فصل في مفهوم اللّقب والعدد

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

فصل
في مفهوم اللّقب والعدد


هل للعدد واللّقب مفهوم أم لا ؟
ذهب صاحب الكفاية إلى أنّه <لا دلالة للّقب ولا للعدد على المفهوم وانتفاء سنخ الحكم عن غير موردهما أصلاً>( ).
فلا دلالة لقول الآمر: (أكرم زيداً) أو (أكرم العالم) على عدم وجوب إكرام غير زيد أو غير العالم، كما لا دلالة لقوله: (أكرم عشرة رجال) أو (أطعم ستّين مسكيناً) ـ مثلاً ـ على عدم وجوب إكرام غير العشرة، أو على عدم وجوب إطعام غير الستّين، بل إنّ عدم كفاية الأقل إنّما هو لأجل عدم كونه ماُموراً به، لا من جهة ثبوت دلالة العدد على المفهوم.
كما أنّه لا مفهوم للّقب؛ لأنّ الحكم الثابت له شخصيّ وليس سنخيّاً حتى يستفاد منه المفهوم، بل يفهم الحصر من المنطوق من باب ضيق الموضوع، وانتفائه بانتفاء اللقب عقليّ، نظير انتفاء العرض بانتفاء معروضه.
ومن هنا ظهر: بطلان ما ذهب إليه بعضهم من القول بثبوت المفهوم، قال في التقريرات: <وذهب جماعة، منهم الدقّاق والصيرفي وأصحاب أحمد إلى ثبوت المفهوم فيه>.
ثمّ قال: <واحتجّوا بلزوم العراء عن الفائدة لولاه، وبأنّ قول القائل: لا أنا بزانٍ ولا أُختي زانية، رمي للمخاطَب ولاُخته بالزنا، ولذلك أوجبوا عليه الحدّ>.
وقد أجاب في التقريرات عن كلا هذين الدليلين، فقال:
<وفي كليهما ما لا يخفى، إذ في الأوّل: عدم انحصار الفائدة في المفهوم، وفي الثاني: أنّ دلالته تكون بقرينة المقام>( ).
وأمّا العدد: فإنّه تارةً يكون وارداً في مقام التحديد، وأُخرى لا يكون كذلك. وما كان وارداً في مقام التحديد، فإنّه تارةً: يكون ناظراً إلى طرف القلّة كالعشرة، وأُخرى يكون ناظراً إلى طرف الكثرة، كتحديد الحيض من طرف الكثرة إلى عشرة لا أزيد، فلا مانع من أن يكون أقلّ منه.
أمّا من جهة النقيصة، فلا إشكال في عدم الدلالة على المفهوم، أي: لا إشكال في أنّ دلالة العدد على عدم جواز الاقتصار على ما دونه ليست دما هو دون ذلك العدد لم يكن هو المأمور به، وهذه الدلالة منطوقيّة لا مفهوميّة.
وكذا لو كان في مقام التحديد من جانب الزيادة، كالعشرة في الحيض، فإنّه من قبيل دلالة المنطوق، ولجهة أنّ الأكثر ليس ماُموراً به.
وأمّا إذا كان التحديد من الطرفين؛ فإنّه يوجب المفهوم، كتسبيح الزهراء، فإنّه يمكن أن يستفاد منه المفهوم.
ومن هنا ظهر: بطلان ما أطلقه بعض المعاصرين من أنّه <إذا أُخذ العدد بنحو التحديد من طرف الأقلّ والأكثر، فينفي وجوب إكرام غيرهم [في مثال: أكرم عشرة رجال] بمقتضى التحديد، وهو من أقوى المفاهيم>( ).