كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

من أعظم الواجبات الدينية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، قال الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون ) .
وقال النبي صلى الله عليه و آله: (كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ، و فسق شبابكم ، و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر فقيل له : و يكون ذلك يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه و آله :  نعم  فقال :  كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ، و نهيتم عن المعروف فقيل له : يا رسول الله و يكون ذلك ؟ فقال : نعم و شر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً و المنكر معروفاً ؟) .
و قد ورد عنهم ـ عليهم السلام: ـ أن بالأمر بالمعروف تقام الفرائض و تأمن المذاهب ، و تحل المكاسب ، و تمنع المظالم ، و تعمر الأرض و ينتصف للمظلوم من الظالم ، و لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ، و نهوا عن المنكر ، و تعاونوا على البر ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات و سلط بعضهم على بعض ، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء .
(مسألة 1268):  يجب الأمر بالمعروف الواجب والنهي عن المنكر واجباً  كفائياً ، إن قام به واحد سقط عن غيره، واذا لم يقم به واحد أثم الجميع واستحقوا العقاب .
(مسألة 1269): إذا كان المعروف مستحباً كان الأمر به مستحباً، فإذا أمر به كان مستحقاً للثواب ، و إن لم يأمر به لم يكن عليه إثم و لا عقاب .
يشترط في وجوب الأمر بالمعروف الواجب ، و النهي عن المنكر أمور :
الأول : معرفة المعروف و المنكر و لو إجمالاً ، فلا يجبان على الجاهل بالمعروف و المنكر .
الثاني : احتمال ائتمار المأمور بالمعروف بالأمر ، و انتهاء المنهي عن المنكر بالنهي ، فإذا لم يحتمل ذلك ، و علم أن الشخص الفاعل لا يبالي بالأمر أو النهي ، و لا يكترث بهما لا يجب عليه شيء .
الثالث : أن يكون الفاعل مصراً على ترك المعروف ، و ارتكاب المنكر فإذا كانت أمارة على الاقلاع وترك الاصرار لم يجب شيء ، بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك ، فمن ترك واجباً أو فعل حراماً ولم يعلم انه مصر على ترك الواجب أو فعل الحرام ثانياً، أو انه منصرف عن ذلك او نادم عليه لم يجب عليه شيء ، هذا بالنسبة الى من ترك المعروف او ارتكب المنكر خارجاً ، واما من يريد ترك المعروف ، او ارتكاب المنكر فيجب امره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وان لم يكن قاصداً الا المخالفة مرة واحدة.
الرابع : أن يكون المعروف و المنكر منجزاً في حق الفاعل ، فإن كان معذوراً في فعله المنكر ، أو تركه المعروف ، لاعتقاد أن ما فعله مباح و ليس بحرام ، أو أن ما تركه ليس بواجب ، و كان معذوراً في ذلك للاشتباه في الموضوع ، أو الحكم اجتهاداً ، أو تقليداً لم يجب شيء.
الخامس: أن لايلزم من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر في النفس، أوفي العرض، أو في المال، على الآمر، أو على غيره من المسلمين ، فاذا لزم الضرر عليه، أو على غيره من المسلمين لم يجب شيء.  والظاهر أنه لافرق بين العلم بلزوم الضرر والظن به والاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف، هذا فيما اذا لم يحرز تأثير الامر او النهي وأما اذا احرز ذلك فلابد من رعاية الاهمية فقد يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر ايضاً ، فضلاً عن الظن به أواحتماله.
(مسألة 1270):  لا يختص وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بصنف من الناس دون صنف ، بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة على العلماء و غيرهم ، و العدول و الفساق ، و السلطان و الرعية ، و الأغنياء و الفقراء ، وقد تقدم انه ان قام به واحد سقط الوجوب عن غيره وان لم يقم به أحد أثم الجميع، واستحقوا العقاب.
للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مراتب :
الأولى : الانكار بالقلب ، بمعنى إظهار كراهة المنكر أو ترك المعروف ، أما باظهار الانزعاج من الفاعل ، أو الإعراض و الصد عنه ، أو ترك الكلام معه ، أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل على كراهة ما وقع منه .
الثانية : الانكار باللسان و القول ، بأن يعظه و ينصحه ، و يذكر له ما أعد الله سبحانه للعاصين من العقاب الأليم و العذاب في الجحيم ، أو يذكر له ما أعده الله تعالى للمطيعين من الثواب الجسيم و الفوز في جنات النعيم .
الثالثة : الانكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية، و لكل واحدة من هذه المراتب مراتب أخف و أشد ، و المشهور الترتب بين هذه المراتب ، فإن كان إظهار الإنكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه ، و إلا أنكر باللسان ، فإن لم يكف ذلك أنكره بيده ، و لكن الظاهر أن القسمين الأولين في مرتبة واحدة فيختار الآمر أو الناهي ما يحتمل التأثير منهما ، و قد يلزمه الجمع بينهما . و أما القسم الثالث فهو مترتب على عدم تأثير الأولين ، و الأحوط بل الأقوى في الأقسام الثلاثة الترتيب بين مراتبه فلا ينتقل إلى الأشد إلا إذا لم يكف الأخف.
(مسألة 1271):  إذا لم تكف المراتب المذكورة في ردع الفاعل ففي جواز الانتقال إلى الجرح و القتل وجهان ، بل قولان أقواهما العدم ، و كذا إذا توقف على كسر عضو من يد أو رجل أو غيرهما ، أو إعابة عضو كشلل أو اعوجاج أو نحوهما ، فإن الأقوى عدم جواز ذلك ، و إذا أدى الضرب إلى ذلك ـ خطأ أو عمداً ـ فالأقوى ضمان الآمر و الناهي لذلك ، فتجري عليه أحكام الجناية العمدية ، إن كان عمداً ، و الخطأية إن كان خطأ . نعم يجوز للإمام و نائبه ذلك إذا كان يترتب على معصية الفاعل مفسدة أهم من جرحه أو قتله ، و حينئذ لا ضمان عليه .
(مسألة 1272):  يتأكد وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في حق المكلف بالنسبة إلى أهله ، فيجب عليه إذا رأى منهم التهاون في الواجبات ، كالصلاة و أجزائها و شرائطها ، بأن لا يأتوا بها على وجهها ، لعدم صحة القراءة و الأذكار الواجبة ، أو لا يتوضأوا وضوءاً صحيحاً أو لا يطهروا أبدانهم و لباسهم من النجاسة على الوجه الصحيح أمرهم بالمعروف على الترتيب المتقدم ، حتى يأتوا بها على وجهها ، و كذا في الحال بقية الواجبات ، وكذا إذا رأى منهم التهاون في المحرمات كالغيبة و النميمة ، و العدوان من بعضهم على بعض ، أو على غيرهم ، أو غير ذلك من المحرمات ، فإنه يجب أن ينهاهم عن المنكر حتى ينتهوا عن المعصية .
(مسألة 1273):  إذا صدرت المعصية من شخص من باب الاتفاق ، و علم أنه غير مصر عليها لكنه لم يتب منها وجب أمره بالتوبة ، فإنها من الواجب ، وتركها كبيرة موبقة ، هذا مع التفات الفاعل إليها ، أما مع الغفلة ففي وجوب أمره بها إشكال ، و الأحوط ـ استحباباً ـ ذلك .
 فائدة :
قال بعض الأكابر قدس سره : إن من أعظم أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أعلاها و أتقنها و أشدها ، خصوصاً بالنسبة إلى رؤساء الدين أن يلبس رداء المعروف واجبه و مندوبه ، و ينزع رداء المنكر محرمه و مكروهه ، و يستكمل نفسه بالأخلاق الكريمة ، و ينزهها عن الأخلاق الذميمة ، فإن ذلك منه سبب تام لفعل الناس المعروف ، و نزعهم المنكر ، خصوصاً إذا أكمل ذلك بالمواعظ الحسنة المرغبة و المرهبة ، فإن لكل مقام مقالاً ، و لكل داء دواء ، وطب النفوس و العقول أشد من طب الأبدان بمراتب كثيرة ، و حينئذ يكون قد جاء بأعلى أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .
ختام وفيه مطلبان :
المطلب الأول : في ذكر أمور هي من المعروف :
منها : الاعتصام بالله تعالى ، قال الله تعالى : ( و من يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ) و قال أبو عبد الله عليه السلام: (أوحى الله عز و جل إلى داود : ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ، ثم تكيده السماوات و الأرض و من فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن) .
ومنها : التوكل على الله سبحانه ، الرؤوف الرحيم بخلقه العالم بمصالحه و القادر على قضاء حوائجهم . و إذا لم يتوكل عليه تعالى فعلى من يتوكل أعلى نفسه ، أم على غيره مع عجزه و جهله ؟ قال الله تعالى : (ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) وقال أبو عبد الله (ع): (الغنى و العز يجولان ، فإذا ظفرا بموضع من التوكل أوطنا) .
ومنها : حسن الظن بالله تعالى ، فعن أمير المؤمنين عليه السلام فيما قال : (والذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن ، لأن الله كريم بيده الخير يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه و رجاءه ، فأحسنوا بالله الظن و ارغبوا إليه) .
ومنها : الصبر عند البلاء، و الصبر عن محارم الله ، قال الله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) ، وقال رسول الله (ص) في حديث: (فاصبر فإن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، و اعلم أن النصر مع الصبر ، و أن الفرج مع الكرب ، فإن مع العسر يسراً ، إن مع العسر يسراً ) ، وقال أمير المؤمنين (ع): (لا يعدم الصبر الظفر و إن طال به الزمان) ، وقال عليه السلام أيضاً : (الصبر صبران : صبر عند المصيبة حسن جميل، و أحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله تعالى عليك) .
ومنها : العفة ، قال أبو جعفر عليه السلام : (ما عبادة أفضل عند الله من عفة بطن و فرج) ، و قال أبو عبد الله عليه السلام : (إنما شيعة جعفر من عف بطنه و فرجه ، و اشتد جهاده ، و عمل لخالقه ، و رجا ثوابه ، و خاف عقابه ، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر) عليه السلام .
ومنها : الحلم ، قال رسول الله (ص): (ما أعز الله بجهل قط ، ولا أذل بحلم قط)، وقال أمير المؤمنين (ع): (أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل ) وقال الرضا (ع) أنه قال : (لا يكون الرجل عابداً حتى يكون حليما) .
و منها : التواضع ، قال رسول الله (ص) : (من تواضع لله رفعه الله و من تكبر خفضه الله ، و من اقتصد في معيشته رزقه الله و من بذر حرمه الله ، و من أكثر ذكر الموت أحبه الله تعالى) .
و منها : إنصاف الناس ، و لو من النفس ، قال رسول الله (ص): ( سيد الأعمال إنصاف الناس من نفسك ، و مواساة الأخ في الله تعالى على كل حال).
و منها : اشتغال الإنسان بعيبه عن عيوب الناس ، قال رسول الله صلى الله عليه و آله: « طوبى لمن شغله خوف الله عز و جل عن خوف الناس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين وقال صلى الله عليه و آله : (إن أسرع الخير ثواباً البر ، و إن أسرع الشر عقاباً البغي ، و كفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه ، و أن يعير الناس بما لا يستطيع تركه ، و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه) .
ومنها : إصلاح النفس عند ميلها إلى الشر ، قال أمير المؤمنين عليه السلام: (من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته ، و من عمل لدينه كفاه الله دنياه ، و من أحسن فيما بينه و بين الله أصلح الله ما بينه و بين الناس) .
ومنها : الزهد في الدنيا و ترك الرغبة فيها ، قال أبو عبد الله عليه السلام: (من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه ، و انطلق بها لسانه ، و بصره عيوب الدنيا داءها و دواءها ، و أخرجه منها سالماً إلى دار السلام ) ، وقال رجلاً قال لأبي عبد الله عليه السلام : إني لا ألقاك إلا في السنين فأوصني بشيء حتى آخذ به ؟ فقال عليه السلام : (أوصيك بتقوى الله ، و الورع و الاجتهاد ، و إياك أن تطمع إلى من فوقك ، و كفى بما قال الله عز و جل لرسول الله صلى الله عليه و آله (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا) وقال تعالى : (فلا تعجبك أموالهم و لا أولادهم ) فإن خفت ذلك فاذكر عيش رسول الله صلى الله عليه و آله ، فإنما كان قوته من الشعير ، و حلواه من التمر و وقوده من السعف إذا وجده ، و إذا أصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول الله صلى الله عليه و آله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط).
 المطلب الثاني : في ذكر بعض الأمور التي هي من المنكر :
 منها : الغضب . قال رسول الله صلى الله عليه و آله: (الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل) وقال أبو عبد الله عليه السلام: (الغضب مفتاح كل شر) وقال أبو جعفر عليه السلام: (إن الرجل ليغضب فما يرضى أبداً حتى يدخل النار ، فأيما رجل غضب على قومه و هو قائم فليجلس من فوره ذلك ، فإنه سيذهب عنه رجس الشيطان ، و أيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه ، فإن الرحم إذا مست سكنت) .
ومنها : الحسد ، قال أبو جعفر و أبو عبد الله عليهما السلام: (إن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب » ، وقال رسول الله صلى الله عليه و آله  ذات يوم لأصحابه : (إنه قد دب إليكم داء الأمم من قبلكم ، و هو الحسد ليس بحالق الشعر ، و لكنه حالق الدين، و ينجى فيه أن يكف الإنسان يده ، و يخزن لسانه ، و لا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن).
 و منها : الظلم ، قال أبو عبد الله عليه السلام: (من ظلم مظلمة أخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده) ، وقال أيضاً: (ما ظفر بخير من ظفر بالظلم ، أما أن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم) .
ومنها : كون الإنسان ممن يتقى شره ، قال رسول الله صلى الله عليه و آله: (شر الناس عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم) ، وعن أبي عبد الله عليه السلام : (و من خاف الناس لسانه فهو في النار) و قال عليه السلام أيضاً : (إن أبغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه) و لنكتف بهذا المقدار .
                                     والحمد لله أولاً وآخراً، وهو حسبنا ونعم الوكيل


دروس البحث الخارج (الأصول)

دروس البحث الخارج (الفقه)

الإستفاءات

مكارم الاخلاق

س)جاء في بعض الروايات ان صلاة الليل (تبيض الوجه) ،...


المزید...

صحة بعض الكتب والاحاديث

س)كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات...


المزید...

عصمة النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعلى آله

س)ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة...


المزید...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

س)شاب زنى بأخته بعد ان دفع لها مبلغ من المال...


المزید...

السحر ونحوه

س)ما رأي سماحتكم في اللجوء الى المشعوذين ومن يذّعون كشف...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين...


المزید...

التدخين

ـ ما رأي سماحة المرجع الكريم(دام ظله)في حكم تدخين السكاير...


المزید...

العمل في الدوائر الرسمية

نحن مجموعة من المهندسين ومن الموظفين الحكوميين ، تقع على...


المزید...

شبهات وردود

هل الاستعانة من الامام المعصوم (ع) جائز, مثلا يقال...


المزید...
0123456789
© {2017} www.wadhy.com