المسألة: 7_8_9_10_11_12_13

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

(مسألة ـ 7) يستحب في ظروف الخمر للغسل سبعاً، والأقوى كونها كسائر للظروف في كفاية للثلاث([1]).
(مسألة ـ 8) للتراب الذي يعفتر به يجب أن يكون طاهراً قبل الاستعمال([2]).
(مسألة ـ 9) اذا كان الاناء ضيقاً لا يمكن مسحه بالتراب فالظاهر كفاية جعل للتراب فيه وتحريكه الى ان يصل الى جميع أطرافه، وأما اذا كان مما لا يمكن فيه ذلك فالظاهر بقاؤه على للنجاسة ابداً الا عند من يقول بسقوط للتعفير في للغسل بالماء للكثير([3])
(مسألة ـ 10) لا يجري حكم للتعفير في غير الظروف مما تنجس بالكلب ولو بماء ولوغه أو لطعه. نعم لا فرق بين أقسام للظروف في وجوب للتعفير حتى مثل للدلو لو شرب للكلب منه، بل وللقرية والمطهرة وما أشبه ذلك([4])
(مسألة ـ 11) لا يتكرر التعفير بتكرر للولوغ من كلب واحد أو أزيد، بل يكفي للتعفير مرة واحدة([5])
(مسألة ـ 12) يجب تقديم للتعفير على للغسلتين، فلو عكس لم يطهر([6]).
(مسألة ـ 13) اذا غعسل الاناء بالماء للكثير لا يعتبر فيه للتثليث، بل يكفي مرة واحدة حتى في إناء للولوغ([7]).
نعم الاحوط عدم سقوط للتعفير فيه،بل لا يخلوا عن قوة، والاحوط للتثليت حتى في الكثير([8]).
[1].  الأقوال في هذه المسألة ثلاثة: قول بوجوب السبع ذهب اليه جماعة من الأساطين كالمفيد والشيخ والشهيد والمحقق بل نسب إلى المشهور، وقول بوجوب الثلاث واختاره في الشرائع والقواعد وحكي أيضاً عن الخلاف، وقول بكفاية المرة وذهب اليه جماعة كالمعتبر والمختلف والروض وغيرها.
واختلاف هذه الأقوال لاختلاف الاخبار:
فمن قال بوجوب السبع استند الى موثقة عمار من الاناء يشرب فيه النبيذ؟ فقال عليه السلام: تغسل سبع مرات وكذلك كلب (الوسائل، كتاب الأطعمة والأشربة، باب ـ 3 ـ جواز استعمال الأواني، الحديث 1).
ومن قال بوجوب الثلاث استنذ الى موثقته الأخرى في قدح او اناء يشرب فيه الخمر؟ قال عليه السلام: تغسله ثلاث مرات. وسئل أيجزيه ان يصب فيه الماء؟ قال عليه السلام: لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرات (الوسائل، كتاب الطهارة، الباب ـ 51 ـ من أبواب النجاسات، الحديث 1).
ولعل الوجه في سئوال الراوي عن كفاية الصب من جهة ما كان في ذهنه من رسوب الأجزاء الخمرية غالباً في القدح أو الاناء الذي يشرب فيه الخمر، فليس الخمر مثل البول كي يكفيه الصب، لأنه ماء كما علل كفاية الصب في التطهير عن البول وقد تقدم، ولذلك أجاب الامام عليه السلام بعدم الإجزاء حتى يدلكه بيده لازالة الأجزاء الخمرية.
ومن قال بكفاية المرة تمسك بالاطلاقات، وهي كثيرة:
(منها) موثقة عمار الثالثة: سألته عن الدن يكون فيه الخمر هل يصلح أن يكون فيه خل أو ماء أو كامخ أو زيتون؟ قال عليه السلام: اذا غسل فلابأس. وعن الابريق وغيره يكون فيه خمر أيصلح ان يكون فيه ماء؟ قال عليه السلام: اذا غسل فلابأس (الوسائل، كتاب الأطعمة والاشربة، الباب ـ 30 ـ من ابواب الأشربة المحرمة، الحديث 1).
(ومنها) ما عن قرب الاسناد باسناده عن علي بن جعفر عن اخيه عليه السلام قال: سألته عن الشراب في الاناء يشرب فيه الخمر قدحان قدح عيدان او باطية؟ قال: اذا غسله فلابأس. وسألته عن دن الخمر أيجعل فيه الخل والزيتون أو شبهه؟ قال: اذا غسل فلابأس (المستدرك، كتاب الطهارة، الباب ـ 35 ـ من ابواب النجاسات والأواني، الحديث 1) ولا حاجة الى ذكر سائر الروايات.
أقول: أما المطلقات فهي في الأواني وغيرها وان كانت كثيرة لكن كلها في مقام أن استعمال المتنجس بالخمر بعد التطهير بالماء لا بأس فيه وعبر عن التطهير بالغسل. وليست لها إطلاق كي يتمسك بها. وعلى فرض التسليم تقيد بروايات التحديد بالعدد ثلاثة أو سبعة، بل بروايات التثليت في مطلق الأواني في مطلق النجاسات شأن سائر المطلقات والمقيدات.
نعم يبقى التعارض بين ما مفاده وجوب السبع وما مفاده وجوب الثلاث، لأن كليهما في مقام تحديد عدد الغلات، فرواية السبع ينفي الأقل ورواية الثلاث ينفي وجوب الزائد عليه.
ولكن الانصاف أن العرف يجمع بينهما بحمل الزائد على الثلاث على استحباب، وذلك من جهة أن الفهم العرفي من الكلام في أمثال المقام هو أن ازالة النجاسة تحصل المرتبة التي يجب تحصيلها، والمرتبة التي فوق هذه المرتبة ليست لازم التحصيل، لكنه لو أتى بها أتى بالإفضل. ولعل هذرا هو المراد من وجوب الثلاث واستحباب السبع الذي اختاره في المتن، وهو الصحيح.
[2].  ذهب المشهور الى اشتراط طهارة تراب. الذي يستعمل في تطهير ما يحتاج تطهيره الى التراب. وعمدة الدليل عليه هو ما تقدم في اشتراط الطهارة في الماء الذي يستعمل في تطهير المتنجسات، من ان قضية أن معطي الشيء لا يمكن أن يكون فاقداً له، أو أن فاقد الشيء لا يمكن ان يكون معطياً له قضية ارتكازية في اذهان العرف، وهذا الارتكاز يوجب انصراف المطلق إلى ما كان طاهراً قبل استعمال، فقوله عليه السلام «اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء مرتين» (المستدرك، كتاب الطهارة، باب ـ 42 ـ من ابواب النجاسات والاواني، الحديث 1) فكما ان ذهن العرف في الماء ينصرف إلى الماء الطاهر ولا يأخذ باطلاقه، فكذلك بالنسبة الى التراب ذهنه ينصرف الى التراب الطاهر ولا يأخذ باطلاق التراب لتلك القضية الارتكازية.
وأما ان المقام ليس من مصاديق تلك القضية الارتكازية، لأن الطهارة حكم شرعي مجعول من قبل الشارع وليس معلولاً للماء ولا للتراب، فهذا القول وان كان صحيحاً بالدقة والكن العرف يرى الماء والتراب سبباً لحصول الطهارة في الجسم المغسول بهما، ولذلك ـ بعد أن مرتكز في أذهانهم ان فاقد الشيء لا يعقل أن يكون معطياً له ـ ينصرف ذهنهم من الخطاب الشرعي الى الماء والتراب الطاهرين.
هذا مضافاً الى أن الطهارة ـ وان كانت حكماً شرعياً ومجعولاً شرعياً ـ الا أن الشارع لا يجعلها جزافاً، فلابد وأن يكون للماء والتراب تأثير واقعى في الجسم المغسول بهما كي يجعله الشارع طاهراً، واذا كانا نجسين لا يرى لهما تلك القابلية، بل بهما حينئذ يكون الجسم المغسول قابلاً لضد الطهارة.
وعلى كل حال لاشك في انصراف أذهان العرف من قوله عليه السلام «اغسله بالماء» وكذا من قوله «اغسله بالتراب» الى الطاهرين منهما، ومع هذا الانصراف لا يبقى مجال لاستصحاب مطهريتهما قبل طرو النجاسة عليهما لأن مفاد الدليل بناء على ما ذكرنا هو ان الطاهر منهما مطهر، فلا شك في مطهرية النجس منهما كي يستصحب بالاستصحاب التعليقي مطهريتهما قبل طرو النجاسة عليهما. مضافا إلى عدم حجية الاستصحاب التعليقي في نفسه وقد حققت المسألة في كتاب منتهى الأصول. نعم بناءاً على جريانه يكون حاكماً على استصحاب نجاسة الجسم المغسول بهما.
[3].  قد عرفت فيما تقدم اختيارنا في مسألة التعفير انه عبارة عن مزج التراب بالماء، وذلك لمكان قوله عليه السلام «اغسله بالتراب اول مرة ثم بالماء»، فانه لا يصدق الغسل الا فيما اذا كان بالمائات وان كان مضافاً، وأما المسح بجسم ذي ثخن خصوصاً اذا كان جافاً فلا يصدق عليه الغسل. وهذا واضح جداً، وبناءاً على هذا لا يبقى لهذه المسألة مجال ومورد، بل كل إناء وان كان ضيقاً بلغ مابلغ من الضيق قابل للتعفير بهذا المعنى.
نعم لو قلنا بأن التعفير عبارة عن المسح بالتراب الخالص غير ممزوج مع الماء، فتصل النوبة إلى هذا الفرع وانه هل يسقط التعفير فيما لا يمكن أو ينوب عنه الماء أولا هذا ولا ذاك يبقى على النجاسة أبداً كما في المتن.
ثم انه بناءاً على أن يكون التعفير عبارة عما ذكر ـ أي المسح بالتراب من دون إمتزاجه بالماء ـ وإن كانت تأتي الاحتمالات الثلاث ـ أي سقوط شرطية التعفير فيما لا يمكن، ونيابة الماء عنه، والبقاء على النجاسة أبداً ـ ولكن الصحيح منها هو بقاء النجاسة أبداً كما ذكر في المتن. وذلك لأن القول بسقوط شرطية التعفير في المورد المذكور مبني على عدم شمول الأمر بالتعفير مورد تعذره، لعدم إمكان إطلاقه لمورد عدم إمكانه، وإلا يلزم التكليف بالمتعذر وما لا يطاق، وهو قبيح وصدوره عن الحكيم محال.
وفيه: أن هذا صحيح لو كان الأمر تكليفياً محضاً، وأما لو كان إرشاداً إلى ما هو السبب للتطهير فتعذره لا يوجب أن يكون السبب ما عداه، بل نتيجته عدم وجود المسبب لعدم وجود سببه. وهذا معنى بقائه على النجاسة أبداً.
وأما كون الماء نائباً وبدلا عنه، وإن كان أمراً ممكناً ولكنه يحتاج في مقام الاثبات إلى دليل مفقود في المقام، فلا مناص إلا القول ببقاء النجاسة أبداً إلا عند من يقول بعدم لزوم التعفير في الغسل بالماء الكثير كما ذكره في المتن.
وما ذكره بعض من التمسك بقاعدة الميسور وقاعدة نفي الحرج لوجوب ماعدا التعفير المتعذر. ففيه: أن قاعدة الميسور على فرض تسليم جريانها فيما نحن فيه لا تثبت إلا وجوب ماعدا التعفير المتعذر، وأما أنه سبب للتطهير فلا. وكذلك قاعدة نفي الحرج ترفع وجوب هذا الشرط المتعذر ولا تثبت سببية الباقي للتطهير.
وأما القول بأن شرطية التعفير ومدخليته في التطهير في صورة إمكانه فقول بلا دليل ينفيه إطلاق قوله عليه السلام «إغسله أولا بالتراب مرة ثم بالماء مرتين»، حيث أن ظاهر الكلام مدخلية الغسل بالتراب في حصول الطهارة، وحاله من هذه الجهة حال الماء، فكما أنه لو تعذر الماء لا يمكن أن يقال بسقوط الماء عن المدخلية في التطهير ولم يقل به أحد، فكذلك الأمر في التراب.
[4].  لو كان موضوع حكم الشرع بوجوب التعفير إذا كان ولغ الكلب فيه أو لطعه هو الأواني فلا شبهة في صحة ما أفاده «قده» في المتن، لأن الدليل الذي مفساده وجوب التعفير يكن مختصاً بالاواني، فاسراء الحكم من الاواني إلى غيرها بالاستحسانات والظنون غير المعتبرة يكون من القياس المردود. ولكن الشأن في إثبات ذلك، لأن العمدة في دليل وجوب التعفير هي صحيحة البقباق (قد مر ذكر الصحيحة). وليس فيها ذكر من الأواني، بل فيها: سألته عن الكلب؟ فقال عليه السلام: لا تتوضأ بفضله وأصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء. فحكم بعدم جواز التوضؤ بفضل ما شرب منه وصب ذلك الماء وأمر بالتعفير بعبارة «إغسله بالتراب أول مرة» في مثل هذا الموضوع، وليس فيه أثر ولا خبر عن ذكر الآنية، بل هذا الحكم جار ووارد على كل ما صدق عليه أنه فضل الكلب سواء كان في الآنية أو في غيرها كالدلو والقربة وأمثال ذلك مما ليس بآنية.
ولكن يمكن أن يقال:
أولاً ـ إن صحيحة البقباق وإن لم يجعل الأواني فيها موضوع الحكم، ولكن بقرينة قوله عليه السلام «واصب ذلك الماء» يكون المراد هو خصوص ما إذا كان فضل مائه في الآنية، لأنه لو كان مطلق فضل مائه كما إذا كان في ساقية أو حوض صغير فلا يصح قوله «واصبب ذلك الماء»، والمتعارف من هذا الكلام هو أنه إذا شرب في آنية وزاد يقال في مقام التنفر عنه وعدم تأثيره في تطهير شيء «أصب ذلك الماء».
وثانياً ـ هناك رواية صرح فيها بالآنية وجعلها موضوعاً للحكم، كرواية الفضل التي تقدمت، فيمكن حمل المطلق على ذاك ـ فتأمل.
وأما من طرق العامة فقد وردت روايات تصرح بالاناء:
(منها) ما رواه إبن سيرين عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب.
(ومنها) عن ابن المغفل قال: أمر رسول الله (ص) بقتل الكلاب ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب، ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم وقال: إذا ولغ الكلب في الاناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة في التراب (الروايتان ذكرهما في صحيح مسلم 1 / 161).
و على كل حال عده القربة في المتن من أقسام الظروف لا يخلو من إشكال.
[5].  تداخل الأسباب ـ سواءأ كانت من سنخ واحد أو من اسناخ متعددة ـ على خلاف الأصل، وكذلك الأمر بالنسبة الى تداخل المسببات اذ معنى تداخل الأسباب أن الأسباب المتعددة مع أن كل واحد منها سبب مستقل لا جزء سبب تؤثر في مسبب واحد مع ان المسبب قابل للتكرار. وهذا خلف، إذ ما فرضته سبباً مستقلاً يلزم أن لا يكون مستقلاً ويكون جزء سبب. نعم فيما لا يكون المسبب قابلاً للتكرار فلا محالة يكون من تداخل الأسباب ان وجدت دفعة واحدة، وأما ان وجدت متعاقبة وعلى التوالي فالمسبب مستند الى أول وجود من تلك الأسباب وغيره لا اثر له والا يلزم تحصيل الحاصل. ومعنى تداخل المسببات هو أن يكون المسبب الواحد ينوب عن أثر كل واحد من الأسباب المتعددة، والا فنفس المسبب الواحد يكون أثراً لكل واحد بنحو الاستقلال محال، فلب تداخل المسببات يرجع الى ترتب الآثار المتعددة على ذلك الأثر على ذلك الأثر الواحد وكفايته عن الجميع.
وعلى كل حال التداخل في كليهما ـ أي الأسباب والمسببات على خلاف مقتضى الأصل، وقد ذكر سيدنا الأستاذ في كتاب القواعد الفقيهة قاعدة أصالة عدم تداخل الأسباب ولا المسببات مفصلاً، ومقتضى تلك القاعدة تكرر التعفير بتكرر الولوغ. ولكن الشيخ «قده» ادعى في الخلاف اجماع الفقهاء قاطبة الا من شذ من العامة على عدم تكرر التعفير بتكرر الولوغ وهو الحجة، فيكون حال تكرر الولوغ من كلب واحد أو كلاب متعددة بالنسبة الى التعفير حال الاحداث المتعددة الصغيرة بالنسبة الى الوضوء والاحداث المتعددة الكبيرة بالنسبة الى الغسل.
[6].  ووجهه تقدم في ظاهر صحيحة البقباق في قوله عليه السلام: «اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء» وفي بعض النسخ «ثم بالماء مرتين» وفي بعض الروايات «أولاهن بالتراب» (قد مر ذكر الرواية).
[7].  يطلق الماء الكثير تارة على البالغ كراً، ومقابله القليل أي الذي لم يلبغ قدر الكر. ولعله هو المعروف منه حسب اصطلاح الفقهاء، فيكون بهذا المعنى مقابلا لسائر الأقسام الخمسة للماء، أي الجاري وماء المطر القليل والبئر. فما عداه يكون كثيراً سواء أكان جارياً أو راكداً، أي كان كراً أو كان ماء المطر أو البئر.
والعبارة الجامعة لهذه الأقسام الأربعة هو: الماء المعتصم الذى لا ينفعل بصرف ملاقاة النجس. والظاهر أن المراد من الكثير في المقام هو هذا المعنى الأخير، أي الماء المعتصم.
ففي هذه المسألة يذكر أمرين: أحدهما عدم احتياج تطهير الاناء به الى التعدد بل يكفي الغسل به مرة واحدة وان كان ذلك الاناء أناء الولوغ. وثانيهما سقوط التعفير في إناء الولوغ.
(أما الاول) فلوجوه:
الاول ـ انصراف أدلة التعدد الى القليل، فليس على التعدد في الغسل بالماء الكثير دليل. ووجهوا الانصراف بعدم تعارف تطهير الأواني في عصر صدور هذه الروايات بالكثير الراكد أو الجاري، فروايات التعدد تنصرف قهراً إلى التطهير بالماء القليل.
وفيه: ان البلدان من أول الامر كانت مختلفة. نعم في البراري والبوادي غالباً لم يمكنهم التطهير بالماء الكثير أو الجاري لعدم وجودهما عندهم وأما البلدان التي تكون على ساحل الشط فتطهيرهم الاواني بالماء القليل قليل، فلابد وأن ينظر الى نفس الدليل وهل له إطلاق أو مقيد بالقليل او بالكثير أو مهمل من هذه الجهة. ولا شك أن بعض أدلة التعدد لا إطلاق له، كموثقة عمار المتقدمة، فقوله علهى السلام: «يصب فيه الماء فيحرك فيه ثم يفرغ منه ذلك الماء ثم يصب فيه ماء آخر ما قال لا إطلاق له يشمل القليل والكثير، بل له كمال الظهور في الماء القليل ولكن الدليل ليس منحصراً بتلك الموثقة.
الثاني ـ قوله عليه السلام في صحيح ابن مسلم: «اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة» (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 2 ـ من ابواب النجاسات، الحديث 1) وهذا التفصيل بين الغسل في المركن الذي هو كناية عن الماء القليل وبين الجارى يدل على قيام الواحد في الجارى مقام المتعدد في القليل، سواء كان المتنجس هو الثوب أو الاناء. وبضميمة عدم القول بالفصل بين الجاري وسائر أقسام الماء المعتصم يتم المطلوب.
وفيه: أن اثبات هذا الحكم ـ اي كفاية الغسل مرة واحدة اذا كان كان بالماء الجاري في الثوب أو البدن المتنجس بالبول ـ في الاناء المتنجس أشبه بالقياس لا مكان أن تكون في الاناء خصوصية توجب عدم ارتفاع نجاسته إلا بالتعدد وإن كان بالماء الكثير أو خصوص الجارى، كما أنه لا ترتفع نجاسته بمرتين ان كان بالقليل. نعم يظهر من الجواهر الاتفاق على طهارة الاناء اذا غسل بالجاري ولو مرة واحدة.
الثالث ـ قوله عليه السلام: «كل شيء يراه ماء المطر فهو طاهر» (الوسائل كتاب الطهارة، باب ـ 6 ـ من ابواب الماء المطلق، الحديث 5) فهذه الرواية تدل بظاهرها على أن كل متنجس قابل للتطهير يطهر بمحض رؤية ماء المطر له سواء كان آنية أو غيرها، ولا يحتاج تطهيره الى تعدد الاصابة أو الغسل. وبضميمة عدم القول بالفصل بين أقسام الماء العتصم يثبت الحكم، اي كفاية غسل المرة الواحدة أو الاصابة دفعة واحدة في جميع أقسام الماء المعتصم.
لا يقال: إن عموم قوله عليه السلام: «كل شىء يراه ماء المطر فهو طاهر» معارض باطلاق صحيحة البقباق، لأن مفادها تعدد الغسل بالماء مطلقاً، سواء أكان قليلا او كثيراً مطراً او غير مطر، لانه تقرر في الاصول في تعارض الاطلاق والعموم تقديم العموم على الاطلاق، لان العموم بالوضع والاطلاق بمقدمات الحكمة، والاطلاق معلق على عدم وجود قرينة على الخلاف» والعموم حيث انه بالوضع يصلح لان يكون قرينة على عدم ازالة الاطلاق، فلو قال «اكرم العلماء» ثم قال «لا تكرم الفاسق» فحيث ان الاطلاق الشمولي في «لا تكرم الفاسق» بحيث يشمل العالم ايضاً لو كان فاسقاً معلق على عدم قرينة تنفي الاطلاق، وعموم «اكرم العلماء» يصلح لان يكون قرينة على عدم الاطلاق، فيرفع الظهور الاطلاقي في «لا تكرم الفاسق» ويقيده بالفاسق غير العالم. ففيما نحن فيه قوله عليه السلام «كل شيء يراه ماء المطر» عام يشمل الاواني بالعموم، ولو كان الاناء اناء ولوغ، وما دل على التثليث في الأواني مطلق بالنسبة الى الماء، سواء كان قليلا أو كثيراً، فعموم «كل شىء يراه ماء المطر فهو طاهر» يكون قرينة يجوز أن يعتمد عليه في عدم إرادة الاطلاق، بل يكون مراده التثليث في خصوص ماء القليل، ومع هذه القرينة لاتّم مقدمات الحكمة لاثبات الاطلاق بها، فلا إطلاق لها يشمل الكثير.
وإن شئت قلت: إن ظهور العام في العموم حيث انه بالوضع تنجيزي ليس معلقاً على عدم اطلاق على خلافه، بخلاف ظهور المطلق في الاطلاق حيث أنه بمقدمات الحكمة، فانه تعليقي ـ أى معلق على عدم دليل على خلافه ـ ولا شك في أن العموم دليل على خلافه واذا كان كذلك، فيرفع موضوع الاطلاق. وهذا واضح جداً.
الرابع ـ قوله عليه السلام: «ان هذا لا يصيب شيئاً إلا طهره» فيما رواه ابن ابي عقيل مرسلة على حكاية المختلف انه كان بالمدينة رجل يدخل على ابي جعفر محمد بن علي عليه السلام، وكان في طريقه ماء فيه العذرة والجيفة وكان يأمر الغلام أن يحمل كوزاً من الماء يغسل به رجله اذا خاضعه. قال: فأبصرني يوماً أبو جعفر عليه السلام فقال: ان هذا لا يصيب شيئاً إلا طهره فلا تعد لله منه غسلا (المستدرك، كتاب الطهارة، باب ـ 9 ـ من احكام المياء، الحديث 8).
فتدل هذه الجملة ـ اى قوله عليه السلام «ان هذا لا يصيب شيئاً إلا طهره فلا تعد لله منه غسلا» ـ أن إصابة الماء لشء أو اصابة شء للماء يوجب طهارته ان كان متنجساً اي شيء كان، سواء أ كان ذلك الشىء اناءاً أو غير اناء. وهذا العموم من ناحية وقوع الشيء الذى هو نكرة في سياق النفي وهو من ألفاظ العموم، فيكون مفاد هذا الكلام هو مفاد قوله عليه السلام: «كل شىء يراه ماء المطر فهو طاهر»، غاية الأمر إن العموم من ناحية كلمة «كل» على طهارة كل متنجس بمحض إصابة ماء الكثير له، ومعلوم أن ذلك الماء كان كثيراً بمقدار الكر، وإلا كان ينجس نفس ذلك الماء بملاقاة العذرة والجيفة الموجودتان فيه على الفرض.
وأما الاشكال على الاستدلال بهذه المرسلة بأنه من المحتمل بأن يكون نهيه عليه السلام عن غسل رجله رطبة فانه كر لا ينجس لا لأنه مطهر لكل نجس.
ففيه: ان الاستدلال بكلامه عليه السلام: «ان هذا لا يصيب شيئاً إلا طهره» من حيث عمومه لكل شىء وتطهيره بمحض إصابته لذلك الشىء وأما تطبيقه على المورد ان رجل هذا الرجل يمكن أن تكون تنجست بملاقاة نفس العذرة الموجودة في ذلك الماء أو بملاقاة الميتة الموجودة فيه، فهو عليه السلام يأمره بعدم غسلها لأن لفس ذلك الماء يطهرها من دون احتياج إلى ماء خارج. نعم لابد من فرض كون ذلك الماء كراً أو عدم انفعال ماء القليل بملاقاة النجاسة. فالانصاف ان المرسلة تدل على عدم التعدد في الكثير بناءاً على كون ذلك الماء كثيراً، وأما لو كان قليلا فتدل على عدم التعدد حتى في القليل، فتكون معارضة للروايات الدالة على التعدد في القليل ان كان متنجساً بالبول أو كان المتنجس من الأواني أو غير ذلك من موارد التعدد. ثم إنك عرفت أنه لا فرق فيما ذكرنا من كفاية المرة في الغسل بالماء الكثير بين أن يكون الاناء اناء ولوغ أو كان غيره. نعم يبقى الاشكال في اعتبار المرسلة لضعف سندها، فان ثبت عمل المشهور بها فيكون جابراً لعضف سندها، ولكنه مع هذه المدارك المتعددة التي ذكروها لعدم لزوم التعدد للتطهير بالكثير لا مجال لاثبات ذلك. وعلى كل حال لو ثبت عدم القول بالفصل بين أقسام غير القليل والاجماع على اتحادها في الحكم فلا احتياج الى هذه المرسلة، بل يكفي في اثبات هذا الحكم قوله عليه السلام في رواية الكاهلي المتقدمة «كل شىء يراه ماء المطر فهو طاهر» المعمول بها عند الأصحاب، وان كان فيها أيضاً إرسال.
[8].  إن الأدلة التي تقدمت في كفايه المرة الماء الكثير ـ على فرض دلالتها على ذلك ـ لا ربط لها بسقوط التعفير، لأن تلك الأدلة التي عمدتها قوله عليه السلام: «كل شىء يراه ماء المطر فقد طهر» ظاهرها كفاية ملاقاة الماء المعتصم لتطهير ما من شأنه أن يطهر بالماء، وأما لو كان شىء آخر دخيلا في طهارته فلا يثبت عدم الاحتياج اليه.م والمعلوم أن في مورد لزوم التعفير لا تحصل الطهارة بصرف الغسل بالماء، بل هناك شىء آخر دخيل في حصول الطهارة وهو التعفير.
وفيه: أن ظاهر قوله عليه السلام: «كل شىء يراه ماء المطر فقد طهر» ان اصابة المطر ووصوله الى الجسم المتنجس سبب تام لطهارته، وليس لشىء آخر دخل فيها، وإلا كان عليه أن يبين، فاطلاق كلامه دليل على أن ملاقاة المتنجس بنفسه علة تامة لحصول التطهير، ولا إحتياج فيه الى التعفير. وهذا معنى سقوط التعفير، فقوله في المتن «بل لا يخلو عن قوة» لا قوة فيه.
وأن استصحاب النجاسة بدون التعفير لا حتمال مدخليته في التطهير» فمدفوع بالاطلاق الذي ذكرناه في قوله «كل شىء يراه ماء المطر فقد طهر».


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com