اللاحق_5

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

(مسألة ـ 1) للعنب او للتمر المتنجس اذا صار خلاً لم يطهر([1]).
وكذا اذا صار خمرا([2]) ثم انقلب خلاً.
(مسألة - 2)اذا صب في الخمر ما يزيل سكره، لم يطهر وبقى على حرمته([3])
(مسألة ـ 3) بخار للبول أو الماء المتنجس طاهر([4]) فلا باس بما يتقاطر([5]) من سقف الحمام، الا مع للعلم بنجاسة للسقف.
(مسألة ـ 4) إذا وقعت قطرة خمر في حب خل، واستهلكت فيه لم يطهر، وتنجس الخل([6]) الا إذا علم([7]) انقلابها خلاً بمجرد للوقوع فيه.
(مسألة ـ 5) الإنقلاب غير الإستحالة([8])
(مسألة ـ 6) إذا تنجس للعصير بالخمر، ثم انقلب خمراً، وبعد ذلك انقلب الخمر خلاً، لا يعبد طهارتة([9]) لان للنجاسة للعرضية صارت ذاتية بصيرورته خمراً، لانها هي النجاسة الخمرية، بخلاف مااذا تنجس العصير بسائر النجاسات([10]).
فان الانقلاب الى الخمر لا يزيلها، ولا يصيرها ذاتية، فاثرها باق بعد الانقلاب ايضاً([11]).
(مسألة - 7) تفرق الاجزاء بالاستهلاك غير الاستحالة([12]) ولذا لو وقع مقدار من للدم في للكر واستهلك فيه، يحكم بطهارته
لكن لو أخرج للدم من الماء بآلة من الآلات المعدّة لمثل ذلك عاد الى للنجاسة، بخلاف الأستحالة، فانه إذا صارت للبول بخاراً ثم ماءً لا يحكم بنجاسته، لأنه صار حقيقةً اخرى.
نعم لو فرض صدق للبول عليه، يحكم بنجاسته بعدما صار ماءً. ومن ذلك يظهر حال عرق بعض الأعيان للنجسة أو المحرمة([13])
مثل عرق لحم الخنزير، أو عرق للعذره، أو نحوهما، فانه ان صدق عليه الاسم للسابق، وكان فيه آثار ذلك للشيء وخواصه يحكم بنجاسته أو حرمته، وان لم يصدق عليه ذلك الاسم، بل عد حقيقة اخرى ذات أثر وخاصية اخرى، يكون طاهراً وحلالاً، وأما نجاسة عرق الخمر فمن حهة انه مسكر مايع وكل مسكر نجس([14]).
[1].  لان الانقلاب لايكون مطهراً مطلقا، بل هو مخصوص بالخمر ويطهر الخمر فقط بالانقلاب مطلقا ـ سواء انقلب خلا أو دبساً او شئياً آخر ـ ذلك للروايات، اما العنب والتمر فلا دليل على طهارتهما اذا صارا خلا، نعم اذا استحالا فالظاهر طهارتهما بالاستحالة كما تقدم.
وخلاصة الكلام: أن مطهرية الانقلاب ليس مثل مطهرية الاستحالة أمراً عقلياً ومن باب ارتفاع الحكم بارتفاع الموضوع بل امر تعبدي دلت عليه الأخبار، فلابد وان ينظر الى الأخبار واستظهار مفادها، ولا شك أن مفادها ان الخمر لصيرورتها خلا يطهر ولا بأس فيها فالمنقلب لابد وان يكون خمراً، وهو موضوع هذا الحكم ـ اي الطهارة ـ بواسطة الانقلاب.
نعم يمكن القول بالتوسع في المنقلب اليه، بان لايكون مختصا بصيرورتها خلا، فان صارت دبساً أوشيئاً آخر تطهر أيضاً، ويكون ذكر الخل من باب المثال وقوله عليه السلام في موثقة عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام، انه قال في الرجل إذا باع عصيراً، فحبسه السلطان حتى صار خمراً، فجعله صاحبه خلا، فقال: إذا تحول عن اسم الخمر فلا بأس به (الوسائل كتاب الاطعمة والاشربة، الباب ـ 31 ـ من أبواب الاشربة المحرمة، الحديث ـ 5.) شاهد على ماذكرنا، وكذا قوله (عليه السلام) في صحيحة علي ابن جعفر، عن أخيه قال: سألته عن الخمر يكون أوله خمراً ثم يصير خلا؟ قال: إذا ذهب سكره فلا بأس (الوسائل كتاب الاطعمة والاشربة، الباب ـ 31 ـ من أبواب الاشربة المحرمة، الحديث ـ 9.) فيظهر من هاتين الروايتين أن المناط في الطهارة هو خروجها عن الخمرية والتحول عنها والانقلاب إلى أي شيء كان، فالعنب والتمر المتنجسان حيث إن موضوع النجاسة فيهما هو الجسم لا الصورة النوعية، لاينعدم فيهما الجسم بصيرورتهما خلا، بل يزول وصف من أصافهما، اللهم!! إلا أن يقال: إن العنب والتمر بعد ما صارا خلا، فعند العرف هذا الجسم الذي صار متصوراً بالصورة الخليلة غير ذلك الجسم الذي كان متصوراً بالصورة العنبية أو التمرية، فتبدل ما كان موضوع النجاسة عرفاً، وقد تقدم أن تبدل الموضوع عرفاً مثل تبدله حقيقة، وعلى هذا الأساس قلنا بمطهرية الاستحالة في المتنجسات، وأيضاً بناء على هذا قلنا: إن الاستحالة على قسمين: حقيقة، وعرفية.
والحاصل!! إن صحة ماقاله الماتن في هذا الفرع مبني على أن لايكون الانقلاب من مصاديق الإستحالة ـ وقد تقدم ذلك كله ـ وبناء على عدم كون الانقلاب استحالة عرفية، اولم تكن الاستحالة العرفية موجبة للتطهير يكون حال العنب والتمر في هذه المسألة حال الحنطة إذا صارت طحيناً ثم عجيناً ثم خبزاً لا يحكم بزوال الموضوع، فيكون النتيجة عدم طهارتهما إذا صارا خلا.
[2].  لم يطهر، بناء على اشتداد النجاسة فيهما بعد صيرورتهما خمراً وهذا مبنى على عدم زوال النجاسة العرضية التي كانت فيهما قبل أن يصيرا خمراً بورود النجاسة الذاتية عليهما بصيرورتهما خمراً، فلا يطهر ان بالانقلاب خلا أيضاً، لأن الانقلاب لايزيل إلا النجاسة الخمرية، والأخرى باقية، وأما إذا قلنا بأنه نيست هناك إلا نجاسة واحدة ـ لأن النجاسة العرضية ترتفع الذاتية ـ فيطهران لزوال هذا النجاسة الذاتية بالانقلاب.
[3].  ونجاسته، لأن موضوع النجاسة والحرمة هو عنوان الخمر ـ اي الجسم المتلبس بالصورة النوعية الخمرية ـ فما دام تلك الصورة باقية لم تزل فحكمها ـ اي الحرمة والنجاسة ـ باق ايضاً، ولا يزول إلا بزوال تلك الصورة النوعية.
أما قوله ـ فيما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الخمر يكون أوله خمراً، ثم يصير خلا؟ قال: إذا ذهب سكره فلا بأس (الوسائل كتاب الاطعمة والاشربة، الباب ـ 31 ـ من أبواب الاشربة المحرمة، الحديث ـ 5.) وأيضاً خبر أبي جارود، عن أبي جعفر عليه السلام ـ في قوله تعالى: إنما الخمر والميسر... الآية ـ: أما الخمر: فكل مسكر عن الشراب إذا اخمر فهو خمر، وما اسكر كثيره فقليله حرام (الوسائل كتاب الاطعمة والاشربة، الباب ـ 1 ـ من أبواب الاشربة المحرمة، الحديث ـ 5.) وفي غيرهما من الروايات، حيث نفى الحرمة في الاول عند انتفاء السكر ـ فإنه من باب ذكر نفي اللازم وارادة نفى الملزوم، بمعنى أن المراد من ذهاب السكر ذهاب خمريته، وذلك لأن السكر من اللوازم العادية للخمر فكما أن وجود اللازم كثيراً كناية عن ارادة وجود الملزوم، كذلك ذكر نفيه كناية عن نفي الملزوم، فرتب الشارع عدم الحرمة وعدم النجاسة على عدم الخمرية وانتفائها، وهذا غير زوال السكر ـ سواء كان بعلاج أو بغيره ـ ولذا!! لو شرب قطرة من الخمر لا يسكر، ومع ذلك شربه حرام وتلك القطرة نجسة، فليست الحرمة والنجاسة تابعتين للسكر، بل تابعتان لعنوان الخمرية، وهذا هو مفاد الروايات الواردة في هذا الباب، فما ذكره في المتن صحيح جداً!!
[4].  تقدم أنهما ـ أي المايع النجس أو المتنجس ـ يطهران إذا صارا بخاراً، وقلنا هناك: إن هذا استحالة عرفية وانتفاء الموضوع بنظرهم وان لم يكن كذلك حقيقة، وذلك لأن بخار الماء المطلق أو المضاف ليس إلا نفس ذلك الماء المطلق أو المضاف، وانما تفرق اجزائهما بواسطة الحرارة، ولكن في نظر العرف ليس هو نفسهما، بل يرونه شيئاً مغايراً لهما، فحيث إن وحدة القضيتين المتيقنة والمشكوكة لابد وان تكون ينظر العرف في باب الاستصحاب، فلا يجرى عند الشك في بقاء حكمهما. وتحقيق المسألة في الاصول.
واطلاق ادلة النجس ـ كالبول أو الخمر مثلاً ـ لا تشمل البخار، وكذلك المتنجس كالماء المتنجس مثلاً، فاذا لم تشمل اطلاقات ادلة النجس أو المتنجس لذلك البخار ولم يجر الاستصحاب أيضاً، فلا محالة يكون المرجع أصالة الطهارة.
[5].  إذا كان التقاطر من بخار النجس أو المتنجس، ففيه تفصيل. وخلاصة الكلام فيه: ان التقاطر إذا كان من بخار نفس النجس، فان صدق عليه عنوان ذلك النجس ـ وذلك كما في تقاطر بخار البول إذا صدق عليه البول ـ فلا شك في نجاسته، كما أنه إذا كان السقف نجساً تكون القطرات أيضاً نجسة من جهة يوليتّها أو من جهة ملاقاتها للسقف النجس بعد تحول ذلك البخار إلى المائية والميعان، واما لو لم يكن لاهذا ولا ذاك فلا وجه لنجاستها، سواء كان ذلك التقاطر من بخار النجس أو المتنجس، زال نجاستهما لما تقدم، ووجود نجاسة جديدة بعد التقاطر يحتاج إلى دليل مفقود في المقام.
[6].  لا اشكال في تتجس الخل في هذه الحالة من جهة الملاقاة لها.
[7].  إذا امكن فرض هذا الوجه ـ وهو ان زمان الانقلاب عين زمان الوقوع ـ فمعناه أنه لم يلاق الخمر بل لاقى الخل فلا يتنجس.
ولكن ربما يتوهم الاشكال في ذلك: بان الملاقاة موضوع تشريعي لنجاسة الملاقي وعلة تكوينية للانقلاب، فهو مقدم رتبةً على الانقلاب.
وبعبارة اخرى: الملاقاة لتلك القطرة في الرتبة السابقة على الانقلاب الذي سبب للخلية، فينجس الحب بتلك الملاقاة، لأنه في تلك الرتبة لم تصر خلاً.
ولكن فيه اشكال وهو: ان التقدم الرتبي لا أثر له، بل المدار على أن يكون زمان الملاقاة زمان الخلية او زمان الخمرية، ولذلك ذكرنا في البيع الخياري أن الفسخ الفعلي يحصل بعتق العبد الذي هو المبيع ـ مع انه لاعتق الا في الملك ـ لانه في زمان واحد يحصل الملك والعتق، وهذا المقدار كاف في صحة العتق وحصول الفسخ، لعدم لزوم تقديم الملك على العتق، بل يكفي كونهما في زمان واحد، فهاهنا وحدة زمان الانقلاب الى الخلية وحصولها مع زمان الملاقاة تكفي في الحكم بالطهارة، ولكن الكلام في ان الانقلاب الى الخل هل يكون في نفس زمان الملاقاة بحيث لايتأخر عن الملاقاة ولو كان آناً ما؟ وأنه هل يمكن هذا اولا يمكن؟ الظاهر ان هذا دعوى باطلة بل توهم فاسد، وذلك لتقدم زمان الملاقاة على صيرورة تلك القطرة خمراً ولو آناً ما، لا أن تقدمه رتبى فقط كما توهمه المتوهم.
وأما القول بانه وان كان الخل يتنجس بملاقاته للخمر، ولكن بعدما صارت تلك القطرة خلا وانقلبت اليه، تطهر بواسطة الانقلاب، وذلك لشمول أدلة تطهير الخمر بالانقلاب لهذا المورد، فاذا صارت تلك القطرة طاهرة بالانقلاب، يطهر الخل المتنجس بالتبع بدلالة الاقتصاء، للزوم لغوية جعل الطهارة لتلك القطرة التي تتنجس فوراً لملاقاتها مع الخل المتنجس.
ففيه: انه لادليل على التبعية بعنوآنها وأما دلالة الاقضاء فهي ليست موجودة في المقام، وذلك من جهة أن نجاسة تلك القطرة بملاقاتها لمتنجس اخر، لا يوجب لغوية ذلك الحكم الكلي الذي شرعه الشارع ـ أي طهارة الخمر بالانقلاب ـ لوجود المصاديق الكثيرة لهذا الحكم، بل هذا المورد مورد شاذ لايعتني به، وليس من قبيل نجاسة ظرف الخمر الذي انقلب خلا، لانه هناك لو لم يكن الظرف طاهراً يكون جعل هذا الحكم لغواً.
وأما الاستناد في طهارة ذلك الخل بالتبع برواية فقه الرضوي: فان صب في الخل خمر لم يحل اكله حتى يذهب عليه ايام ويصير خلا، ثم كل بعد ذلك (فقه الرضوي، باب شرب الخمر: ص 36.)
ففيهك أن الرواية وإن كان لها ظهور في طهارة الخل بالتبع، ولكن حجية هذا الكتاب ـ المنسوب الى مولينا الرضا عليه السلام ـ غير معلوم لعدم ثبوت ذلك عند اكابر الفقهاء وان اصر على حجيته جماعة، هذا اولا مضافاً الى إعراض المشهور عن العمل بهذه الرواية بالخصوص.
[8].  تقدم في الاستحالة أنها عبارة عن تبدل الصورة النوعية: اما حقيقة وبالدقة، وإما بنظر العرف ـ وان لم يكن تبدلا حقيقاً في البين ـ ومثلنا للثاني بالبخار، فان الماء المطلق او المضاف لايتبدل حقيقته وصورته النوعيه بصيرورته بخاراً، بل البخار حقيقة عبارة عن تفرق اجزاء الجسم الذي تصاعد منه هذا البخار بواسطة الحرارة وتخلل الهواء بين تلك اجزاء المتفرقة الصغيرة التي من غاية صغرها لاتراها العين بصورتها المائية متميزة عن الهواء المتخللة بينها، ولكن العرف يرى أن البخار نوع آخر وله صورة نوعية اخرى. والماتن يدعى أن الانقلاب ليس هكذا، ولا يتبدل فيه الصورة النوعية حقيقة، بل يتبدل فيه الاوصاف، كالخمر اذا صارت خلا، فان الخمر والخل كليهما عصير العنب أو التمر، غاية الأمر إذا تخمر وأسكر يسمى بالخمر، وان زال عنه هذا الوصف وصار حامضاً يسمى بالخل، فليس تبدل حقيقة في صيرورة الخل خمراً أو بالعكس، فانقلاب الخمر خلا ليس من باب الاستحالة، كما ان الدليل على مطهريته لبس ماذ كرنا في الاستحالة ـ من انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع ـ بل الدليل هو الاخبار، وادعى عليه الاجماع أيضاً.
ولكن!! انت خبير بأن أمثال هذه الاجماعات ـ على فرض تسليم صغراه ـ ليس من الاجماع المصطلح الذي نقول بحجيته في الاصول، لما يظن بل يعلم أن مدرك المجمعين والمتفقين هو هذه الأخبار.
نعم الاشكال في ذلالة هذه الاخبار ـ التي تقدم شطر مهم منها ـ على هذا المطلب، وبناءً على صحة ما ذكره من الفرق بينهما، فنتيجة ما ذكره هو عدم طهارة غير الخمر من النجاسات وجميع المتنجسات به، لان زوال الوصف ليس من المطهرات شرعاً إلا في خصوص الخمر بالنسبة إلى خصوص وصف الإسكار، وأما بالنسبة إلى سائر الاوصاف ماعدا الاسكار فليس مطهراً حتى الخمر، فضلاً عن سائر النجاسات والمتنجسات.
إذا عرفت ما ذكرنا أن كلام الماتن ـ حيث يستدل على الفرق الذي يفرق به بينهما بقوله: ولذا لا تطهر المتنجسات به وتطهر بها ـ لا يختص بالمتنجسات، بل النجاسات أيضاً ماعدا الخمر لا تطهر به، بل الخمر أيضاً في غير زوال صفة إسكارها ـ أي بزوال سائر اوصافها من لونها وطعمها وراثحتها ـ لا تطهر.
هذا!! ولكن الانصاف أنه يمكن ان يقال: إن الخمر بصيرورتها خلاً ـ على فرض تسليم عدم تبدل صورتها النوعية حقيقة، والاعتراف بلان الخمر والخلّ ليسا نوعين وماهيتين، بل من نوع واحد، غاية الامر ان صفاتهما مختلفة، اي احدهما مسكر دون الاخر، لكن عند العرف وفي نظرهم إذا صار الخمر خلاً يكون الخلّ حقيقة اخرى، ويرون هذا من تبدل الصورة النوعية إلى صورة نوعية اخرى، وبناءً على هذا ـ لو لم تكن هذه الاخبار ولا اجماع في البين، كان مقتضى القاعدة طهارتها بصيرورتها خلاً ـ وقد تقدم الكلام عن هذا فلا نعيد ـ فبناءً على هذا، حيث لم يذكر الفقهاء (قدهم) للانقلاب مورداً غير انقلاب الخمر خلا ـ وقد عرفت حال هذا الانقلاب، وأنه من تبدل الصورة النوعية أيضاً، لكن عرفاً لا حقيقة ـ فبضميمة ما ذكرنا سابقاً من أن الاستحاله على قسمين حقيقة وعرفية، تعرف أن الانقلاب الذي ذكره الفقهاء ليس شيئاً ومطهراً أخر في قبال الاستحالة، بل هو من مصاديقها.
[9].  لهذه المسألة صور، ذكر الماتن صورة منها وهي: تنجس العصير بخصوص النجاسة الخمرية دون سائر النجاسات، وبعد ذلك انقلب إلى الخمر، ثم انقلب ذلك الخمر إلى الخل. ولم يذكر انقلاب العصير المتنجس إلى الخل ابتداءً من دون ان ينقلب خمراً، ثم ينقلب ذلك الخمر خلاً. على كل حال!! نحن أيضاً نقتفى خمراً، ثم ينقلب ذلك الخمر خلاً. وعلى كل حال!! نحن أيضاً نقتفى اثره، ونشرح هذه الصورة فقط:
فنقول: عمدة الكلام في هذا الفرع هو: ان النجس أو المتنجس إذا لاقى نجاسة من سنخ نجاسته، هل يتأثر بهذه الملاقاة فيتأكد نجاسته، أو يوجد فرد آخر من النجاسة فيه بواسطة تلك الملاقاة ام لا، بل لايتأكد أيضاً؟ أما الاخير ـ اي وجود فردين من النجاسة التي من سنخ واحد متميزين بحدودهما في موضوع واحد ـ فواضح الفساد، لأنه يكون من اجتماع المثلين المحال.
وما احتمله شيخنا الاعظم (قدس سره) في نفس مورده هذه المسألة ـ من أن يكون محل النجاسة العرضية الآتية من قبل الملاقاة هو جسم الخمر ـ أي المركب من المادة والصورة الجسمية ـ فقط، والصورة النوعية خارجة عن محل هذه النجاسة، ومحل النجاسة الذاتية الآتية من قبل صيرورة ذلك العصير خمراً هو الصورة النوعية الخمرية، فلا يلزم محذور اجتماع المثلين ـ لا يخلو عن غرابة!! لأن النجاسة وان كانت بناء على ما هو الصصحيح عندنا ليست من الأعراض الخارجية، بل هي من الاعتبارات في عالم التشريع كسائر الاحكام الشرعية وضعية كانت ام تكليفية، ولكن موضوع هذا الأمر الاعتباري هو الجسم لا الصورة النوعية، فجسم الخمر نجس لا صورتها النوعية. نعم الجسم متصور بتلك الصورة، فلو زالت تلك الصورة ينتفى نجاسة ذلك الجسم، وعلى هذا المبنى بنينا مطهرية الاستحالة وعلى كل حال!! موضوع النجاسة الآتية من قبل ملاقاة العصير، والنجاسة الآتية من قبل خمريته بالانقلاب، كلا هما هو هذا الجسم الخارجي، ولكن مع ذلك لا يصير اجتماع المثلين، بل يتأكد نجاسته.
فالعمدة في المقام ما ذكره الماتن من أن الشيء النجس أو المتنجس لا يتأثر بملاقاة مثله وما هو سنخه، فبعد ما كان العصير متنجساً بالنجاسة الخمرية، فلو لاقى خمراً لا يتأثر من ناحية تلك الملاقاة، كما أنه لو انقلب خمراً، أيضاً لأن التأكد فرع تأثير السبب الجديد، والمفروض أنه لا يؤثر حتى بناء على القول بان الاصل تعدد المسبب بتعدد الاسباب، لأن هذا الاصل وان كان صحيحاً عندنا، ولكن لا يجرى في المقام، لما ذكرنا من أنه من قبيل حصول الحاصل المحال في نظرهم، وفي ارتكازهم العرفي أن المتنجس لا ينجس ثانياً من مثله.
هذا كله فيما إذا تنجس العصير بالنجاسة الخمرية ثم انقلب خمراً.
[10].  فهل الانقلاب إلى الخمر يزيلها؟ لأنه بعد صيرورته بالانقلاب إلى الخمر نجساً ذاتياً، يكون اعتبار النجاسة العرضية وأنه متنجس بقاء لغواً واعتباراً بلا اثر وفائدة عند العقلاء، كما انهم لا يعتبرونها حدوثاً، بمعنى: ان الاعيان النجسة إذا لاقى احدها النجس أو المتنجس لا يرونه متأثراً بتلك الملاقاة حدوثاً، ففي البقاء يكون أيضاً كذلك.
وما ذكرنا ليس من أجل امتناع اجتماع المثلين، لان النجاسة قابلة للتأكد فتتأكد، بل من جهة انصراف ادلة نجاسة ملاقي النجس أو المتنجس بالملاقاة عن مثل هذا المورد، لأن العرف يرونه من قبيل حصول الحاصل المحال:
ولكن هذا انما يكون فيما إذا كانت نجاسة الملاقى من سنخ نجاسة الملاقى، أو كانت في مرتبته من الشدة والضعف وان لم تكن من سنخها ونوعها.
وأما اذا كانت اشد من نجاسة مايلاقيه كما اذا لاقى الخمر بولا ـ بناء على اشدية نجاسة البول عن الخمر ـ فلا يرون ذلك الانصراف الذي ادعيناه بل يرون إطلاق دليل تنجس ما يلاقي النجس اوالمتنجس مع رطوبة أحدهما وعمومه شاملا لمثل هذا المورد، ففي المفروض اذا تنجس العصير بملاقاته للبول فانقلب خمراً، يوجد في الخمر نجاسة مؤكدة أى: نجاسة شديدة.
ثم يبقى الكلام في انه: هل تزول بانقلابها خلا خصوص النجاسة الخمرية فقط ـ وتبقى تلك المرتبة المستندة الى البول ـ او تزول تمام نجاسة الخمر بالانقلاب، أي المقدار الحاصل من البول ـ أي العرضية ـ والمقدار الذاتي لها الحاصل من جهة كونها خمراً؟ ربما يرجع الثاني، لانها نجاسة واحدة أمرها دائر بين الوجود والعدم فلا يتبعض، ولكن الظاهر هو الأول لانها وان كانت حال اجتماع السببين واحدة، ولكن بارتفاع سبب واحد من السببين لا يرتفع عقلا إلا مسبببه، وهو مرتبة من تلك النجاسة الشديدة لاجميعها.
هذا بناء على ان ارتفاع النجاسة في استحالة ـ وكذلك الانقلاب ـ يكون بحكم العقل، ومن باب انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع ـ كما رجحناه ـ وأما لو كان من جهة دلالة الاخبار أو الاجماع، فظاهر قوله عليه السلام «لابأس» نفي البأس عن هذا المايع الخارجي الموجود، وهذا معناه ارتفاع تلك النجاسة بتمامها.
[11].  على اطلاقه غير تام.
[12].  الاستهلاك: عبارة عن تفرق الاجزاء المستهلك في خلل اجزاء المستهلك فيه، بدون ان تتبدل الصورة النوعية الى صورة نوعية اخرى، ففي الاستهلاك لا ينعدم الجسم المستهلك، بل هو موجود بصورته النوعية وانما الذي ينعدم وصف اجتماع اجزائه لتفرق اجزائه وصيرورتها صغيرة منبثة في خلال اجزاء الجسم المستهلك فيه، وتكون من الصغر بحد لايدركه البصر بلونه، ولا الذائقة بطعمه، ولا الشامة بريحه، وهكذا...
وتسميته بالاستهلاك لاجل ماذكرنا، وإلا فنفس ذلك الشيء باق بصورته النوعية، ولا هلاك له لا حقيقة ولا عرفاً، غاية الامر حيث إن العرف لا يدرك باحدى الحواس الخمس، يحكم بانعدامه، وإلا لو علم بوجود تلك الاجزاء بحقائقها وصورها، فلا يحكم بمثل هذا الحكم، بخلاف الاستحالة، فان الصورة النوعية تنعدم فيها اما حقيقة وأما عرفاً، فالكلب اذا صار ملحاً تنعدم صورته النوعية حقيقتاً، وكذا العذرة اذا صارت تراباً والماء اذا صار بخاراً، وإن كان لاتنعدم صورته النوعية حقيقة، ولكن تنعدم عرفاً وبنظرهم.
لايقال: في الاستهلاك أيضاً كذلك تنعدم الصورة النوعية عرفا، فلا فرق بينهما؟ للفرق بينهما، لانه في الاستحالة العرفية يرى صورة نوعية أخرى غير صورة الماء ـ وهي الصورة النوعية البخارية ـ اما في الاستهلاك لايرى وجوداً للجسم المستهلك، فلا يرى تبدل صورته النوعية، بل يتخيل ويتوهم انعدامها بالمرة.
وبعبارة اخرى: لا يرى الموجود في مورد استهلاك مقدار من الدم في الكر من الماء إلا ذلك الماء، والخطابات الشرعية متوجهة إلى العرف فمفادها ـ الذي يجب اتباعه ـ هو ما يفهم العرف منها، والعرف يفهم من الخطابات الشرعية ان الدم نجس، والعرف لا يرى في موارد الاستهلاك دماً كي يحكم بنجاسته، ولا يرى إلا الماء.
نعم لو اجتمع تلك الاجزاء بعلاج أو بنفسه، فحيث إنه بصدق عليه الدم حينئذ، يحكم عليه بانه نجس.
وحاصل الكلام: ان اجتماع الاجزاء عنده دخيل في تحقيق ذلك العنوان. ومما ذكرنا يظهر الاثر المترتب على هذا الفرق، اي الفرق الذي ذكره بين الاستهلاك والاستحالة، وهو انه في الاستحالة لو رجع ذلك الجسم إلى حالته الاولى ـ كما إذا رجع بخار الماء المتنجس ماء ثانياً، أو بخار ماء الورد المتنجس إلى كونه ماء الورد ـ لا يتنجس، لأن ما هو الموضوع للنجاسة انعدم حقيقة في الاستحالة الحقيقة وعرفاً فيا العرفية، وبانتفائه ينتفى الحكم، وأما في الاستهلاك لم ينتف الموضوع، بل المنتفي هو وصف الاجتماع، فاذا رجعت الأجزاء إلى الاجتماع لا يحتاج حكمه إلى دليل جديد، بل عمومات الأدلة تشمله، بخلاف الاستحالة، فان الموضوع وحكمه انعدما، فيحتاج حكمه ثانياً إلى دليل جديد، خصوصاً في المتنجسات فانه فيها لا دليل على نجاسة الملاقي، وما هو الملاقى قد انعدم، وما هو باق ليس بملاق لتبدل الموضوع، ومع ذلك كله لايخلو هذا الفرق الذي ذكره بين الاستحالة والاستهلاك، والثمرة التي ذكرها لذلك الفرق عن نظر وتأمل وأشكالات يطول الكلام بذكرها!!
[13].  أقول: لاشبهة فى أن عرق كل شيء عبارة عن خروج رطوبة عن مساماته بشكل ماء أو صعود بخار من شيء، ثم تقطير ذلك البخار بواسطة وصول البرودة اليه، كما هو الحال في أغلب العرقيات.
أما القسم الاول: فلا شبهة في نجاسته، سواء صدق عليه اسم ذلك الجسم الذي خرج منه هذا العرق أولم يصدق، لان المروض ان العرق في هذه الصورة عبارة عن رطوبات جسم الكلب او الخنزير، وتلك الرطوبات كسائر اجزائها نجسة، لان المفروض ان ذلك الجسم الذي خرج منه العرق بتمامه نجس، ومنها هذه الرطوبة الخارجة عنه، هذا اولا.
وثانياً: على فرض ان لاتكون تلك الرطوبة الخارجة في حد نفسها نجسة، يتنجس بواسطة ملاقاتها للجسم النجس العين لامحالة، فلا يبقى مورد لهذا التشقيق، والحكم بنجاسته في صورة وعدمها في صورة أخرى وأما القسم الثاني ـ أى: العرق الحاصل من تقطير بخار النجس ـ فهذا هو الاستحالة عيناً، وقد تقدم الكلام فيه، فلا يمكن أن يكون فيه ثمرة الفرق بين الاستحالة والاستهلاك.
[14].  كما ثبت بالدليل، وأيضاً لما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام ـ في قوله تعالى: انما الخمر والميسر... الآية ـ: أما الخمر فكل مسكر من الشراب اذا اخمر فهو خمر... (الوسائل كتاب الاطعمة والاشربة، الباب ـ 1 ـ من ابواب الأشربة المحرمة، الحديث ـ 5.)
فلا فرق بين أن يصدق عليه اسم الخمر أولا يصدق، وهذا بخلاف عرق سائر النجاسات ـ كالعذرة مثلا ـ فان صدق عليه اسم العذرة يحكم عليه بالنجاسة، وإلا فلا


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com