اللاحق_18

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

(مسألة ـ 8) لا بأس بغير الاواني إذا كان من أحدهما([1]) كاللوح من للذهب أو للفضة، والحلي كالخلخال وإن كان مجوفاً بل وغلاف للسيف وامامة للشطب، بل ومثل للقنديل وكذا نقش للكتب وللسقوف والجدران بهما.
(مسألة ـ 9) للظاهر أن المراد من الأواني([2]) مايكون من قبيل: للكأس، والكوز، وللصيني، وللقدر، وللسماور، وللفنجان، وما يطبخ فيه للقهوة، وأمثال ذلك مثل كوز للقليان، بل والمصفاة و (الشقاب) وللنعلبكي، دون مطلق ما يكون ظرفاً فشمولها لمثل رأس للقليان، ورأس للشطب، وقراب للسيف والخنجر وللسكين، وقاب للساعة، وظرف للغالية وللكحل وللعنبر والمعجون وللترياك، ونحو ذلك... غير معلوم وإن كانت ظروفاً، إذ الموجود في الاخبار لفظ «الآنية»، وكونها مرادفاً للظرف غيرمعلوم، بل معلوم للعدم، وإن كان الأحوط في جملة من المذكورات الاجتناب. نعم([3]) لابأس بما يصنع بيتاً للتعويذ إذا كان من للفضة، بل للذهب أيضاً.
وبالجملة: فالمناط صدق الآنية، ومع للشك فيه محكوم بالبرائة.
(مسألة ـ 10) لا فرق في حرمة الأكل وللشرب من آنية للذهب وللفضة بين مباشرتهما لفمه أو أخذ اللقمة منها ووضعها في للفم([4]) وكذا إذا وضع ظرف للطعام في للصيني من أحدهما.
وكذا إذا وضع للفنجان في النعلبكي من أحدهما، وكذا لوفرغ ما في الإناء من أحدهما في ظرف آخر لاجل الأكل([5]) والشرب لا لاجل نفس للتفريغ، فإن للظاهر حرمة الأكل وللشرب، لان هذا يعد أيضاً إستعمالاً لهما فيهما،بل لا يبعد حرمة شرب للچاي في مورد يكون السماور من أحدهما وإن كان جميع الادوات ما عداه من غيرهما.
والحاصل: أن في المذكورات، كما أن الإستعمال حرام كذلك الأكل والشرب أيضاً حرام. نعم المأكول والمشروب لا يصير حراماً، فلو كان في نهار رمضان لا يصدق أنه أفطر على حرام، وإن صدق أن فعل الإفطار حرام.
وكذلك الكلام في الأكل والشرب في الغصبي([6]).
(مسألة ـ 11) ذكر بعض للعماء أنه إذا أمر شخص خادمه فصب الچاي من القوري من الذهب أو الفضة في الفنجان الفر فوري، وأعطاه شخصاً آخر فشرب، فكما أن الخادم والآمر عاصيان، كذلك الشارب لا يعبد أن يكون عاصياً، ويعد هذا منه إستعمالاً لهما([7]).
(مسألة ـ 12) إذا كان المأكول أو المشروب في آنية من أحدهما ففرغه في ظرف آخر بقصد للتخلص من الحرام لا بأس، ولا يحرم للشرب أو الأكل بعد هذا([8]).
[1].  كما هو المشهور، وقد بينا أن الحرمة تدور مدار إسم الآنية، فان كان مما يشك في دخوله فالمرجع يكون هو البرائة، مضافاً إلى ورود بعض الأخبار ودلالته على الجواز: منها: عن منصور بن حلزم، عن أبي عبدالله قال: سألته عن التعويذ يعلق على الحائض؟ فقال: نعم إذا كان في جلد أو فضة أو قصبة حديد (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 67 ـ من أبواب النجاسات الحديث 2).
ومنها: عن صفوان بن يحيى قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن ذي الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: نزل به جبرئيل من السماء، وكانت حلقته فضة (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 67 ـ من أبواب النجاسات الحديث 3).
ومنها: عن يحيى بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: درع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات الفضول لها حلقتان من ورق في مقدمها، وحلقتان من ورق في مؤخرها، وقال: لبسها علي عليه السلام يوم الجمل (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 67 ـ من أبواب النجاسات الحديث 4).
ومنها: عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن المرآة هل يصلح إمساكها اذا كان لها حلقة فضة؟ قال نعم، إنما يكره إستعمال مايشرب به (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 67 ـ من أبواب النجاسات الحديث 5) ومنها: عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن إسم النبي صلى الله عليه وآله في صحف إبراهيم الماحي... إلى أن قال: وكانت له عمامة تسمى السحاب، وكان له درع تسمى ذات الفضول، لها ثلاث حلقات فضة، حلقة بين يديها وحلقتان خلفها (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 67 ـ من أبواب النجاسات الحديث 7) ومنها: عن أحمد بن عبدالله قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن ذي الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه وآله من أين هو؟ قال: هبط به جبرئيل عن السماء، وكان عليه حلية من فضة، وهو عندي (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 67 ـ من أبواب النجاسات الحديث 8).
ولكن هناك أخبار معارضة، وتدل على ثبوت البأس: منها: عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن السرير فيه الذهب، أيصلح إمساكه في البيت؟ فقال: إن كان ذهباً فلا، وإن كان ماء الذهب فلا بأس (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 67 ـ من أبواب النجاسات الحديث 1) ومنها: خبر علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: وسألته عن السرج واللجام فيه الفضة أير كب به؟ قال: إن كان مموهاً لايقدر على نزعه فلا بأس، وإلا فلا يركب به (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 67 ـ من أبواب النجاسات الحديث 5، 6) ومنها: صحيح بن بزيغ، وفيه: إن العباس حين عذر عمل له قضيب ملبس من فضة من نحو مايعمله للصبيان، تكون فضة نحواً من عشرة دراهم، فامر به أبو الحسن عليه السلام فكسر (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 67 ـ من أبواب النجاسات الحديث 1) وهذه لاتعارض تلك، لأنها معرض عنها. خلاصة الكلام: أن مايصدق على الآنية فلا يجوز إستعمالها: إما مطلقا أو في خصوص الأكل والشرب وإلا فلا، وأما ماذكر الماتن من الامثلة مثل اللوح وغيره فان صدق عليه الآنية عرفاً فلا يجوز إستعماله، وإلا جائز كما مر.
[2].  لاشك في أن المرجع في تعيين المراد وتشخصه من الألفاظ التي جعلها الشارع موضوعاً للاحكام، هو العرف في زمان الإستعمال، وذلك لأن الشارع في مقام بيان أحكامه وتبليغها لم يخترع طريقاً خاصاً بل يتكلم على النحو المتعارف عند أهل المحاورة والعرف في زمانه وعلى حسب مصطلحاتهم، فلابد وأن يريد مايفهمه العرف وأهل المحاورة من الألفاظ المتداولة بينهم، ومن جملة تلك الألفاظ لفظ «الآنية» والأواني الذي جعله الشارع موضوعاً لحرمة الأكل والشرب أو مطلق الاستعمال، إذا كانت في ذلك الزمان ـ اي الإستعمال ـ بحدوده بحيث لايبقى شك في الصدق، لمعرفة المفهوم وكماله من حيث السعة والضيق ـ ولا يفيد الرجوع إلى أهل اللغة الا ازدياد الحيرة لانهم في مقام شرح اللفط بمفهوم آخر أعم أو أخص منه غالباً. هذا مع أن كثيراً منهم أهملوا ذكره وقالوا إنه معروف، مضافاً الى عدم حجية قولهم كما حققنا في الأصول، ففي كل مورد علمنا انه من مصاديقه فهو، وإلا فلا بد من المراجعة إلى الأصول العملية في حكمه، لعدم عموم أو إطلاق يكون هو المرجع كي يرتفع الشك به ويكون حاكماً على أدلة الأصول. ومعلوم أن الأصل في المقام هي الإباحة.
خلاصة الكلام: إن باب معرفة مفهوم الآنية بجميع حدوده من حيث السعة والضيق في زماننا مسدودة، لقلة إستعمال هذه اللفظة وعدم تداولها في المحاورات في هذه الأزمنة، وعدم إعتبار قول اللغويين في تعيين ماهو الموضوع له، مضافاً إلى أن كلماتهم في هذا الباب مختلفة غير خالية عن التشويش، فلابد من الأخذ بالقدر المتيقن من مصاديقها بواسطة المراجعة الى موارد إستعمالها في زمان صدور هذه الروايات التي تدل على حرمة مطلق استعمالها أو خصوص الأكل والشرب، وفي موارد الشك يرجع إلى أصالة الإباحة. والظاهر أن القدر المتيقن الذي يستفاد من موارد إستعمالها في لسان الشارع أو المتشرعة في ذلك الزمان هو أدوات الأكل والشرب، سواء ان أداة لشرب الماء أو الشاي أو أقسام الشرابت أو سائر المايعات وأدوات الطبخ سواء كانت لطبخ المأكولات ـ كالقدور وأمثالها ـ أو لطبخ المشروبات كالحليب والشاي وأمثالها، فبناء على هذا فيكون خصوص الأكل والشرب أومطلق الإستعمال في الأقداح والكؤوس والقدور بأقسامها والمصفاة والمشقاب والنعلبكي والسماور والقوري والإستكان والكوز والحب وكرز القليان وما يطبخ فيه القهوة وكل ماكان من هذا القبيل، ففي جميع هذه وأمثالها نحكم بالحرمة لأن المناط في الحكم بالحرمة صدق الآنية، وأما في مورد الشك في الصدق نحكم بالإباحة.
[3].  نعم لابأس بما يصنع بيتاً للتعويذ، سواء صدق عليه الآنية أم لم يصدق لما رواه منصور بن حلزم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن التعويذ يعلق على الحائض؟ فقال: نعم إذا كان في جلد أوفضة أو قصبة حديد (الوسائل كتاب الطهارة، الباب ـ 67 ـ من أبواب النجاسات الحديث 2).
[4].  هذا بناء على أن يكون متعلق النهي والحرمة مطلق إستعمالها لاخصوص الأكل والشرب منهما في غاية الوضوح، لصدق الإستعمال على جميعها، بل صدق إستعمالها على أخذ منهما أولى من صدقه على وضعها في الفم.
نعم صدقه على مباشرتهما لفمه ـ كما في شرب الشاي من الاستكان، أو شرب الشرابت من الاقداح والكؤوس ـ أظهر من أخذ اللقمة منهما. وعلى كل حال لاشك في صدق الإستعمال على جميع ماذكره في المتن.
وأما إذا كان متعلق النهي خصوص الأكل والشرب ـ كما هو المصرح في جملة من الروايات ـ فالحكم بحرمة وضع ظرف الطعام في الصيني أووضع الفنجان في النعلبكي ـ كما ذكره في المتن ـ لايخلو عن إشكال، لأن هذين وما يشبههما مما لايصدق عليه الأكل أو الشرب فيهما، فلا وجه للقول بحرمتها.
نعم الذي يسهل الخطب هو أن متعلق النهي والحرمة هو مطلق إستعمالاتهما المتداولة عند العرف. وذلك لظهور الروايات التي تضمنت النهي عن ذات الآنية في مطلق الإستعمال، وادعى الإجماع عليه جمع والظاهر أن ذكر الأكل والشرب ليس لأجل خصوصية فيهما، وإنما تخصيصهما بالذكر لأجل أن غالب إستعمالاتهما عند المترفين كانت في المأكل والمشرب، فاذا كان كذلك فجميع ماذكره في المتن ـ من تحريم استعمالاتهما ـ صحيح لا إشكال فيه، حتى شرب الشاي في مورد يكون السماور من أحدهما.
[5].  فانه يصدق عليه الأكل منه، كما أنه المتعارف في هذا الزمان فانه يفرغون مقداراً من الطبيخ من الذي يسمونه البلم في المشقاب لأجل أكل شخص واحد، وهكذا بالنسبة إلى كل فرد ممن هو حاضر في المجلس لأجل الأكل، فإذا كانت الآنية الكبيرة ـ أي القاب أو البلم مثلاً ـ من أحدهما، يصدق على كل شخص أنه أكل من الذهب أو الفضة باعتبار تلك الآنية الكبيرة، كما أنه لو صب الشاي من القوري المصنوع من أحدهما للأشخاص الحاضرين في الإستكان، يصدق على كل واحد منهم أنه شرب من آنية الذهب أو الفضة باعتبار كون ما في استكانه فرغ من القوري المصنوع من الذهب أو الفضة، وكذلك الأمر في الشرابت إذا فرغ من الآنية الكبيرة المصنوعة من أحدهما في الكؤوس الصغيرة لأجل الشرب. نعم لو كان التفريغ في آنية أخرى لأجل غرض أخر فشرب من تلك الآنية الأخرى بلا واسطة أو مع الواسطة، فلا يصدق أنه شرب مما صنع من أحدهما. وبعبارة أخرى: التفريغ عن الآنية المصنوعة من أحدهما إذا كان للأكل والشرب يعد إستعمالاً عند العرف في الأكل والشرب، وأما إذا كان لغرض آخر فليس إستعمالاً في الأكل والشرب. نعم يكون نفس التفريغ حراماً، لأنه إستعمال لها، فبناءً على حرمة مطلق استعمال الآنية المصنوعة من أحدهما يكون حراماً، فكون الأكل والشرب حراماً لا وجه له.
ولكن الظاهر عدم حرمة الأكل والشرب حتى فيما إذا كان التفريغ لأجل أحدهما، وذلك لعدم صدق الأكل والشرب منهما بعد التفريغ في آنية ليست منهما. وكذلك الأمر في مورد يكون السماور من أحدهما لاوجه لحرمة شرب الشاي إذا كان الإستكان من غيرهما، لأن المحرم هو استعمال السماور في طبخ الشاي دون نفس شربه. نعم الذي يصب الماء من ذلك السماور فوق الشاي الموجود فيه يكون صبه حراماً، لأنه استعمال لذلك السماور، فإذا كان الصاب غير الشارب لم يصدر حرام من الشارب، وكذلك الحال في الشرابت والأطعمة إذا كان الإناء الكبير منهما.
[6].  أما الأكل والشرب من الإناء الغصبي: فإن صدق التصرف في ذلك الإناء فيكون حراماً من جهة حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه، فبعد الأخذ منه وإخراج المأكول أو المشروب ليس أكله وشربه حراماً، في مال الغير. نعم أخذه وتناوله منه تصرف فيه، فقياس الإناء الغصبي بالمقام في غير محله.
[7].  أما عصيان الخادم فلأنه إستعمال للآنية من أحدهما، وهو حرام بناءً على حرمة مطلق الإستعمال، وأما الآمر فلأجل أمره بالمعصية، فيصدق على أمره الإعانة على الإثم إذا كان أمره بقصد أن الخادم يرتكب هذا الحرام، وأما الشارب فلا يكون شربه حراماً، لأجل عدم إستعمال آنية الذهب والفضة ولا شربه منهما، بل شرب من الفنجان الفر فوري كما هو المفروض. وأما شربه حراماً من جهة أن ما في الفنجان كان في القوري من أحدهما، فيصدق أنه شرب من الفنجان الفرفوري، والشرب من الآنية لا يصدق إلا بمباشرته للفم كما هو المتعارف في الشاي والشرابت، فالأول كما لو كان الإستكان من أحدهما، والثاني كما لو كان الكأس الذي يشرب فيه الشربة من أحدهما أو شربه منه بمعلقة كما في الأمراق والشوربا وأمثا ذلك.
[8].  لا يخفى أن جواز الأكل والشرب غير متوقفين على قصد التخلص لأنه بعد ما فرغه من آنية الذهب أو الفضة في كأس آخر، فيجوز شربه سواء كان التفريغ حلالاً أم حراماً، إذ لا يصدق حينئذ الشرب من أحدهما فقصد التخلص لا أثر له. وعلى كل بعد التفريغ في ظرف ليس من أحدهم يكون شربه من ذلك الظرف حلالاً، قصد التخلص أم لا. نعم قصد التخلص عن الغصب وتفريغه من أجل ذلك، إنما يؤثر في جواز التفريغ وعدمه.