى المحل.

اما الكلمة: وهي التي تكون اسماً وفعلاً وحرفاً، وقد وردت في القرآن لمعانٍ:

الأولى: قوله تعالى: [بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ]([16]) وهو عيسى(ع)، سمي بذلك لأنه وجد بأمره من دون أب، فشابه الأمور المبدعة التي أوجدها الله تعالى بمجرد قوله: (كن)، ويمكن ان يكون المراد عالم الخلق، والأمر الصادرين من المتكلم الحقيقي، كما قال تعالى في حق عيسى: [وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ]([17]).

الثانية: [وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً]([18]) والمراد بها التوحيد، فانها الكلمة الباقية تكلم بها إبراهيم(ع) وبعده ذريته، فيظهر من هذه الآية ان أولاد إبراهيم(ع) ــــ أي اجداد النبي (ص) ــ موحدون.

الثالثة: كلمة (العذاب) كما في قوله تعالى:[ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ]([19]) و هي قوله تعالى:[ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ]([20]).

الرابعة: كلمة (الصدق والعدل)، كما في قوله تعالى:[ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً]([21]) هي مواعيده وأحكامه وأخباره.

الخامسة: كلمة (التقوى) هي الإيمان او شهادة ان لا اله الا الله كقوله تعالى:[ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى]([22])، وفي الحديث: في معنى كلمة (التقوى) عن النبي (ص) ان الله عهد الى علي عهداً، قلت: يا رب بينه لي، قال: استمع، قلت : سمعت، قال (جل وعلا): ان عليا(ع) آية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، والكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبني أحبه، ومن أطاعني أطاعه([23]).

السادسة: قوله تعالى:[ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ]([24]) معناه: أرادة تأخير العقوبة والعذاب عن الأمة المرحومة.

السابعة: قوله تعالى:[ َكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا]([25]) وهي دعوتهم إلى الإسلام.

الثامنة: قوله تعالى:[ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى]([26]) وهي دعوتهم إلى الكفر.

(الاسم ما أنبأ عن المسمى): لذاته بذاته مقابل الفعل الذي يكون بذاته لغيره كضرب زيد، ومقابل الحرف الذي هو ملحوظ لغيره بغيره نحو: في الدار زيد.

فالإنباء بمعنى الإخبار، والنبأ العظيم اختلف في معناه. قيل: هو القيامة والبعث، وقيل: هو القرآن، لأنه نبّأ عن التوحيد وتصديق الرسول، والخبر عما يجوز وعما لا يجوز.

والحق ان المراد منه هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، كما ورد عن لسانه وهو الصادق الأمين: ما لله نبأ هو أعظم مني، وما لله آية هي أكبر مني، وقد عرض فضلي على الأمم الماضية على اختلاف ألسنتها، فلم تقف بفضلي([27]).

وعن الإمام الباقر(ع) النبأ العظيم علي أمير المؤمنين(ع)([28])، هو النبأ العظيم وفلك نوح وباب الله وانقطع الخطاب.

سمي النبي نبياً لأنه يخبر عن الله بغير واسطة البشر وهو أعم من ان يكون له شريعة، أو ليس له شريعة كـ(يحيى) مقابل الرسول الذي هو أيضاً مخبر عن الله بغير واسطة احد من البشر، وله شريعة مبتدئة كـ(آدم(ع))، وناسخة كـ(محمد(ص)).

الفرق الثاني: ان النبي : هو الذي يرى في منامه، ويسمع الصوت، ويرى في المنام، ولا يعاين الملك. والرسول: هو الذي يسمع الصوت، ويرى في المنام، ويعاين الملك.

الفرق الثالث: بأن الرسول قد يكون من الملك بخلاف النبي.

الفرق الرابع: ان النبي هو الإنسان الكامل المبعوث من قبل الله بلا واسطة بشر، فلو كان نبياً لنفسه يطلق عليه نبي فقط، وان كان مبعوثاً للناس كافة فيقال له: سفير، ولو كان له شريعة جديدة تكون ناسخة للشريعة التي سبقت. فيقال لصاحب هذه: أنه من أولي العزم.

فالنبي يكون اعم من الرسول، لأن كل نبي رسول ولا عكس، والرسول اعم من أولي العزم، لأن كل واحدٍ من أولي العزم يكون رسولاً ولا عكس. وقد يأتي النبي بمعنى الخبير لا انه بمعنى المخبر، كما ورد عنه كنت نبياً وآدم بين الماء والطين.

ومن المعلوم ان النبوة هنا ليست بمعنى المخبر به ، بل بمعنى انه كان خبيراً، وأيضاً كما ثبت في محلة انه قبل البعثة لم يكن تابعاً لأحد من الأنبياء السلف، بل كان يعمل بشريعته اذا كان نبياً قبل البعثة ولم يكن رسولاً.

(المسمى): الألف واللام قد تأتي للعهد وقد تأتي للجنس، والمراد هنا الجنس.

لا يخفى بان اللفظ والمعنى يكونان متباينين.فالاسم بسيط ومن الكيف المسموع، والمسمى قد يكون جوهراً وقد يكون عرضاً، فكيف يحصل المعنى ويخطر بالبال بسبب إلقاء اللفظ؟ هل هذا يكون من جهة العلقة الذاتية ام من جهة الجعل؟

الحق هو الثاني، لأنه لو كانت هذه العلقة ذاتية لما أمكن الجهل باللغات أصلاً، وأنه لو كان سماع اللفظ علة للانتقال إلى سماع المعنى وانتقال المعنى في ذهن السامع بدون وضع، فنتيجته احاطة كل شخص بكل اللغات، وهذا بديهي البطلان.

إذاً لا بد ان يكون بالوضع، وهو الذي يحصل بواسطته ارتباط خاص بين اللفظ والمعنى, ومن هنا وقع الخلاف في معنى الوضع هذا، فمنهم من فسره بالالتزام والتعهد من الواضع بإرادة المعنى من اللفظ عند الاستعمال: أي استعماله في المعنى بلا قرينة، وهذا القول منسوب إلى الفاضل النهاوندي([29]).

وقال صاحب الكفاية: بانه عبارة عن اختصاص اللفظ بالمعنى، وارتباط خاص بينهما ناشيء عن تخصيصه به تارة، ومن كثرة استعماله أخرى([30])، ومنهم من فسره بجعل اللفظ علامة لإرادة المعنى، ومنهم كالأستاذ المحققR([31])حيث قال بـ(الهوهوية).

وقد شرحنا الأقوال في محاضراتنا في النجف الأشرف وفي قم المقدسة، وبعد شرح جميع الأقوال مفصلاً وردّ الجميع، اخترنا القول الأخير، وهو القول بـ(الهوهوية) تبعاً للأستاذ المحقق D وقلنا: ان هذا الاتحاد لا بد ان يحصل بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى، ولا نعني بها الهوهوية الاعتبارية، بل الواقعية، مع قطع النظر عن سبب خارجي: أي ان طبيعي اللفظ مستعد لإحضار طبيعي المعنى، وليست من الأمور التكوينية، بل من الأمور الواقعية، ويكون من باب التوسعة في الموضوع كالطواف بالبيت صلاة، وليس من الأمور الاعتبارية المحضة أيضاً، ولا من الأمور الانتزاعية، بل كما ذكرنا يكون من الأمور الواقعية، فحقيقة اللفظ هي ان يعتبر الواضع وجود اللفظ وجوداً تنزيلياً للمعنى.

إذاً هذا الاتحاد ولو انه يحصل بواسطة الاعتبار لا تكويناً، ولكن بعد الوضع يحصل الاتحاد واقعا إذاً معنى الوضع هو فناء اللفظ في المعنى، ودليلنا على ذلك: انه مع وجود المباينة بين اللفظ والمعنى كيف يكون إلقاؤه إلقاء المعنى لولا هذه الهوهوية والاتحاد؟ وهل يمكن ان يكون إلقاء شيء إلقاءاً لشيء آخر مبيناً له؟

فهذا لا يمكن إلا بجعل اللفظ وجوداً تنزيليا للمعنى أيضاً ، وكيف يسري حسن اللفظ او قبحه الى المعنى؟ وعلى العكس كيف يسري حسن المعنى وقبحه الى اللفظ لولا هذا الاتحاد والهوهوية.

(ما): ترد اسمية وحرفيه، فالاسمية تكون موصولة نحو قوله تعالى: [ وما عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ]([32]).

وتامة نحو: غسلته غسلاً نعماً: أي نعم الغسل. وناقصة موصوفة ويقدر بشيء نحو قوله: مررت بما معجب لك: أي بشيء معجب لك. واستفهامية نحو قوله:[وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى]([33]).

وشرطية نحو قوله: [وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ]([34]).

وحرفية مصدرية نحو قوله:[عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ]([35]).

وزائدة نحو قوله:[فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ]([36]).

وكافة عن عمل النصب والرفع كقوله:[إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ].

وزمانية نحو قوله:[ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ]([37]).

وغير زمانية نحو قوله:[مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ]([38]).

وتأتي بمعنى النافية نحو قوله:[ مَا هَـذَا بَشَراً]([39]).

وكافة عن عمل الرفع كقول الشاعر:

قلما يبرح اللبيب الى ما

 
 

يورث المجد داعياً أو مجيباً

     

وكافة عن عمل الرفع والنصب، وهي المتصــــــــلة بـ(ان وأخواتها) نحو قـــوله: [إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ]([40]).

وكافة عن عمل الجر كقول الشاعر:

ربما أوفيت في علم

 
 

ترفعن ثوبي شمالات

     

و (ما) غالباً تطلق على غير ذوي العقول، ولكن قد تطلق على جماعة من العقلاء نحو قوله:[ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ]([41]).

وخلاصة القول في (ما) أنها ترد في العربية ولها أربعة عشر مورداً.

و(من) تكون على العكس، فالأغلب تأتي لذوي العقول نحو قوله:[ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى]([42])وتستعمل لغير ذوي العقل نادراً نحو قوله:[ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ]([43])، تلحق ما بـ(رب) و(الكاف) و(الباء) و(من) وغيرهما.

وتكون للتعجب نحو (ما أحسن زيداً)، وتجيء محذوفة الألف إذا ضمت إليها الباء فنـــقول: بم، و(عن) نحـــو قوله تعالى:[ عَمَّ يَتَسَاءلُونَ]([44]) و (لم) نحو قولك : لِمَ فعلت هذا؟. وكثيراً ما يقال: (فمه) وكان المعنى (فماذا تريد) والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى.

والفعل: عبارة عن كل عمل معتد به أو غير معتد به، وقيل: بمعنى اسم المصدر، لان مصدره الفعل بالفتح، وهو عبارة عن تأثير الفاعل مادام مؤثراً،والانفعال عبارة عن تأثير الشيء.

والحركة: أيضاً اسم من التحريك، وهو الانتقال خلاف السكون.

والحركة عند المتكلمين: عبارة عن حصول الجسم في مكان بعد حصوله في مكان آخر، أعني: عبارة عن مجموع الحصولين.

وعند الحكماء: هي عبارة عن الخروج من القوة الى الفعل، والمراد هنا حركة الحادث تحققاً، أو اتصافاً قياماً أو قعوداً.

قال النحويون: ان الاسم: هو ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، والفعل: ما دل على معنى في نفسه مقترن بأحدها، والحرف: ما دل على معنى في غيره.

قال الشيخ البهائي في الصمدية: الفعل: كلمة معناها مستقل مقترن بأحدها ـــ أي الأزمنة الثلاثة ـــ ([45]).

وعن نجم الائمة في حد الفعل ما لفظه: هو ما دل على معنى في نفسه مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة معيناً، بحيث يكون ذلك الزمان المعين مدلول اللفظ الدال على ذلك المعنى بوضعه له، فيكون الظرف والمظروف مدلولي لفظ واحد بالوضع الأصلي([46]).

وفي الهداية: وحد الفعل بأنه كلمة تدل على معنى في نفسه مقترناً بأحد الأزمنة الثلاثة، كضرب يضرب إضرب([47]).

فعلى أي حال اتفق النحويون على دلالة الفعل على الزمان، بل نسب هذا الاتفاق الى علماء المعقول أيضاً، وقد استدلوا بالتبادر أيضاً، ولكن التبادر غير ثابت، إذا لابد ان يكون من حاق اللفظ و استدلوا بالإجماع، ولكن الإجماع ليس بحجة، لان الذي يكون حجة هو الإجماع التعبدي الكاشف عن قول المعصوم(ع).

نعم، لو كان هذا الاتفاق كاشفاً عن تنصيص الواضع يكون حجة، ولكنه غير ثابت، فالحق ان الزمان ليس جزء لمدلول الأفعال لأمور:

الأول: لأنه لو كان مدلولاً للفعل لكان إما مدلولاً لهيئته أو مادته، اذ الدال على ذلك منحصر فيهما، والمادة لا تدل الا على نفس الطبيعة المجردة، وأما الهيئة فهي لا تدل إلا على نسبة المادة إلى الفاعل، وهو معنى حرفي، والزمان معنى اسمي له معنى استقلالي، فكيف يمكن ان تدل الهيئة التي هي من المعنى الحرفي على الزمان الذي هو معنى اسمي؟

الثاني: لو كان الزمان مدلولاً لفعل للزمت دلالته على أمرين ًمتباينين بإطلاق واحد، وهما: النسبة الى فاعل ما والزمان.

الثالث: ان النسبة الى فاعل ما تكون معنى حرفياً، والزمان يكون معنى اسمياً، ودلالة الهيئة عليهما مستلزمة لصيرورتهما اسماً وحرفاً في معنى واحد.

الرابع: لو كان دالاً على الزمان فلا يجوز استعماله في نفس الزمان، كقولك: مضى الزمان، وخلق الله الزمان، لان الزمان لا يكون في زمان آخر، فلا بد عند الاستعمال من التجريد عن الزمان، و هو خلاف الوجدان، لعدم الفرق بين إسناد الفعل الى الزماني وبين إسناده إلى نفس الزمان، بل المجردات عن المادة سواء أكان في صفات الذات كقولك: علم الله جل جلاله، ام من صفات الفعل كقولك: خلق الله الأرواح.

الخامس: لو كان دالاً على الزمان لما جاز إسناده إلى الزمان ،ولو بنحو التجوز لاستحالة وقوع الحدث المسند الى الزمان في الزمان، مضافاً الى عدم وجود علقة مصححة للاستعمال، ولو جاز فمجرد وجود علقة الكل والجزء لا تكون هذه العلقة مصححة، فظهر مما ذكرنا بأن الفعل لا يدل على الزمان.

نعم، لو نسب الى الزماني فهو يدل عليه، ولكن هذه الدلالة ليست مستندة الى الوضع بل إلى الإطلاق.

قد يقال: ان الاختلاف بين الاسم والفعل ليس من جهة انه دال على الزمان دون الاسم، بل عبارة عن المعنى البرزخي بين المعنى الاسمي والحرفي، ولكن هذا الكلام غير تام، للفرق الواضح بين المسمى وحركة المسمى.

وقد يستشكل على التعريف المشهور للنحويين: بان المراد من الفعل الذي هو مستقل في نفسه، والغرض منه الاستقلالية بالمفهوم.

وعليه فيكون التعريف جامعاً بين الاسم والفعل، ولكن الحق ان المستقل بالمعنى هو الاسم، وإما الفعل بما انه مركب من الحدث الذي هو مفهوم مستقل، والإسناد الذي هو معنى حرفي فهو برزخ، ولكن هذا الكلام انما يتم على إيجادية المعنى الحرفي، اما بناءً على اخطاريته فالفعل له مفهوم مستقل بالنسبة للإسناد أيضاً.

(والحرف ما أوجد المعنى في غيره): ان الحرف بمعنى الطرف، حرف كل شيء طرفه وشفيره وحدّه.

وقال النحويون: بأنه ما يدل على معنى لا في نفسه بل في غيره.و يسمى الحرف حرفا، لأنه وقع في الطرف ، وقالوا: ان الحروف وضعت للربط بين المعاني المستقلة كالباء، فأنها وضعت لمجرد الربط: أي إلصاق الفعل أو ما في معناه بمدخولها والإلصاق هو حقيقي ومجازي، فالحقيقي كقولك: أمسكت بزيد، والمجازي نحو: مررت بزيد وسائر الخصوصيات من التعدية والتفدية والظرفية والمصاحبة والاستعانة تعرف من القرائن الخارجية كقولك: كتبت بالقلموالبدلية كقول الشاعر:

فليت لي بهم قوما إذا ركبوا

 
 

شنوا الإغارة فرساناً وركبانا

     

والمجاوزة كقوله تعالى:[ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً]([48]).

والاستعلاء كقوله تعالى:[مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ]([49])، أي على قنطار.

والمقابلة كقوله تعالى:[ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ]([50]).

والسببية كقوله تعالى:[ فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ]([51]).

والغاية كقوله تعالى:[ وَقَدْ أَحْسَنَ بَي]([52]).

والتبعيض كقوله تعالى:[ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ]([53]).

وفي الحديث : سئل(ع)إنهم يقولون نزل القران على سبعة أحرف؟

فقال: كذب أعداء الله، ولكنه نزل القران على حرف واحد([54])، وفيه ردُ لما رووه في أخبارهم من ان القرآن نزل على سبعة أحرف، ثم إنهم اختلفوا في معناه على أقوال.

فقيل إن المراد بالحرف الاعراب، وقال الآخر: الكيفيات، وقال الثالث: إنها وجوه القراءة التي اختارها القراء، ومنه : فلان يقرأ بحرف ابن مسعود.

وورد عن أبي عبيدة على سبعة أحرف ـ أي لغات من لغات العرب ـ وقال: ليس معناه ان يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، ولكن نقول: هذه اللغات السبع معروفة في القرآن، فبعضه بلغة قريش،وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن، ثم قال: ومما يبين ذلك قول ابن مسعود: اني سمعت القراء فوجدتهم متقاربين: فاقرأوا كما علمتم انما هو كقول احدهم: هلم وتعال واقبل([55]).

ويأتي بمعنى الفصل كما في الحديث: الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفاً([56]) ــــ يعني فصلاً ــــ .

وقد وقع الخلاف في المعنى الحرفي وفيه أقوال:

القول الأول: هو المنسوب إلى صاحب الكفاية([57]): من عدم الفرق بين المعنى الحرفي والمعنى الاسمي، لا من جهة الموضوع له ولا المستعمل فيه، بل المعنى الحرفي هو المعنى الاسمي. فان كلمة (من) والابتداء كلاهما موضوعان لمعنى واحد، والآلية والاستقلالية ليستا جزءاً للموضوع له ولا المستعمل فيه.

ولذا الوضع يكون فيهما عاماً وكذا الموضوع له، والمستعمل فيه يكونان عامين، وعدم جواز استعمال كل من لفظ الابتداء و (من) في مكان آخر، انما هو من جهة ان الاسم وضع ليراد به المعنى في نفسه، والحرف وضع آلة لملاحظة الغير، وانه وضع ليراد منه معناه، لا بما هو هو بل بما هو حالة للغير.

ونحن أثبتنا في بحوثنا الأصولية بان الوضع في الحرف عام والموضوع له خاص، والتباين بين المعنى الاسمي والحرفي ذاتي، وليس التباين بينهما من جهة اللحاظ، وبينا هنا الاحتمالات الممكنة في لحاظي الآلية والاستقلالية باستيعاب، ولا مجال هنا للتوضيح أكثر من ذلك في هذه الرسالة المختصرة.

القول الثاني: ما عن نجم الأئمة بان الحروف لا معنى لها حتى يوضع لها لفظ الحرف، بل حالها حال علامات الاعراب، حيث تجعل علامة لخصوصية المعنى في مدخوله، فكما ان الرفع يكون علامة لفاعلية الفاعل وهو (زيد) في قولك: ضرب زيد، وكذلك (من) تكون علامة للابتدائية وهي ابتدائية مدخولها كالبصرة، في قولك سرت من البصرة الى كربلاء. وهكذا (في) علامة على ظرفية مدخولها كالدار في قولنا: زيد في الدار.

إذا لا معنى للحرف أصلا، ولكن الحق ان الحرف له معنى، لان قولك: زيد في الدار، فـ(زيد) يدل على نفس المسمى، وكذا الدار فإنها موضوعة لنفس معناها، و(في) تدل على خصوصية الظرفية، ونفس الخصوصية التي تدل عليها الحروف بذاتها هي معنى الحروف.

القول الثالث: ما هو المنسوب الى المحقق النائيني([58]):

(هو ان الحروف ايجادية بخلاف الأسماء فانها إخطارية، فالمعنى الحرفي يباين المعنى الاسمي بالذات، والمعنى الاسمي إخطاري، فالاسم معناه يحضر في الذهن استقلالاً، وله مفهوم ثابت قبل الاستعمال).

واما المعنى الحرفي فلا مفهوم له، بل هو إيجادي وهو بمعنى الربط بين المعاني الاسمية والمتباينة كالدار وزيد والسير والبصرة. وبما ان المعاني الاسمية لا ارتباط بين بعضها والبعض الآخر، فاحتيج في مقام التأليف الى ربط يربط بينهما، ولكن لقد شرحنا مفصلاً وبينا بان الحروف ايضاً يكون معناها إخطارياً كالاسم لا إيجادياً، وقد استدل المحقق النائيني على مبناه بأمور:

الأول: بما روي عن أبي الأسود الدؤلي، عن أمير المؤمنين(ع) الاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أوجد المعنى في الغير،قال يظهر في عدوله من الانباء إلى الإيجاد بالنسبة الى الحرف، ان المعنى الحرفي لا تقرر له في أي وعاء غير وعاء الاستعمال حتى يدل عليه الحرف ويحكى عنه كحكاية أخويه عن معانيهما، فتبين ان الحرف يكون آلة لإيجاد معناه فقط، وقد اجبنا عن هذا الاستدلال بان الرواية نقلت بألفاظ مختلفة ومنها:

أولاً: بان الاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أوجد المعنى في غيره([59])، وهذه هي التي استدل بها على مبناه.

ثانياً: الاسم ما دل على المسمى، والفعل ما دل على حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل([60]).

ثالثاً: أقسام الكلمة ثلاثة: اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أوجد معنى في غيره([61]).

رابعا: الاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبىء به، والحرف ما جاء لمعنى([62]).

وورد بطريق خامس: الاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف أداة بينهما([63]).

فالرواية الثانية والرابعة تدلان على الإخطارية.

إذاً لا يمكن الاستدلال بالرواية مع اختلافها من جهة المضمون وأما ما قيل: بأنه لا يمكن الاستدلال بالرواية، لأنها عامية لا يمكن الاعتماد عليها، انه ولو كانت ولكن من المسلم صدورها عن أمير المؤمنين(ع)، كيف وقد اتفق العامة والخاصة على إنها صدرت منه(ع) سوى شرذمة منهم، وهذا الاتفاق يكون سبباً للقطع بصدورها منه، وانه(ع) يكون واضعاً للنحو كما ذكرنا، وقد ذكر المحقق الجليل السيد علي البهبهاني: بان الرواية مشتهرة بين أهل العربية اشتهار الشمس في رائعة النهار([64])، أو رابعة النهار ولكل من هذين اللفظين له معنا خاصاً به لا يسع بيانه هنا.

وعن ابن أبي الحديد: (انه يظهر في حصر الكلمة الى اسم وفعل وحرف، وتقسيم الاعراب إلى الرفع والنصب والجزم يكاد يلحق بالمعجزات، لآن القوة البشرية لا تفي بهذا الحصر ولا تنهض بهذا الاستدلال)([65]).

ومعناه: انه من المسلم صدوره من علي(ع)، فان عدم إمكان الاستدلال بالروايات على المطلق انما هو من جهة اختلاف المضمون، لا من جهة الشك في الصدور، و إلا فهي مقطوعة الصدور واضحة المعنى.

الثاني: بان حرف النداء مثل: (يا زيد) لا يمكن ان يكون منبئاً، وحاكياً عن النسبة الابتدائية المقررة في غير موطن الاستعما ، اذ قبل الاستعمال لا منادى ولا منادي، بل هذه العناوين انما توجد بنفس الاستعمال.

وثالثاً: ان مفاهيم أجزاء الجملة مفاهيم بسيطة غير مرتبطة بعضها ببعض سواء أكانت الجملة اسمية أم فعلية، خبرية ام إنشائية، ناقصة ام تامة، كالماء والكوز. ولولا كلمة (في) لما حصل ربط بينهما، مع أنهما في ذاتهما متباينان.

وقد اجبنا عن هذه الاستدلالات مفصلاً، وقلنا: بأنها غير تامة، والحق بان المعنى الحرفي إخطاري لا إيجادي، وسيأتي بيان حقيقة الرأي المختار.

القول الرابع: ما عن هداية المسترشدين: من التفصيل بين الحروف، فان بعضها يكون ايجادياً كحروف النداء والتمني والترجي، وبعضها إخطارياً كـ(الى) و(على) و(في)([66])، وأيضاً ذكرنا بأنها كلها إخطارية.

القول الخامس: ان المعنى الحرفي يكون من قبيل الوجود الرابطي كالأعراض، فأنها وضعت لمعنى لوحظ حالة للغير ونعتاً له، فلا يمكن ان يوجد في الذهن مستقلاً وفي غير الموضوع، بل حاله حال الأعراض الخارجية التي لا توجد مستقلة([67]).

ولكن ذكرنا بان المعنى الحرفي يكون من قبيل وجود الربط، ويحتاج إلى الطرفين، والأعراض تحتاج إلى طرف واحد، فراجع.

القول السادس: ما ذكره سيدنا الأستاذ الاعظم السيد الخوئيQ([68]) في المحاضرات بعدما ذكر الفرق بين المعنى الحرفي والاسمي من التباين، وبعد ان قسم الحروف إلى قسمين: قسم منها يدخل على المركبات الناقصة والمعاني الافرادية كـ(من) و (إلى).

والقسم الآخر ما يدخل على المركبات التامة ومفاد الجملة كحروف النداء والتشبيه والتمني والترجي.

قال: أما القسم الأول: فهو موضوع التحصص ـ أي تحصص المعنى الاسمي في عالم المفهوم ــ لأنها قابلة للتقسيمات الى غير النهاية، فتارة: يراد منه تفهيم ذات المعنى بإطلاقه، واخرى: تفهيم حصة معينة، فان أريد الأول أمكن الاكتفاء بالاسم بإطلاقه، وان أريد الثاني فإنها لا تفهم من مجرد الإطلاق. فالاسم لا يدل عليهما، والذي يدل عليهما هو الحرف.

وفيه: ان المعنى الحرفي سبب للتحصص، لا انه بمعنى التحصص، فاذا قلت: سرت من البصرة، فإن لم تلاحظ السير ولم تلاحظ البصرة ولم تلاحظ النسبة بينهما بحيث يفهم بأنه ليس المراد مطلق السير،لان الملاك منحصر في حصة خاصة من السير لم يحصل التحصص.

إذاً الحرف يكون موضوعاً لشيء يكون سبباً للتحصص. ولم نذكر القسم الثاني من كلامه، لانه غير مربوط بمحل البحث.

الحق ـ بعد ذكرنا لهذه الأقوال واستشكالنا عليها مفصلاً ـ ان المعنى الحرفي يكون بمعنى الإخطارية، وليست اخطاريته مستقلة كالأسماء، بل تكون اخطارية في وعاء المفاهيم: أي في ضمن وجود ركنيه، كما انه ليس بمغفول عنه، لذا قد يسأل عن كيفية مجيء الشخص مع علمه بأصل مجيئه.

اذا لا معنى للقول بأنها لا معنى لها بما هي هي ما عدا التراكيب الكلامية.

قوله:

(ظاهر) أي يفهم معناه عرفا بلا واسطة شيء لكي يفهم المعنى منه.

(مضمر) أي مخفي معناه، ويحتاج في فهم معناه الى واسطة او وسائط.

(وشيء ليس بظاهر ولا مضمر) منه بطون المعاني وإدراك الأحكام المستترة.

قال الحموي: ومثل الزجاج لقوله: (ما ليس بظاهر ولا مضمر)بالمبهمات نحو: (هذا) و (من) و (ما) و (الذي) و (أي) و (كم) و (متى) و (أين) وما أشبهه([69]).

ويمكن ان نفسر هذه الجملة بوجوه:

المراد بالظاهر هو الاسم الظاهر، والمراد بالمضمر الضمائر البارزة، وشيء منه ليس بظاهر ولا مضمر كالضمائر المستترة. وقد قيل ــ كما في الرواية السابقة ــ: أراد بذلك اسم العلم المضمر.

اللفظ اما ظاهر: أي ملحوظ بذاته لذاته، من غيره مقابل بذاته لذاته من ذاته، ومقابل بذاته ولكن لا لذاته بل في غيره، ومقابل ليس بذاته ولا في ذاته بل لغيره وفي غيره.

فالأول: الجوهر وهو الموجود الذي يكون قوامه بنفسه، وهو على خمسة أقسام:

أ: العقل.

ب: النفس.

ج: المادة.

د: الصورة.

هـ: الجسم.

الثاني: ذات البارئ.

الثالث: العرض: وهو الموجود الذي يكون قوامه بالجوهر، ويكون على أقسام تسعة:

أ: الكم

ب: الكيف

ج: الأين

د: متى

هـ: الوضع

و: الجدة

ز: الإضافة

ح: الفعل

ط:الانفعال

وتفصيل معاني هذه الأمور يكون في محلها.

الرابع: الحروف بناء على المشهور الذي هو الايجادية.

وإما مضمر: أي ملحوظ بذاته لغيره ، وشيء منها ليس بظاهر ولا مضمر وهو الحرف.

الظاهر كالاسم والمضمر كالفعل ، وليس باحدهما كأسماء الأفعال.

الظاهر كـ(زيد) ومضمر كالاسم المحذوف (فاسأل القرية) أي أهل القرية ليس بظاهر ولا مضمر(وتسمع بالمعيدي خير من ان تراه).

الاعراب: إما ظاهر كالاعراب بالحركات، أو مضمر كالاعراب بالحروف، وليس باحدهما كالاعراب في غير المنصرف نحو: مررت بأحمد.

الاعراب اما ظاهر كالاعراب اللفظي، او مضمر كالاعراب التقديري، أو ليس بظاهر ولا مضمر كالاعراب المحلي.

العامل: إما ظاهر كالعوامل اللفظية، او مضمر كالعوامل المحذوفة كما في قولك: سقياً ورعياً ونحوهما، أو ليس بشيء منها كالعامل المعنوي كالابتدائية في الابتداء.

المقصود من قوله: ظاهر: أي يفهم من اللفظ كالمناطيق، والمضمر المفاهيم، كالماء اذا قدر كُراً لا ينجسه شيء، فان مفهومه انه اذا لم يبلغ الى ذلك الحد ينجسه كل شيء. وليس بظاهر ولا مضمر كدلالة الإشارة على اقل الحمل، فانه يفهم من النظر الى الآيتين وهما: [وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً]([70]) و[وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ]([71]).

فيكون الناتج بعد الطرح ستة اشهر.

الظاهر كالجسم: وهو الجوهر المركب من المادة والصورة، وله أبعاد ثلاثة: الطول والعرض والعمق ولا بد ان يكون في مكان.

والمضمر كالنفس: هو الجوهر البسيط، ولو انه في ذاته لا يحتاج الى المادة، ولكن في الفعل يحتاج إلى المادة، وهما من أفراد الجوهر تمييز النفس من الجسم والعرض.

لا يخفى بان النفس ليست بجسم ولا عرض لأنها حيثما ترى في الإنسان شيئاً يكون مضاداً لأفعال الجسم وأجزاء الجسم وخواصه وهو غير مشاركة معه في حال من الأحوال، وأيضاً هي تباين الأعراض وإيفادها اذا عرفناه بانه ليس بجسم ولا عرض وهذا الشيء ليس قابلاً للتغير ولا التبديل، وبعد ان فرض لكل جسم صورة خاصة.

      وهو غير قابل لقبول صورة أخرى، الا بعد ان يفارق الصورة الأولى مفارقة تامة، ولو فرض هناك جسم مثلثي الشكل فهو لا يقبل شكلا اًخر على صورة التربيع أو التدوير الا بعد مفارقة الصورة الأولى، ولو بقي فيه شي من ذلك الشكل او الصورة أيضاً لم يقبل الصورة الثانية، بل تخبط الصورتان. هذا حكم مستقيم ومستمر في الأجسام يقال: إذا قبل الشمع صورة نقش الخاتم لم يقبل غيره من النقوش الا بعد ان يزول عنه رسم النقش الأول.

ولكن نحن بعد ان تأملنا وجدنا من أنفسنا تقبل الصور المختلفة سواءٌ أكانت من المحسوسات ام المعقولات، وفي وقت واحد من دون مفارقة للأولى ولا معاقة ولا زوال رسم بل يبقى الرسم الأول باقياً على نحو التمام والكمال. وفي حينه يتقبل الرسم الثاني تاماً كاملاً، بل النفس تقبل الصور المتعددة دوماً بدون الضعف أو القصور في اي من الأوقات، بل حينما ترد الصورة الثانية تكون سبباً لقوة الصورة الأولى.

أما انها ليس بعرض، لان العرض غير قابل لحمل عرض أخر، لأنه في نفسه محمول أبداً ويوجد في غيره وليس له قوام بذاته.

      والنفس في نفسها جوهر قابل أبداً لان يكون حاملاً وأكمل من حمل الأجسام للعرض وما يتصور من الطول والعرض والعمق للجسم في الذي صار به الجسم حسبما يتصور بالنسبة إلى النفس بالنسبة إلى قوتها الوهمية، من غير ان تصبح عريضة وطويلة وعميقة .

أيضا ليس كالحواس لأنها تدرك المحسوسات فقط، اما النفس تدرك أسباب الاتفاقات وأسباب الاختلافات التي تأتي من المحسوسات، بل تدرك المعقولات بنفسها من دون ان تستعين بالجسم.

و ذكر بعض الأجّلة: لا يخفى أن النفس تطلق على معان:

أحدها: ذات الشيء يقال: هذا نفس الشيء أي ذاته وعينه.

وثانيها: الدم السائل كقول الفقهاء: كل ما كان له نفس سائله فحكمه كذا.

وثالثها: الهواء، كقولهم: هلك نفسه اذا انقطع نَفَسُه، ولم يبق في جسمه هواء يخرج من جوانبه.

ورابعها: ميل الطبع [إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ]([72]) أي ان الهوى داع الى القبيح.

وخامسها: النقمة [وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ]([73]) أي نقمة وعقوبة. [مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً]([74]) لأنهم كلهم كانوا خصماءه، وكان هذا القتل بمنزلة قتل الجميع. وبما أنهم أصبحوا متأثرين، فمن شدة التأثر كان هذا القتل متوجهاً إليهم كلهم.

ومن أحيا نفساً من جهة الاستنقاذ من الحرق او الغرق او غيرهما أو استنقذه من ضلال فكأنما أحياهم جميعاً أي أجره على الله كان كأجر إحياء جميع الناس، وفيه فرعان:

      الفرع الأول: من قتل نبياً أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن شد على عضد نبي او إمام فكأنما أحيا الناس جميعاً في استحقاق الثواب.

      الفرع الثاني: من قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً، لأنه سهل لهم هذا العمل في نظر الغير وسن القتل، فكان عقابه عقاب الجميع، لأنه كان بمنزلة من شارك في قتل جميع الناس.

أما من اجتنب عن قتل الغير ويعظم تحريم القتل فقد أحيا الناس جميعاً لعدم إقدامه على هذا العمل الشنيع.

والنفس مدبر للبدن، والحكماء يعبرون عنها بالنفس الناطقة، وبما ان لها شؤوناً وأطواراً مختلفة ولذا عبر عنها البارئ بقوله: [وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً]([75]).

إذا بحسب كل شأن وطور اصطلحوا عليه معنى ومراتب، وقالوا بان لها خمس مراتب:

الأولى: الأمارة بالسوء: وهي التي تمشي على وجهها تابعة لهواها، وتسمى بالأمارة لان الأعمال القبيحة الموجودة عندها حسب تخيلاتها، وتسويلاتها تصبح حسنة عندها، وتسمى حينئذ بالنفس المسولة أيضاً.

لا يخفى ان النفس واقعة بين القوى العقلية والشهوانية، بالأولى تحرص على تناول العلوم والخصال الحميدة المؤدية إلى السعادة الباقية أبد الآبدين.

وبالثانية: تحرص على تناول اللذات البدنية البهيمية كالغذاء والفساد والتغالب وسائر اللذات العاجلة الفانية، والى هاتين القوتين أشار تعالى: [وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ]([76])، وقوله تعالى: [إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً]([77])، فان جعلت أيها الإنسان الشهوة منقادة للعقل فقد فزت فوزاً عظيما، واهتديت صراطاً مستقيما، وان سلطت الشهوة على العقل وجعلته منقاداً لها ساعياً في استنباط الحيل المؤدية الى مراداتها هلكت يقيناً وخسرت خسراناً مبينا، وقد عبرت عن أقسام النفس بتعبير آخر، وهو إن النفس إذا تابعت القوة الشهوية تسمى بالبهيمة.

وإذا تابعت الغضبية تسمى بالسبعية، وان جعلت رذائل الأخلاق لها ملكة سميت بالشيطانية، وعبر البارئ عنها بالنفس الأمارة اذا كانت رذائلها ثابتة، وان لم تكن ثابتة بل تكون مائلة إلى الشر تارة، والى الخير أخرى، وتندم على الشر وتلوم عليها تسمى لوامة، وان كانت منقادة للعقل العملي تسمى مطمئنة، والمعين على هذه المتابعات هو قطع العلائق البدنية.

قال الشاعر:

اذا شئت أن تحيا فمت من علائق

 
 

من الحس خمس ثم من مدركاتها

وقابل بعين النفس مرآة عقلهــــا

 
 

فتلك حياة النفس بعــــد مماتهــا

     

والثانية: اللوامة كقوله تعالى: [وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ]([78]) وهي التي كما ذكرنا لا تزال تلوم نفسها وان اجتهدت في الإحسان وتلوم على تقصيرها في التعدي في الدنيا والآخرة، ويقال: ما من نفس برة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها يوم القيامة ان كانت عملت خيراً هلا ازدادت منه، وان كانت عملت شراً لم عملته.

الثالثة: الملهمة كقوله تعالى: [فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا]([79]) وتسمى بالملهمة، لان البارئ جل وعلا هداها الى صراط الخير والشر، الهمه الله خيراً: أي القمه إياه.

الرابعة: المطمئنة بقوله تعالى [يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً]([80]).

فاذا خلصتها من الوساوس الشيطانية والخيالات، وتحرزت عن الشهوات ولم تأتها من الغضب فسميت مطمئنة، لأنها آمنة ولا يستفزها خوف ولا حزن وتثق بكل شيء، أو المطمئنة إلى الحق التي سكنها روح العلم وثلج اليقين ولا يخالجها شكّ، كل ما جرى عليها القلم الإلهي من الخير والشر والنقمة والنعمة، فتكون مسرورة وراضية بما أوتيت.

الخامسة: الراضية: وهي التي رضيت بما أوتيت، والراضي الذي لا يسخط بما قدر ولا يرضى لنفسه بالقليل من العمل وفي الدعاء: خذ لنفسك رضاءاً من نفسي.

وفي الحديث: من رضى بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل، ومن رضي باليسير من الحلال خفت مؤونته، وتنعم أهله، وبصره الله داء الدنيا ودواءها، وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام، وإنما لقب علي بن موسى بـ(الرضا) لأنه كان رضا الله في سمائه، ورضا الرسول(ص) في أرضه، ورضا للأئمة من بعده، ورضى به المخالفون من أعدائه، كما رضي به الموافقون من أوليائه... الخ([81]).

السادسة: المرضية: وهي التي رضي عنها.

وفي الحديث: (من عرف نفسه فقد عرف ربه)([82])، وفي هذا أقوال: منها: انه من تعمق في خلق نفسه يعرف بأن له رباً.

ومنها: انه كما لا يمكن التوصل الى معرفة النفس لا يمكن التوصل الى معرفة الرب.

وقد شرحناها مفصلاً في بحث الأخلاق، وقد يقال: انها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: القوة التي بها يكون الفكر والتمييز والنظر في حقائق الأمور، والقوة التي يكون بها الغضب و النجدة والإقدام على الأهوال، والشوق الى التسلط والترفع، والقوة التي بها تكون الشهوة وطلب الغذاء والشوق الى الملاذ التي في المأكل والمشرب والمناكح والهروب وشرف اللذات الحسية، وهذه الثلاثة متباينه وبعبارة أخرى هناك قوى ثلاث متباينة.

الناطقة: هي التي سميت بالملكة وآلتها التي تستعمل في البدن الدماغ، والقوة الشهوية: وهي التي تسمى بالبهيمة وآلتها التي تستعمل في البدن الكبد، وقد شرحنا هذه في الكتب الأخلاقية مفصلاً.

وفي حديث كميل ابن زياد قال: سألت مولانا أمير المؤمنين(ع) قلت: أريد ان تعرفني بنفسي.

قال: يا كميل أي نفس تريد؟

قلت: يا مولاي هل هي الا نفس واحدة؟

فقال: يا كميل انما هي أربع: النامية النباتية، والحسية الحيوانية، والناطقة القدسية، والكلية الإلهية، ولكل واحدة من هذه خمس قوى وخاصتان.

فالنامية النباتية لها خمس قوى: ما سكه وجاذبه وهاضمة ودافعة ومربية، ولها خاصتان: الزيادة والنقصان، وانبعاثها من الكبد، وهي أشبه شيء بنفس الحيوان.

الثانية: الحيوانية الحسية ولها خمس قوى: سمع وبصر وشم وذوق ولمس، ولها خاصتان: الرضا والغضب، وانبعاثها من القلب، وهي أشبه الأشياء بنفس السباع.

الثالثة: الناطقة القدسية ولها خمس قوى: فكر وذكر وعلم وحكم ونباهة، وليس لها انبعاث، وهي أشبه الأشياء بنفس الملائكة، ولها خاصتان: النزهة والحكمة.

الرابعة: الكلية الإلهية ولها خمس قوى: بقاء في فناء، ونعيم في شقاء، وعز في ذل، وفقر في غناء، وصبر في بلاء، ولها خاصتان: الحكم والكرم، وهذه هي التي مبدأها يكون من الله وإليه تعود، ليس بظاهرولا مضمر كالعقل، ويطلق على معان:

الأول: العقل العملي.

الثاني: العقل النظري، فان كان الشيء المدرك من الأمور التي ما يتأتى ويحسن ان يفعل ولا يحسن تركه، فيسمى هذا الإدراك بالعقل العملي، وإما إذا كان مما ينبغي ان يعلم كالواحد نصف الاثنين ويسمى بالعقل النظري. ولذا ذكر الشيخ الرئيس ان مطلق الإدراك والإرشاد إنما هو من العقل النظري، فهو بمنزلة المشير الناصح، والعقل العملي بمنزلة المنفذ لإشاراته، وقد اصطلحوا على العقل بمعنيين آخرين: العقل المطبوع والمسموع، وقالوا: أريد من الأول العلم المستفاد من ذلك، وهذا ما أريد في الحديث: (ما خلقت خلقاً هو أحب ألي منك، بك اخذ وبك أعطى)([83]).

والثاني: العقل المسموع، وهو المراد من الحديث: (ما كسب الإنسان شيئاً أفضل من عقل يهديه الى الهدى)([84]).

وفي حديث آخر: أول ما خلق الله العقل.

ثم قال له: أقبل فأقبل.

ثم قال له: (أدبر فأدبر.... الخ)([85]).

      فمعنى الإقبال والإدبار اما أن يكون بمعناه الحقيقي، أو طلبه لأجل الاستنطاق غير الحقيقي، ويكون المراد به الإقرار بالحق بالنسبة الى الإقبال، والإعراض عن الباطل بالنسبة للإدبار، او المراد به كونه مناطاً بالتكليف، ومحلاً للثواب والعقاب، كما يشعر به في رواية أخرى: (بك أثيب وبك أعاقب، أو إياك آمر وإياك أنهى، وإياك أعاقب وإياك أثيب)([86]).

      وقد يراد بالعقل قوة النفس، وقد يراد بها أيضاً المصدر، وهو فعل تلك النفس، وقد يراد ثالثاً ما يقابل الجهل، وهو الحالة المفضية لا معنى عقل الرواية ــ أي نقل ألفاضه فقط ــ وهذا معنى الخبر الوارد: أعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل الرعاية لا الرواية، فان رواة العلم كثير ورعاته قليل([87])، والمراد بعقل الرعاية التدبر والتفكر فيها وتفهم معناها، وفي رواية أخرى: ورواة الكتاب كثير ورعاته قليل، وكم من مستنصح للحديث مستفش للكتاب([88])، فالعلماء يحزنهم ترك الرعاية، أي رعاية الحق وامتثال ما علموه من العلم فان حزنهم عليه لعدم حصول الغاية منه، فالعالم منهم كالراقم على الماء، بل ربما كان علمه وبالاً عليه.

ومنه قيل: ويل للعالم من علمه، فانهم ليسوا من رعاة الدين، كما في الحديث الآخر ــ أي ليسوا من ولاته وحفظته ــ فالعالم الحقيقي يكون والياً وقيماً على الدين.

وفي الزيارة الجامعة: استرعاكم أمر خلقه: أي جعلكم ولاة على خلقه، وجعلهم رعية لكم تحكمون بهم بما أمرتم.

والقوة العقلية على ما نقل عن أهل العرفان أربعة: منها: القوة التي يفارق فيها الأنسان البهائم.

ومنها: القوة التي تعرف بها عواقب الأمور فتقمع الشهوات الداعية إلى اللذات العاجلة، وتتحمل المكروه المعجل لأجل السلامة في الأجل، واذا حصل الإنسان على هذه القوى سمي صاحبها عاقلاً من حيث ان إقدامه كان بحسب ما يقتضيه النظر في العواقب.

والى هذا أشار أمير المؤمنين(ع):

رأيت العقل عقلين

 
 

فمطبوع ومسمـــوع

فلا ينفع مسمـــوع

 
 

أذا لم يك مطبـــوع

كما لا تنفع الشمس

 



وضوء العين مـمنوع

         

ومنها قوتان آخريان: إحداهما: ما يحصل بها العلم بان الاثنين أكثر من الواحد، والشخص الواحد لا يكون في مكانين. فيقال لها: التصورات والتصديقات الحاصلة للنفس الفطرية.

والاخرى: التي تحصل بها العلوم المستفادة من التجارب بمجاري الأحوال، فمن اتصف بها يقال: انه عاقل في العادة.

اعلم ان أي موجود ممكن يتصور فيه جهتان:

الأولى: الوجودية.

والثانية: الماهية.

والوجود: هو الذي يكون منشأًً للآثار. وفي حال وجود الممكن فهو ثابت له، وفي حال عدمه فهو مسلوب عنه: أي بما ان الوجود والعدم بالنسبة إلى الممكن متساويان فبعد وجود علته يوجد، وفي حال عدمه ينعدم.

وأما الماهية: هي أمر انتزاعي حيث ينتزع عن حد الوجود، ويكون امتياز الموجودات بعضها من بعض هي الماهية، والوجود خلاف العدم ونقيضه، واختلف في انه عين الماهيات أم لا، فجمهور المتكلمين عن انه زائد على الماهيات في الواجب والممكن، والحكماء في الواجب عينه، وفي الممكن يكون زائداً عليه وتفصيل البحث في الوجود وتحقيقه يكون في محله.

وقد ذكر مصطلحات العقل بعض المحققين المحدثين بطرق اخرى:

الأول: هو قوة إدراك الخير والشر، والتميز بينهما، والتمكن من معرفة أسباب الأمور وذوات الأسباب، وما يؤدي إليها وما يمنع منها. و يكون العقل بهذا المعنى مناط التكليف والثواب والعقاب.

الثاني: ملكة وحالة في النفس تدعو إلى اختيار الخير والنفع واجتناب الشرور والمضار.

الثالث: القوة التي يستعملها الناس في أمور معاشهم، فان وافقت قانون الشرع واستعملت فيما استحسنه الشارع تسمى بـ(العقل المعاشي)، وهو ممدوح في الأخبار، واذا استعمل في الأمور الباطلة والحيل الفاسدة تسمى بـ(النكراء والشيطنة) في لسان الشرع.

الرابع: مراتب استعداد النفس لتحصيل النظريات وقربها وبعدها عن ذلك، واثبتوا لها مراتب أربعة: سموها بالعقل الهيولائي، والعقل بالملكة، والعقل بالفعل، والعقل المستفاد. وقد تطلق هذه الاسامي على النفس من تلك المراتب... الخ.

الخامس: النفس الناطقة الإنسانية التي يتميز بها عن سائر البهائم.

السادس: ما ذهب إليه الفلاسفة، وأثبتوه بزعمهم جوهر مجرد قديم لا تعلق له بالمادة ذاتاً ولا فعلاً. ثم هجم على الفلاسفة بان القول بالجوهر المجرد القديم موجب لإنكار كثير من ضروريات الدين من حدوث العالم وغيره ـ إلى ان قال: ـ مع انه لا يظهر من الأخبار وجود مجرد سوى الله تعالى.

      ثم ذكر قول بعض المحققين من الفلاسفة ايضاً بقوله: قال بعض محققيهم: انه نسبة العقل العاشر الذي يسمونه بـ(العقل الفعال) إلى النفس كنسبة النفس إلى البدن، كما ان النفس صورة للبدن والبدن مادتها، فكذلك العقل صورة للنفس والنفس مادته. هو مشرف عليها، وعلومها مقتبسة منه يكمل هذا الارتباط إلى حد تطالع العلوم فيه وتتصل به، ثم قال: المحدث الكبير ليس لهم على هذه الأمور دليل إلا مموهات وشبها أو خيالات غريبة زينوها بلطائف من العبارات.

وما ذكرناه نص كلامه تقريباً، ولكن أكثر ما ذكره من معاني العقل، ويدعى انه من مصطلحات معاني العقل لا ينطبق على ما اصطلح عليه أهل التحقيق من هذا الفن.

اما مضمرية الذات فنذكر بعض الأدلة على عدم أمكان درك كنهها:

الأول: بما ان واجب الوجود هو صرف الوجود وهو بسيط، وليس بمركب لا بالتركيب الخارجي: أي ليس له اجزاء في الخارج، ولا المركب الذهني العقلي: أي ليس مركباً من الجنس والفصل، ولا الوهمي:أي ليس مركباً من الوجود والماهية، فلا يمكن ان تدرك كنه ذاته، لأنه كل ما ادركه الذهن ويصل إليه فكر الانسان يكون حداً من حدود الوجود المطلق، وتكون مرتبة من الحقيقة الكلية لصرف الوجود، لأن الفكر والادراكات أيضاً هي نوع من الوجودات، وتكون محدودة بحد خاص وما هية مخصوصة، فاحاطة الذهن في حال انه محاط ومحدود لا يمكنه الاحاطة على الشيء غير المتناهي، وغير المحدود وهو حقيقة الواجب. اذاً لا يمكن ان يطلع الإنسان على كنه ذاته.

وثانياً: لو كانت حقيقة الواجب قابلة للادراك، فيلزم ان تحصل حقيقته في الذهن وبما انه صرف الوجود الخارجي فوجوده في الذهن يكون موجباً لانقلاب الذات، وهذا محال.

وثالثا: ان الممكن محدود والمحدود لايمكنه الاحاطة بغير المحدود والسيطرة عليه. اذن ان ذات الباري بما انها غير محدودة فانها غير قابلة للادراك وتفصيل الكلام في محله.

تنبيه: الى هنا انتهى البحث بحمد الله تعالى قد يقال ان الكتاب يبحث حول شخصية الدؤلي و قد ظهر خروج عن اصل الموضوع في نهاية الكتاب ؟

اقول : لقد حفظت شيئاً وغابت عنك اشياء، ان البحث لم يكن ترجمة لشخصية الدؤلي بما هي هي، و انما البحث منصب على الرواية التي نقلها محدثوا الشيعة و السنة و اتفقوا عليها ان اول من وضع قواعد علم النحو هو أمير المؤمنين(ع) ثم علمه تلميذه الوفي الدؤلي وقد شذ البعض و ازداد شذوذهم في الفترة الاخيرة فرأيت من الواجب اظهار الحقيقة هذا اولاً.

و ثانيا:مع شديد الأسف ان الكثير من اهل زماننا اصبحوا ولم يهتموا بعلم النحو الاهمية التي تليق وشأن هذا العلم الذي به اوضحت معالم القرآن الكريم والسنة المطهرة، فاثبتنا من خلال هذا البحث ان علم النحو هو دخيل في علم الفلسفة و الكلام والتفسير و الاصول والرواية و الدراية و غيرها من العلوم الأخرى و خير دليل على هذه الرواية التي ذكرت في ثنايا هذا الكتاب و التي تقول ان الدؤلي مر برجل فسمعه يقرأ [أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِهِ] بكسر اللام فقال معاذ الله متى برئ الله من رسوله و الصحيح هي بفتح اللام أي رسولَه فانظر أيها اللبيب الى هذه الحركة الأعرابية كيف دخلت في امر اعتقادي صرف فان قرئت على الاول فيكون الله تعالى بريئاً من النبي و المشركين وهذا كفر و ان كانت على الثاني فيكون الله تعالى ورسوله بريئآن من المشركين فافهم واغتنم .

ربي اني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم اكن بدعائك ربي شقيا واسأله تعالى بوصي نبيه عليهما وآلهما آلاف التحية والسلام ان يغفر لي ولوالدي و للمؤمنين يوم يقوم الحساب.


 (1) كما في حاشية المصباح: ص315 نقلاً عن الفوائد الشريفة في شرح الصحيفة أنه مشتق.

 (2) مجمع البحرين: ج6، ص340 (ماده اله).

 (3) نقله عنه في تفسير نورالثقلين: ج1، ح52 ص11.

 (4) نهج البلاغة، الخطبة179/صبحي الصالح: ص258.

 (5) لقمان: 27.

 (6) الأعراف:156.

 (7) مجمع البيان: ج1-2، ص21.

 (8) مجمع البحرين: ج6، ص69 (مادة رحم).

 (9) قال استاذ الاعظم في البيان ان زيادة المباني لاتدل على زيادة المعاني، فراجع.

 (10) مجمع البحرين: ج6، ص70 (مادة رحم).

 (11) مجمع البيان: ج1-2، ص21

 (12) تفسير نور الثقلين: ج1، ح55 ص12.

 (13) الأعراف:156.

 (14) مجمع البحرين: ج5، ص61 (مادة رؤف).

 (15) الشعراء: 5.

 (16) آل عمران: 39.

 (17) النساء: 171.

 (18) الزخرف: 28.

 (19) الزمر: 19.

 (20) هود: 119.

 (21) الانعام: 115.

 (22) الفتح: 26.

 (23) مجمع البحرين: ج6، ص165 (مادة كلمة).

 (24) يونس: 19.

 (25) التوبة: 40.

 (26) التوبة: 40.

 (27) تفسير البرهان: ج5، ح2 ص419.

 (28) سفينة البحار: ج2، ص564.

 (29) منتهى الدراية: ج1، ص32.

 (30) كفاية الاصول: ص9.

 (31) وحيد عصره المحقق الكبير اية الله العظمى السيد البجنورديD

 (32) النحل: 96.

 (33) طه: 17.

 (34) البقرة: 197.

 (35) التوبة: 128.

 (36) آل عمران: 159.

 (37) التوبة: 7.

 (38) البقرة: 106.

 (39) يوسف: 31 .

 (40) النساء: 171.

 (41) النساء:3.

 (42) طه: 49.

 (43) النور: 45.

 (44) النبأ: 1.

 (45) جامع المقدمات: ص301.

 (46) الكافية في النحو: ج1، ص11.

 (47) جامع المقدمات: ص184.

 (48) الفرقان: 59.

 (49) آل عمران: 75.

 (50) الزخرف: 72.

 (51) النساء: 160.

 (52) يوسف: 100.

 (53) المائدة: 6.

 (54) الكافي:ج2، ص630.

 (55) مجمع البحرين: ج5، ص37.

 (56) الكافي: ج3، ص302.

 (57) كفاية الاصول: ص12.

 (58) أجود التقريرات: ص21.

 (59) تأسيس الشيعة: ص55.

 (60) تأسيس الشيعة: ص51-61.

 (61) تأسيس الشيعة: ص53.

 (62) تأسيس الشيعة: ص49.

 (63) تأسيس الشيعة: ص59.

 (64) نقله عنه في فوائد الاصول: ج1، ص50.

 (65) نقله عنه في تأسيس الشيعة: ص54.

 (66) هداية المسترشدين: ص22.

 (67) نهاية الدراية: ج1، ص29.

 (68) المحاضرات: ج1، ص75.

 (69) قاموس الرجال: ج5، ص175.

 (70) الاحقاف: 15.

 (71) البقرة: 233.

 (72) يوسف: 53.

 (73) آل عمران: 28.

 (74) المائدة: 32.

 (75) نوح: 14.

 (76) البلد: 10.

 (77) الانسان: 3.

 (78) القيامة: 2.

 (79) الشمس: 91.

 (80) الفجر: 27- 28.

 (81) الغدير: ج3، ص 199.

 (82) سفينة البحار: ج2، ص 603.

 (83) بحار الأنوار: ج1، ص92.

 (84) مجمع البحرين: ج1، ص426.

 (85) الكافي: ج1، ص10 ح1.

 (86) الكافي: ج1، ص 10 ح1.

 (87) مجمع البحرين: ج1، ص437.

 (88) الكافي: ج1، ص49 ح6.


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com