الفصل الثاني: شروط المتعاقدين

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

(مسألة 58): يشترط في كل من المتعاقدين أمور :
الأول : البلوغ ، فلا يصح عقد الصبي في ماله إلا في الأشياء اليسيرة كما هو المعتاد بتصدي الصبي المميز في معاملاته .
الثاني : العقل ، فلا يصح عقد المجنون ، وإن كان قاصداً إنشاء البيع .
الثالث : الاختيار ، فلا يصح بيع المكره ، وهو من يأمره غيره بالبيع المكروه له ، على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه ، بحيث يكون وقوع البيع منه من باب ارتكاب أقل المكروهين ، ولو لم يكن البيع مكروهاً وقد أمره الظالم بالبيع فباع صح ، وكذا لو أمره بشيء غير البيع وكان ذلك الشيء موقوفاً على البيع المكروه فباع فإنه يصح ، كما إذا أمره بدفع مقدار من المال ولم يمكنه إلا ببيع داره فباعها، فإنه يصح بيعها .
(مسألة 59): إذا أُكره أحد الشخصين على بيع داره ، كما لو قال الظالم : فليبع زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره بطل البيع ، إلاّ إذا علم إقدام الآخر على البيع .
(مسألة 60): لو أُكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل، ولو باع الآخر بعد ذلك صحّ ، ولو باعهما جميعاً دفعة بطل فيهما جميعاً .
(مسألة 61): لو أكرهه على بيع دابّته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة ،وصح بيع الولد .
(مسألة 62): لا يُعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي بالتورية ، فلو أكرهه على بيع داره فباعها ـ مع قدرته على التورية ـ لم يصح البيع .
(مسألة 63): المراد من الضرر الذي يخافه ، على تقدير عدم الإتيان بما أُكره عليه ما يعمّ الضرر الواقع على نفسه وماله وشأنه ، وعلى بعض من يتعلّق به ممّن يهمه أمره فلو لم يكن كذلك فلا إكراه، فلو باع حينئذٍ ـ صحّ البيع .
البيع الفضولي
الرابع : من شرائط المتعاقدين القدرة على التصرّف بكونه مالكاً أو وكيلاً عنه ، أو مأذوناً منه ،أو ولياً عليه ، فلو لم يكن العاقد قادراً على التصرّف لم يصح البيع ، بل توقّفت صحته على إجازة القادر على ذلك التصرف ، مالكاً كان ، أو وكيلاً عنه ، أو مأذوناً منه ، أو ولياً عليه ، فإن أجاز صح ، وإن ردّ بطل وهذا هو المسمى بعقد الفضولي . والمشهور أن الإجازة بعد الردّ لا أثر لها ، ولكنه لا يخلو عن إشكال ، بل لا يبعد نفوذها . وأمّا الردّ بعد الإجازة فلا أثر له جزماً .
(مسألة 64): لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي ، فإن أجازه المالك صح ، ولا أثر للمنع السابق في البطلان .
(مسألة 65): إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه لم يصح وتوقّفت على الإجازة .
(مسألة 66): إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك ، أو لبنائه على ذلك ، كما في الغاصب ، فأجازه المالك صحّ البيع ويرجع الثمن إلى المالك .
(مسألة 67): لا يكفي في تحقّق الإجازة الرضا الباطني ، بل لابدّ من الدلالة عليه بالقول مثل : رضيت ، وأجزت ، ونحوهما ، أو بالفعل مثل أخذ الثمن ، أو بيعه ، أو الإذن في بيعه أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك .
(مسألة 68): الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه كشفاً حكمياً ، فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك مالك المبيع ، ونماء المبيع ملك المشتري .
(مسألة 69): لو باع باعتقاد كونه ولياً أو وكيلاً فتبين خلافه فإن أجازه المالك صحّ وإن ردّ بطل ، ولو باع باعتقاد كونه أجنبياً فتبين كونه ولياً أو وكيلاً صح ، ولم يحتج إلى الإجازة ، ولو تبين كونه مالكاً ففي صحة البيع ـ من دون حاجة إلى إجازته ـ إشكال والأظهر هو الصحة .
(مسألة 70): لو باع مال غيره فضولاً ، ثم ملكه قبل إجازة المالك ففي صحته بلا حاجة إلى الإجازة أو توقفه على الإجازة أو بطلانه رأساً ـ وجوه أقواها أوسطها .
(مسألة 71): لو باع مال غيره فضولاً فباعه المالك من شخص آخر صحّ بيع المالك ، ويصح بيع الفضولي ـ أيضاً ـ إن أجازه المشتري.
(مسألة 72): إذا باع الفضولي مال غيره ولم تتحققّ الإجازة من المالك ، فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال ، وإن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه ، وإن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع والمشتري ، وإن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري ، أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها ، إن كانت مثلية ، وبقيمتها إن كانت قيمية .
(مسألة 73): المنافع المستوفاة مضمونة ، وللمالك الرجوع بها على مَن استوفاها ، وكذا الزيادات العينيّة ، مثل اللبن والصوف والشعر والسرجين ونحوها ، ممّا كانت له مالية ، فإنّها مضمونة على مّن استولى عليها كالعين ، أمّا المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال، والضمان أظهر .
(مسألة 74): المثلي : ما يَكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ، والقيمي : ما لا يكون كذلك ، فالآلات والظروف والأقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي ، والجواهر الأصلية من الياقوت والزمرد والألماس والفيروزج ونحوها من القيمي .
(مسألة 75): الظاهر أن المدار في القيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان القبض لا زمان التلف ، ولا زمان الأداء .
(مسألة 76): إذا لم يمضِ المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي أن يرد الثمن المسمّى إلى المشتري ، فإذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة فليس للمشتري الرجوع على البائع في مقدار الثمن المسمّى . ويرجع في الزائد عليه إذا كان مغروراً وإذا رجع المالك على البائع رجع البائع على المشتري بمقدار الثمن المسمّى إذا لم يكن قد قبض الثمن ، ولا يرجع في الزائد عليه إذا كان غارّاً . وإذا رجع المالك على المشتري ببدل نماء العين من الصوف واللبن ونحوهما أو بدل المنافع المستوفاة أو غير ذلك ، فإن كان المشتري مغروراً من قبل البائع ، بأن كان جاهلاً بأن البائع فضولي، وكان البائع عالماً فاخبره البائع بأنه مالك ، أو ظهر له منه أنه مالك رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك، وإن لم يكن مغروراً من البائع كما إذا كان عالماً بالحال ، أو كان البائع أيضاً جاهلاً لم يرجع عليه بشيء من الخسارات المذكورة ، وإذا رجع المالك على البائع ببدل النماءات ، فإن كان المشتري مغروراً من قِبَل البائع لم يرجع البائع إلى المشتري ، وإن لم يكن مغروراً من قِبَل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك وكذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال المالك، فعليه إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغروراً منه ، وإلاّ لم يرجع على اللاحق ، وإن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق ، إلاّ مع كونه مغروراً منه ، وكذا الحكم في المال غير المملوك لشخص كالزكاة المعزولة ، ومال الوقف المجعول مصرفاً في جهة معيّنة أو غير معينة ، أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه ، مع وجوده ، وكذا مع تلفه على النهج المذكور .
(مسألة 77): لو باع إنسان ملكه وملك غيره صفقة واحدة صح البيع فيما يملك ، وتوقّفت صحة بيع غيره على إجازة المالك ، فإن أجازه صح ، وإلاّ فلا ، وحينئذ يكون للمشتري خيار تبعّض الصفقة ، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع .
(مسألة 78): طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن : أن يقوّم كل من المالين بقيمته السوقية ، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين  فإذا كانت قيمة ماله عشرة وقيمة مال غيره خمسة ، والثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد الذي هو ثلث الثمن ، ويبقى للبائع اثنان . وهما ثلثا الثمن ، هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة ونقصها ، أمّا لو كان الأمر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الآخر ثم تنسب قيمة كل واحد منهما إلى مجموع القيمتين ، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة . مثلاً إذا باع الجارية وابنتها بخمسة ، وكانت قيمة الجارية في حال الانفراد بستة، وفي حال الانضمام أربعة ، وقيمة ابنتها بالعكس فمجموع القيمتين عشرة ، فإن كانت الجارية لغير البائع رجع المشتري بخمسين، وهما اثنان من الثمن، وبقي للبائع ثلاثة أخماس ، وإن كانت البنت لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن ، وهو ثلاثة وبقي للبائع اثنان .
(مسألة 79): إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السويّة فباع أحدهما نصف الدار ، فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه ، أو نصف غيره ، أو نصف في النصفين عمل على القرينة ، وإن لم تقم القرينة على شيء من ذلك حمل على نصف نفسه لا غير .
(مسألة 80): يجوز للأب والجد للأب وإن علا التصرّف في مال الصغير وكذا يجوز للمجتهد الجامع للشرائط أو وكليه أو عدول المؤمنين مع فقد الأب والجد إذا كانت هناك مصلحة في تصرفهم بالبيع والشراء والإجارة وغيرها ، وكل من الأب والجد مستقل في الولاية فلا يُعتبر الإذن من الآخر ، كما لا تُعتبر العدالة في ولايتهما ، ولا أن تكون مصلحة في تصرّفهما، بل يكفي عدم المفسدة فيه ، إلاّ أن يكون التصرف تفريطاً منهما في مصلحة الصغير ، كما لو اضطر الولي إلى بيع مال الصغير ، وأمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل ، فلا يجوز له البيع بقيمة المثل ، وكذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل ، وزيادة درهمين ، لاختلاف الأماكن أو الدلالين ، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقل ، وإن كانت فيه مصلحة إذا عدّ ذلك تساهلاً عرفاً في مال الصغير ، والمدار في كون التصرف مشتملاً على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء ، لا بالنظر إلى علم الغيب ، فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبيّن انه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرّف ، ولو تبيّن أنه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صح ، إذا كانت فيه مصلحة بنظر العقلاء .
(مسألة 81): يجوز للأب والجد التصرف في نفس الصغير بإجارته لعمل ما أو جعله عاملاً في المعامل ، وكذلك في سائر شؤونه مثل تزويجه نعم ليس لهما طلاق زوجته ، وهل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوّغ للفسخ ، وهبة المدة في عقد المتعة : وجهان والثبوت أقرب .
(مسألة 82): إذا أوصى الأب أوالجد إلى شخص بالولاية بعد موته على القاصرين نفذت الوصية ، وصار الموصى إليه ولياً عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته . ويُشترط فيه الرشد والأمانة ، ولا تُشترط فيه العدالة على الأقوى . كما يُشترط في صحة الوصية فقد الآخر ، فلا تصح وصية الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجد ، ولا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب ، ولو أوصى أحدهما بالولاية على الطفل ، بعد فقد الآخر لا في حال وجوده ، ففي صحّتها إشكال .
ليس لغير الأب والجد للأب والوصي لأحدهما ولاية على الصغير ، ولو كان عماً أو أماً أو جداً للأم أو أخاً كبيراً ، فلو تصرّ‍ف أحد هؤلاء في مال الصغير ، أو في نفسه ، أو سائر شؤونه لم يصح ، وتوقّف على إجازة الولي .
(مسألة 84): تكون الولاية على الطفل للحاكم الشرعي ، مع فقد الأب والجد والوصي لأحدهما ، ومع تعذّر الرجوع إلى الحاكم فالولاية لعدول المؤمنين ، لكن الأحوط الاقتصار على صورة لزوم الضرر في ترك التصرّف ، كما لو خيف على ماله التلف ـ مثلاً ـ فيبيعه العادل ، لئلا يتلف ، ولا يعتبر ـ حينئذ ـ أن تكون في التصرّف فيه غبطة وفائدة ، بل لو تعذّر وجود العادل ـ حينئذ ـ لم يبعد جواز ذلك لسائر المؤمنين ، ولو اتُفق احتياج المكلّف إلى دخول دار الأيتام والجلوس على فراشهم ، والأكل من طعامهم ، وتعذّر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك ، إذا عوّضهم عن ذلك بالقيمة ، ولم يكن فيه ضرر عليهم وإن كان الأحوط تركه ، وإذا كان التصرّف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض . والله سبحانه العالم .