في حجّيّة الشهرة

تقييم المستخدم: 2 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

في حجّيّة الشهرة


وهي على ثلاثة أقسام:
الأوّل: الشهرة الفتوائيّة، وهي اشتهار الفتوى بحكم بين الفقهاء.
الثاني: الشهرة الروائيّة، وهي أن تكون الرواية مشهورة بين الرواة وأصحاب الحديث وقد نقلوها بكثرة. وهذه الشهرة معتبرة ومرجّحة عند التعارض، وهي المقصودة بقوله: <خذ ما اشتهر بين أصحابك ودع ما ندر>( ).
الثالث: الشهرة العمليّة، وهي اشتهار العمل بالرواية والاستناد إليها في مقام الإفتاء.
وهل هذه الشهرة جابرة وكاسرة لضعف الرواية على الإطلاق؟ أو ليست كذلك على الإطلاق؟ أو أنّ هناك تفصيلاً بين الشهرة العمليّة عند قدماء الأصحاب، وبينها عند المتأخّرين؟
قال المحقّق النائيني: <وهذه الشهرة هي التي تكون جابرة لضعف الرواية وكاسرة لصحّتها إذا كانت الشهرة من قدماء الأصحاب القريبين من عهد الحضور، لمعرفتهم بصحّة الرواية وضعفها. ولا عبرة بالشهرة العمليّة إذا كانت من المتأخّرين، خصوصاً إذا خالفت شهرة القدماء>( ).
ثمّ إنّ الشهرة التي هي محلّ بحثنا هي الشهرة بالمعنى الأوّل، أعني: الشهرة الفتوائيّة.
ولا يخفى: أنّ البحث عن حجّيّة الشهرة تعبّداً مختصّ بصورة عدم حصول اليقين أو الوثوق الشخصيّ بالحكم من الشهرة، وإلّا فلا إشكال في حجّيّة الوثوق واليقين.
وكيف كان، فقد استدلّ لحجّيّة الشهرة بوجوه:
الوجه الأوّل:
مقبولة عمر بن حنظلة التي جاء فيها: «ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك، فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه»( ).
ووجه الاستدلال: أنّ المراد من المجمع عليه هو المشهور بين الأصحاب، لا إجماع الكلّ بقرينة قوله: <ويترك الشاذّ>، فيرجع مفاد التعليل إلى أنّ المشهور ممّا لا ريب فيه.
وعموم التعليل يشمل الشهرة الفتوائيّة، وإن كان المورد هو الشهرة الروائيّة.
وكذا مرفوعة زرارة: <خذ بما اشتهر بين أصحابك>( )؛ فإنّ عموم الموصول وهو (ما) مما يشمل الشهرة الفتوائيّة أيضاً.
وقد أجاب صاحب الكفاية عن الرواية الثانية بأنّ المراد من الموصول هو الرواية، لا المطلق، فلا يعمّ الفتوى( ).
وأيضاً تعرّض الشيخ في فرائده إلى فساد الاستدلال بكلا الروايتين بما هذا لفظه:
<أمّا الاُولى: ـ يعني بها المرفوعة ـ فيرد عليها مضافاً إلى ضعفها، حتى أنّه ردّها من ليس دأبه الخدشة في سند الروايات كالمحدّث البحرانيّ، أنّ المراد بالموصول هو خصوص الرواية المشهورة من الروايتين دون مطلق الحكم المشهور.
ألا ترى أنّك لو سُئِلت عن أيِّ المسجدين أحب إليك، فقلت: ما كان الاجتماع فيه أكثر، لم يحسن للمخاطب أن ينسب إليك محبوبيّة كلّ مكان يكون الاجتماع فيه أكثر، بيتاً كان أو خاناً أو سوقاً. وكذا لو أجبت عن سؤال المرجّح لأحد الرمّانين، فقلت: ما كان أكبر.
والحاصل: أنّ دعوى العموم في المقام لغير الرواية ممّا لا يظنّ بأدنى التفات>( ).
وقال المحقّق النائيني:
<وأمّا الموصول: فلا يعم الشهرة الفتوائيّة، بل هو خاصّ بالشهرة الروايتيّة، وليس ذلك من جهة تخصيص العام بالمورد حتى يقال: إنّ المورد لا يخصص العامّ، بل من جهة عدم العموم>( ).
وقد أجاب الشيخ الأعظم عن التمسّك بالمقبولة بما حاصله:
أنّ لفظ (المشهور) في المقبولة ليس بمعناه المصطلح الحادث بين الاُصوليّين، وهو في قبال (المتّفق عليه) كي يكون إطلاقه على المُجمع عليه في قوله: <ويترك الشاذّ> الذي ليس بمشهور، أو في قول الراوي: <فإن كان الخبران عنكم مشهورين> قرينة على صرف المجمع عليه عن معناه الحقيقيّ؛ بل هو بمعناه اللّغوي العرفيّ، وهو: المعروف الواضح.
ومنه: (شهر فلان سيفه) فلا يصرف المجمع عليه عن معناه الحقيقيّ، وهو ما اتّفق عليه الكلّ، فلا يتمّ الاستدلال حينئذٍ.
ونصّ كلامه:
<ومن هنا يُعلم الجواب عن التمسّك بالمقبولة، وأنّه لا تنافي بين إطلاق (المجمع عليه) على المشهور وبالعكس حتى تصرف أحدهما عن ظاهره بقرينة الآخر؛ فإنّ إطلاق (المشهور) في مقام (الإجماع) إنّما هو إطلاق حادث مختصّ بالاُصوليّين، وإلّا، فالمشهور هو الواضح المعروف.
ومنه: (شهر فلان سيفه) و(سيف شاهر)، فالمراد أنّه يُؤخذ بالرواية التي يعرفها جميع أصحابك ولا ينكرها أحد منهم، ويُترك ما لا يعرفه إلّا الشاذّ، ولا يعرفه الباقي..> إلى آخر ما جاء في كلامه( ).
وكذا قال المحقق النائيني في مقام الجواب:
<أمّا التعليل: فلأنّه ليس من العلّة المنصوصة ليكون من الكبرى الكلّيّة التي يتعدّى عن موردها، فإنّ المراد من قوله: (فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه):
إن كان هو الإجماع المصطلح فلا يعمّ الشهرة الفتوائيّة.
وإن كان المراد منه المشهور فلا يصحّ حمل قوله: (ممّا لاريب فيه) عليه بقول مطلق، بل لابدّ من أن يكون المراد منه عدم الريب بالإضافة إلى ما يقابله.
وهذا يوجب خروج التعليل عن كونه كبرىً كلّيّة؛ لأنّه يعتبر في الكبرى الكليّة صحّة التكليف بها ابتداءً بلا ضمّ المورد إليها، كما في قوله: (الخمر حرام لأنّه مسكر)، فإنّه يصحّ أن يقال: (لا تشرب المسكر) بلا ضمّ الخمر إليه.
والتعليل الوارد في المقبولة لا ينطبق على ذلك؛ لأنّه لا يصحّ أن يقال: (يجب الأخذ بكلّ ما لا ريب فيه بالإضافة إلى ما يقابله)، وإلّا لزم الأخذ بكلّ راجحٍ بالنسبة إلى غيره وبأقوى الشهرتين وبالظنّ المطلق، وغير ذلك من التوالي الفاسدة التي لا يمكن الالتزام بها.
فالتعليل أجنبيّ عن أن يكون من الكبرى الكلّيّة التي لا يصحّ التعدّي عن مورده>( ).

فانقدح ممّا تقدّم:
عدم إمكان التمسّك بالخبرين المزبورين للاستدلال على حجّيّة الشهرة، وذلك لأمرين:
الأوّل: أنّ الموصول عبارة عن خصوص الخبر، فلا يشمل الشهرة.
والثاني: أنّه لو سلّمنا عموميّته، فالاشتهار ليس إلّا عبارة عن الوضوح، لا الشهرة بحسب الاصطلاح.
فعُلم بذلك: أنّ الشهرة إنّما تكون مرجّحة وليست حجّةً مستقلّة.
الوجه الثاني:
التمسّك بقوله تعالى في آية النبأ: ﴿إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾( )؛ فإنّها تدلّ على أنّ الاعتماد على الشهرة ممّا لا سفه فيه.
وفيه: أنّه ليس لهذه الآية أيّ مفهوم، فلا تكون نظير قوله: (الماء إذا بلغ قدر كرّ لا ينجّسه شيء)، حيث استفيد منه المفهوم، وهو أنّه إذا لم يكن الماء قدر كرّ فينجّسه كلّ شيء، بل هي من قبيل: (لا تأكل الرمّان؛ لأنّه حامض)؛ فإنّه لا يمكن استفادة المفهوم منه، وهو جواز أكل كلّ ما ليس بحامض.
بل غاية ما تدلّ عليه الآية هو عدم جواز الأخذ بكلّ ما يقتضي الجهالة والسفاهة، خبراً كان أم غيره، وهذا لا يقتضي وجوب الأخذ بكلّ ما خلا عنهما.
الوجه الثالث:
الاستدلال بأنّ الظنّ الحاصل من الشهرة الفتوائيّة أقوى من الظنّ الحاصل من خبر الواحد.
وفيه: أنّ الملاك في حجّيّة خبر الواحد ليس هو إفادته للظنّ، وإنّما دلّ الدليل على ذلك؛ بداهة أنّه في كثير من الأحيان يكون الخبر حجّة مع كونه لا يفيد الظنّ.


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com