اللاحق_16

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

(مسألة ـ 3) إذا شك بعد للتطهير وعلمه بالطهارة في أنه هل أزال العين أم لا؟ أو أنه طهره على الوجه الشرعي أم لا؟ يبني على للطهارة، إلا أن يرى فيه عين للنجاسة، ولو رأى فيه نجاسة، وشك في أنها هي للسابقة، أو أخرى طارئة، بنى على انها طارئة([1]).
(مسألة ـ 4) إذا علم بنجاسة شيء، وشك في أن لها عيناً أم لا؟ له أن يبني على عدم العين([2]) فلا يلزم الغسل بمقدار يعلم بزوال للعين على تقدير وجودها، وإن كان أحوط.
(مسألة ـ 5) للوسواسي يرجع في للتطهير إلى المتعارف ولا يلزم أن يحصل له للعلم بزوال للنجاسة([3]).
فصل في حكم الاواني
(مسألة) لا يجوز إستعمال للظروف المعمولة من جلد نجس للعين أو الميتة فيما يشترط فيه للطهارة من الأكل وللشرب وللوضوء وللغسل([4]) بل الأحوط عدم إستعمالها في غير مايشترط فيه للطهارة أيضاً([5]).
وكذا غير للظروف من جلدهما، بل وكذا سائر الإنتفاعات غير الإستعمال، فإن الأحوط ترك جميع الإنتفاعات منهما. وأما ميتة ما لا نفس له كالسمك ونحوه، فحرمة إستعمال جلده غير معلوم، وإن كان أحوط.
وكذا لايجوز إستعمال للظروف المغصوبة مطلقاً([6])
وللوضوء وللغسل منها مع للعلم باطل مع الانحصار([7]) بل مطلقاً. نعم لو صب الماء منها في ظرف مباح فتوضأ وإغتسل صح، وإن كان عاصياً من جهة تصرفه في المغصوب.
[1].  إختلف الآراء في هذه المسألة: فالماتن «قدس سره» أفاد بالبناء على الطهارة في جميع هذه الصور الثلاث الموجودة في المسألة، وذلك لجريان قاعدة أصالة الصحة بعد الفراغ، وذهب إلى ذلك أستادنا المحقق «قدس سره» وأما سيدنا الاستاذ وشيخنا الاستاذ «قدس سرهما» فأفادا في تعليقتهما بعدم جريان قاعدة أصالة الصحة في الصورة الأولى دون الصورتين الأخيرتين وذلك من جهة أن مورد هذه القاعدة فيما إذا كان أصل العمل موجوداً وإنما الشك يكون في صفة من صفاته، واما في المقام فالشك في أنه هل أزال العين أم لا؟ شك في أصل العمل، ولذلك يجب عليه تحصيل العلم بزوالها بالفحص أو تجديد غسله، وذلك لعدم أصل محرز لغسل المحل المتنجس.
ولكن أنت خبير بأن عمدة إشكال شيخنا الأستاد «قدس سره» على جريان أصالة الصحة في المقام بأنه مثبت، وهي ليست من الأمارات كي تكون مثبتاتها حجة.
وفيه: أن التطهير يكون من فعل الإنسان ولكن مع الواسطة، فإذا كان الشخص بصدد التطهير، والطهارة مسبب عن فعل اختياري، وأجرينا قاعدة أصالة الصحة في السبب، فقهراً يثبت المسبب وهو الطهارة، فإذا لاقاه شيء لا يتنجس.
وأما ما أفاده شيخنا الأستاذ «قدس سره» بأن قاعدة أصالة الصحة إنما تجري فيما إذا كان الشك في كيفية التطهير، وأما الشك في الإزالة فلا ففيه: أن الإزالة أيضاً من الكيفيات.
وأما ماقيل من الفرق بين ما إذا كان عالماً بالعين حين العمل وكان هو بصدد إزالتها، وبين ما إذا كان غافلاً بالعين حين العمل، بجريان قاعدة أصالة الصحة في الأولى دون الثانية.
ففيه: أن هذا ليس بتفصيل في المسألة، بل بيان لمجرى أصالة الصحة. والحق في المقام هو جريان قاعدة أصالة الصحة في الصور الثلاث ـ كما أفاد الماتن «قدس سره» وذهب إلى ذلك أستاذنا المحقق «قدس سره» ـ أما الصورة الأولى فلما ظهر من مجموع ما ذكرنا. وأما الصورة الثانية: فهو القدر نجاسة ويشك في أنها هي السابقة أو أخرى طارئة، ويكون منشأ الشك فيه الشك في صحة التطهير، لإحتمال أن تكون هي العين السابقة، لكن ببركة أصالة الصحة يثبت زوال العين السابقة.
[2].  لكن التحقيق عدم جريان هذا الأصل، لأنه بمفاد ليس التامة لا يثبت وصول الماء إلى المحل إلا على القول بالأصل المثبت، وبمفاد ليس الناقصة ليس له حالة سابقة. فالأقوى وجوب الغسل حينئذ بمقدار يحصل العلم بزوال العين على فرض وجودها، لعدم إحراز التطهير بدون ذلك، لا بمحرز وجداني ولا شرعي.
[3].  الوسواسي بعد ما ثبت له النجاسة بعلم أو علمي وطهره بالنحو المتعارف: تارة يحصل له العلم بزوال النجاسة، أو قيام حجة معتبرة على زوالها، وأخرى لا يحصل له العلم أو العلمي بزوال النجاسة. والفروض الأول خارج عن البحث، لأنه إن حصل له العلم أو العلمي بزوال النجاسة لايبقى مورد لأن يقال: يجب عليه أن يزيل النجاسة، وذلك لتحصيل الحاصل. وأما الفرض الثاني ـ أعني عدم حصول العلم بالزوال ـ فهو إما أن يعلم ببقاء النجاسة أو يشك في ارتفاعها.
أما في الصورة الأولى فلا يمكن أن يكلف بتحصيل العلم بالزوال، لأنه في حقه إما متعذر أو متعسر، وحيث إن التكليف ثابت في حقه ولا يسقط عنه، فا مناص إلا من القول بوجوب التطهير عليه بالنحو المتعارف. ومرجع ما ذكرنا في صورة العلم ببقاء النجاسة ـ فيما إذا طهر بالنحو المتعارف ـ هو تقييد الواقع بصورة عدم الإزالة بالنحو المتعارف، لعدم إمكان التقييد في الحجية في القطع الطريقي، فيكون من قبيل قطع القطاع، وتنقيح المسألة في محله.
وأما في الصورة الثانية فإن عمل في مقام التطهير بالنحو المتعارف، فلا يجري في حقه الإستصحاب، لأن الشارع جعل التطهير بالنحو المتعارف أمارة على الزوال، إذ النجاسة غالباً تزول بالغسل المتعارف، فلا يبقى مجال لجريان الإستصحاب.
فظهر من مجموع ما ذكرنا أن ماذكره الماتن «قدس سره» ـ من عدم حصول العلم للوسواسي بزوال النجاسة، ورجوعه في التطهير إلى المتعارف ـ هو الصحيح.
[4].  لا يخفى أن الميتة أعم من الحيوان القابل للتذكية ولم يذك والحيوان الذي مات حتف أنفه، وقد بينا سابقاً أن ماعدا الحيوان النجس العين والحشرات قابلة للتذكية، وحينئذ لايجوز إستعمال الظروف المعمولة من جلد نجس العين أو الميتة فيما يشترط فيه الطهارة، لأنه بناءً على نجاسة الجلد يتنجس الماء أو المايع الذي يلاقيه، فيحرم شرب الماء النجس ولا يصح الوضوء والغسل به كما سيأتي في مبحث شرائط الوضوء إنشاءالله تعالى.
[5].  أما استعمال الظروف المعمولة من جلد نجس العين أو الميتة في غير ما يشترط فيه الطهارة فقد قال الماتن (قدس سره) هاهنا بعدم الجواز ولكن في مبحث نجاسة الميتة في المسألة ـ 19 ـ قال بالجواز، وهذا نصها: يحرم بيع الميتة، لكن الأقوى جواز الإنتفاع بها فيما لا يشترط فيه الطهارة ولعل الإحتياط هاهنا إستحبابي وهو المختار.
خلاصة الكلام: إن الفقهاء إختلفوا في هذه المسألة. فالمانعون إستدلوا:
أولاً: بالإجماع على عدم الجواز. ولكن أنت خبير بأن الإجماع ممنوع صغرىً وكبرىً، أما الصغرى فمن جهة أنه غير ثابت مع وجود المخالف كالصدوق (قدس سره) وحكي عنه نفي البأس من إستقاء الماء بالدلو الذي صنع من جلد الخنزير، وكذا يظهر الجواز من الإرشاد والنهاية والنافع، والمحقق (قدس سره) صرح في الشرائع بجواز الإستقاء بجلود الميتة لما لا يشترط فيه الطهارة وإن كان نجساً. أما كبرىً فمن جهة أنه ليس من الإجماع المصطلح الذي بنينا في الأصول على حجيته، وهو عدم وجود مدرك للمجمعين يتكأون عليه، فمثل هذا الإجماع يكون مسبباً عن رأي المعصوم عليه السلام بخلاف مانحن فيه فإنه إجماع مدركي.
وثانياً: الروايات. وفيه: أن الروايات: إما ضعيفة من جهة السند أو الدلالة.
فلنذكرهها هنا جملة من الروايات: منها: رواية تحف العقول عن الصادق: إنه سئل عن معايش العباد... إلى أن يقول: أو شيء من وجوه النجس فهذا كله حرام محرم، لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه، فجمعيع التقلب في ذلك حرام (الوسائل كتاب التجارة، الباب ـ 2 ـ من ابواب مايكتسب به، الحديث ـ 1.) وظاهرها حرمة جميع الإنتفاعات. ولكن يمكن المناقشة فيها بأن المراد من الإنتفاعات أي المعاشي، كما هو ظاهر الرواية، لأنها وردت في التجارة والصناعة والإجارةوالولاية، على أن هذه الرواية وردت في كتاب تحف العقول، وهذا الكتاب رواياته محل تأمل، ومن قال بإعتباره فمن جهة ورودها في الوسائل فعلى أي حال فالتقلبات الغير البيعي جائزة كالتسميد، لما ورد في نفس الرواية: كل شيء فيه جهة من الصلاح فجائز. ولذا قال الشيخ: لولا الإجماع لكنا نقول بجواز بيعه.
واما ما قيل بأن التسميد أو الإستصباح وغيرهما ليس باستعمال أي لا يصدق عليه الإستعمال، فغير صحيح.
ومنها: عن الكاهلي، قال: سأل رجل أبا عبدالله عليه السلام وأنا عنده حاضر عن قطع أليات الغنم؟ فقال: لا بأس بقطعها إذا كنت تصلح بها مالك. ثم قال: إن في كتاب علي عليه السلام: أن ما قطع منها ميت لا ينتفع به (الوسائل كتاب الصيد والذباحة، الباب ـ 30 ـ من ابواب الذبائح، الحديث 1.) فان ظاهرها ولو كان عموم الإنتفاع ولكن يحمل على الإنتفاع المحلل كالأكل.
ومنها: عن أبي الحسن عليه السلام، قلت: جعلت فداك إن أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها، قال: هي حرام. قلت: فنستصبح بها؟ قال: أما تعلم أنه يصيب اليد والثوب وهو حرام (الوسائل كتاب الاطعمة والاشربة، الباب ـ 3 ـ من ابواب الأطعمة المحرمة، الحديث 1.) وبازائها روايات تدل على الجواز: منها: عن جامع البزنطي صاحب الرضا قال: سألته عن الرجل يكون له الغنم يقطع من ألياتها وهي أحياء، أيصلح أن ينتفع بما قطع؟ قال: نعم، يذيبها ويسرج بها، ولا يأكلها ولا يبيعها (الوسائل كتاب التجارة، البا ـ 6 ـ من ابواب ما يكتسب به، الحديث 6.) ومنها: عن أبي القاسم الصيقل وولده قال: كتبوا إلى الرجل: جعلنا الله فداك إنا قوم نعمل السيوف، ليست لنا معيشة ولا تجارة غيرها، ونحن مضطرون إليها، وإنما علا جناجلود الميتة والبغال والحمير الأهلية، لا يجوز في أعمالنا غيرها، فيحل لنا عملها وشراؤها وبيعها ومسها بايدينا وثيابنا ونحن نصلي في ثيابنا؟ ونحن محتاجون إلى جوابك في هذه المسألة يا سيدنا لضرورتنا. فكتب: إجعل ثوباً للصلاة (الوسائل كتاب التجارة، الباب ـ 38 ـ من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4.) وغيرها من الروايات.
ويجمع بين الطائفتين بحمل الأولى على التصرفات المشروطة بالطهارة.
[6].  ويشهد له روايات كثيرة: منها: ماروى الأعمش، عن أبي واثل، عن عبدالله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: حرمة مال المسلم كحرمة دمه (المبسوط كتاب الغصب.) ومنها: عن أبي عبدالله عليه السلام عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب يوم النحر بمعنى في حجة الوداع وهو على ناقته الضباء فقال:... فان حرمة أموالكم عليكم وحرمة دمائكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا وهى بلدكم هذا إلى أن تلقوا ربكم فيسئلكم عن أعمالكم (المستدرك كتاب الغصب، الباب ـ 1 ـ الحديث 1.) ومنها: موثقة سماعة عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من اثتمنه عليها، فانه لايحل دم امرء مسلم ولا ماله إلا يطيبة نفس منه (الوسائل كتاب الصلاة، الباب ـ 3 ـ من أبواب مكان المصلي الحديث 1.) وغيرها من الروايات الكثيرة الدالة على حرمة التصرف في الأشياء المغصوبة التي بإطلاقها تشمل إستعمال الظروف المغصوبة.
[7].  الوضوء من الظروف المغصوبة له صور:
الصورة الأولى: أن يكون الظرف والماء كلاهما مغصوبين، فالوضوء في هذه الصورة باطل مطلقا: سواء كان بإغتراف واحد أو إغترافات متعددة، وسواء كان بنحو الإرتماس أولا، وسواء كان المتوضي عالماً بالغصبية أو جاهلا، وذلك للاجماع على لزوم إباحة ماء الوضوء. نعم عن الدلائل أنه حكى عن الكليني (قدس سره) جواز الوضوء بالماء المغصوب،م ولكن مخالفة الكليني (قدس سره) وحده لايضر بصحة الإجماع مضافاً إلى أن موردنا يكون من قبيل النهي عن العبادة ـ لامن باب الإجتماع ـ فتكون العبادة باطلة حتى مع الجهل، والسر في ذلك: أن التوضي بالماء المغصوب بنفسه تصرف في مال الغير وحرام، ويكون من النهي في العبادة فليس فيه ملاك العبادية، وليس من باب الاجتماع، إذ ليس بين متعلق الأمر والنهي تركيب إنضمامي، بل هما شيء واحد، لأن إجراء الماء المغصوب على الوجه واليدين وضوء ومصداق حقيقي لتصرف في مال الغير الذي هو حرام. نعم بناء على قول من يقول بجواز الاجتماع في المقام الأول حتى ولو كان التركيب بين متعلق الأمر والنهي إتحادياً يمكن القول بالصحة مع الجهل والغفلة. فتأمل!!
الصورة الثانية: أن تكون الآنية مغصوبة دون الماء. وفي هذه الصورة: تارة يكون الوضوء من الاناء المغصوب بنحو الاغتراف، وأخرى بنحو الصب، وثالثة بنحو الرمس.
اما في الصورتين الاخيرتين فيكون الوضوء باطلا مطلقاً سواء كان مع الانحصار أو مع عدم الانحصار فيما إذا كان عالماً بغصبية الظرف دون الجهل.
أما في الصورة الأولى ـ أعني فيما إذا كان الوضوء بنحو الاغتراف ـ وهو تارة يكون باغترافات متعددة، وأخرى باغتراف واحد ويكون كافياً لغسل الوجه واليدين. أما في الفرض الأول ـ أعني فيما إذا كان الوضوء باغترافات متعددة ـ فيكون الوضوء باطلا مع الانحصار، بناء على أن الوضوء مشروط بالقدرة الشرعية ـ بقرينة المقابلة مع التيمم كما في الآية الشريفة: إذا قمّم إلى الصلوة فاغسلوا... الخ (القرآن الكريم سورة المائدة، الاية 5.) وإن التفصيل قاطع للشركة، وحيث إن التيمم مشروط بفقد الماء، فالوضوء أيضاً يكون مشروطاً شرعاً بالقدرة على الماء بقرينة المقابلة، والقدرة إذا أخذت في لسان الدليل تكون شرعية ـ وحيث إن القدرة دخيلة في الملاك فعند عدم القدرة على الماء شرعاً لاملاك للوضوء، إذ الممتنع شرعاً كالممتنع عقلا، فحينئذ عند الاغتراف الأول ـ فيما إذا كان غير كاف لغسل الوجه واليدين ـ لايكون قادراً على تتميم الوضوء شرعاً لحرمة الاغتراف الثاني والثالث... الخ
والوضوء مركب عبادي وإنما يكون صحيحاً ومقدوراً عليه فيما إذا كان جميع أجزائه ذا ملاك، أي من أول الوضوء إلى الآخر، مثلا المرأة التي تعلم بتحيضها في آخر الصلاة ولو في الجزء الأخير، لم يكن ماوقع من أجزاء صلاتها صحيحة، إذ الجزء الأخير لاملاك له، وذلك شأن جميع الواجبات المشروطة بالقدرة الشرعية، فعند فقد القدرة لا ملاك لها ويكون مثالها مثال من حج متسكعاً، حيث إنه لم يجزئه عن حجة الاسلام، فاذا صار مستطيعاً يجب عليه أن يحج ثانياً، كل ذلك لأجل أن الاستطاعة شرط لوجوب الحج.
وخلاصة الكلام: فيما إذا كان الماء منحصراً بما في الاناء المغصوب ولا يمكن أن يتوضأ إلا باغترافات متعددة، يسقط أمر الوضوء ويتوجه اليه أمر التيمم.
وأما في صورة عدم الانحصار فالظاهر عدم البطلان، لأن الأمر لايسقط بواسطة عدم الانحصار ووجود ماء آخر، والحرام الذي يرتكبه ـ أعني الاغترافات المتعددة التي هي مصداق للتصرف في مال الغير ـ ليس في ظرف الامتثال إذا كان الوضوء باغتراف، بل يقع دائما قبل ذلك الظرف. نعم لو حصل الامتثال بنفس استعمال المغصوب ـ كالابريق الغصبي الذي يتوضأ باستعماله ـ فلا يخلو عن إشكال، لعدم إمكان تحقق قصد القربة. وأما في صورة الانحصار فأمر الوضوء ساقط لعدم الملاك كما بينا آنفاً. هذا كله فيما إذا كان الوضوء من الاناء المغصوب ولا يمكن إلا بالاغترافات المتعددة.
وأما إذا كان اغتراف واحد كافياً لغسل الوجه واليدين يكون وضوئه صحيحاً مطلقاً ـ أعني سواء أكان الماء منحصراً أو غير منحصر ـ لأنه بعد إغترافه يكون متمكناً من الوضوء، إذ مع الانحصار وإن كان قبل الاغتراف مأموراً بالتيمم إلا أنه بعد هذا يصير واجداً للماء.
ثم إن هاهنا ـ أعني فيما إذا كان الماء في الاناء المغصوب منحصراً ولا يمكن الوضوء باغترافات متعددة ـ زعم صاحب الفصول (قده) جريان الترتب فيه، وهو أنه يكون وجوب الوضوء مشروطاً بعصيان النهي المتعلق بالإغترافات التي تقع بعد الإغتراف الأول ـ كما أن وجوب الصلاة ـ بناءً على صحة الترتب وإمكانه ـ مشروط بعصيان أمر الإزالة ـ فيكون الوضوء صحيحاً بالامر الترتبي حتى بناءً على إحتياج العبادة إلى الأمر كما ذهب إليه صاحب الجواهر (قده).
ولكن أنت خبير بأن هذا الزعم ليس بصحيح، لأن التوضي من مثل ذلك الاناء إن اغترف غرفة كافية لغسل تمام الوضوء، فوضوؤه صحيح لا إشكال فيه، لأنه بعد عصيانه بالاغتراف بمثل تلك الغرفة صار واجداً للماء وحصل موضوع وجوب الوضوء. وأما لو احتاج الوضوء إلى إغترافات متعددة، فبعد الإغتراف الأول لا يصير واجداً للماء، إذ الممتنع شرعاً كالممتنع عقلاً، لأن الاغترافات المتأخرة كلها أيضاً محرمة، فبناءً على إشتراط الوضوء بالقدرة الشرعية ـ كما تقدم وجهه عند الاغتراف الأول ـ لا ملاك له، لأن القدرة الشرعية دخيلة في الملاك، وحيث لا قدرة فلا ملاك، فلا أمر، فلا ترتب، لأن الأمر الترتبي لا يكون إلا بعد وجود الملاك في متعلقه، كمابينا تفصيل ذلك في إحدى تنبيهات الترتب في كتابنا (منتهى الأصول).
ولا يقاس مانحن فيه بالصلاة والازالة، لأن الصلاة ليست مشروطة بالقدرة الشرعية والملاك فيها موجود، وعدم الأمر المطلق لعدم القدرة، فاذا تصورنا وجود القدرة بشرط عصيان الأهم، فقهراً يكون الأمر بهذا الشرط ـ أي: الأمر الترتبي ـ موجوداً. وأما فيما نحن فيه، فحيث إنه لا قدرة شرعاً فلا ملاك كي نقول بالأمر الترتبي. وأما لو كان إستعمال الكأس والاناء جائزاً من جهة تخليص مائه ـ فيما إذا كان الماء ملكاً له ولم يكن وجوده في الاناء بسوء إختياره، بل كان قد غصبه صاحب الاناء ـ مثلاً ـ أو صبه فيه جهلاً بالموضوع أو غفلة ـ فخارج عن الفرض، ويكون الوضوء صحيحاً بلا ريب، ولا يحتاج إلى أمرترتبي أصلاً.
فتلخص من مجموع ماذكرنا: أن الوضوء من الاناء المغصوب مع الانحصار بنحو إغترافات متعددة يكون باطلاً، ولا يمكن تصحيحه بالأمر الترتبي ـ المتوقف على الملاك ـ ولا بقصد الملاك، كل ذلك لعدم وجود الملاك في هذه الصورة.


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com