الفصل الثالث: شروط العوضين

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

يُشترط في المبيع أن يكون عيناً ، سواء أكان موجوداً في الخارج أم في الذمة ، وسواء أكانت الذمة ذمة البائع أم غيره ، كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه لشخص ثالث ، فلا يجوز بيع المنفعة ، كمنفعة الدار، ولا بيع العمل كخياطة الثوب ، وأمّا الثمن فيجوز أن يكون عيناً أو منفعة أو عملاً.
(مسألة 85): المشهور على اعتبار أن يكون المبيع والثمن مالاً يتنافس فيه العقلاء ، فكل ما لا يكون مالاً كبعض الحشرات لا يجوز بيعه ، ولا جعله ثمناً ، ولكن الظاهر عدم اعتبار ذلك ، وإن كان الاعتبار أحوط .
(مسألة 86): الحقوق مطلقاً من قبيل الأحكام ، فكما لا يصح بيعها لا يصح جعلها ثمناً ، نعم في مثل حق التحجير القابل للانتقال يجوز جعل متعلّق الحق بما هو كذلك ثمناً ويجوز جعل شيء بازاء رفع اليد عن الحق ، حتى فيما إذا لم يكن قابلاً للانتقال ، وكان قابلاً للإسقاط ، كما يجوز جعل الإسقاط ثمناً ، بأن يملك البائع عليه العمل فيجب عليه الإسقاط بعد البيع .
(مسألة 87): يُشترط في البيع أن لا يكون غررياً وتكفي المشاهدة فيما تعارف بيعه بالمشاهدة ، ولا تكفي في غير ذلك ، بل لابدّ أن يكون مقدار كل من العوضين المتعارف تقديره به عند البيع ، من كيل أو وزن ، أو عد ، أو مساحة معلوماً ، ولا بأس بتقديره بغير المتعارف فيه عند البيع ، كبيع المكيل بالوزن ، وبالعكس إذا لم يكن البيع غررياً ، وإذا كان الشيء ممّا يباع في حال بالمشاهدة ، وفي حال أخرى بالوزن أو الكيل ، كالثمر يُباع على الشجر بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن ، والحطب محمولاً على الدابة بالمشاهدة وفي المخزن بالوزن ، واللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة وفي المخازن بالكيل كل ذلك صحيح بيعه مقدّراً أو مشاهداً متابعة للعرف .
(مسألة 88): يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر ، كيلاً أو وزناً ، أو عداً ، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه ، والأحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره ، ولو تبيّن الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ والإمضاء بتمام الثمن ولو تبيّنت الزيادة كان البائع بالخيار بين الفسخ والإمضاء بتمام المبيع ، وقيل : يرجع المشتري على البائع بثمن النقيصة في الأول وتكون الزيادة للبائع في الثاني وهو ضعيف .
(مسألة 89): لابدّ في مثل القماش والأرض ونحوهما ـ ممّا يكون تقديره بالمساحة دخيلاً في زيادة القيمة ـ معرفة مقداره ، ولا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلاّ إذا كانت المشاهدة رافعة للغرر كما هو الغالب في بيع الدور والفرش ونحوهما .
(مسألة 90): إذا اختلفت البلدان في تقدير شيء ، بأن كان موزوناً في بلد ومعدوداً في آخر ، ومكيلاً في ثالث ، فالظاهر أن المدار في التقدير بلد المعاملة . ولكن يجوز البيع بالتقدير الآخر أيضاً إذا لم يكن فيه غرر .
(مسألة 91): قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود ، أو الكيل شرطاً في الموزون ، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس ، بشرط أن يكون كيلها صاعاً ، فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس ، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش ، بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال ، فيتبين أن وزنها تسعمائة ، لعدم إحكام النسج ، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان ، بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال، فيتبين أن وزنه مائتا مثقال لغلظة خيوطه ونحو ذلك ، ممّا كان التقدير فيه ملحوظاً صفة كمال للمبيع لا مقوّماً له ، والحكم أنه مع التخلّف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري ، لتخلّف الوصف فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن ، والزيادة للمشتري على كل حال .
(مسألة 92): يّشترط معرفة جنس العوضين وصفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها ، كالألوان والطعوم والجودة والرداءة والرقة والغلظة والثقل والخفة ونحو ذلك ، ممّا يوجب اختلاف القيمة ، أمّا ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته ، وإن كان مرغوباً عند قوم ، وغير مرغوب عند آخرين ، والمعرفة إمّا بالمشاهدة ، أو بتوصيف البائع ، أو بالرؤية السابقة .
(مسألة 93): يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكاً ، مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس ، أو ما هو بمنزلته ، كبيع الكلي في الذمة أو بيع مال شخصي مختص بجهة من الجهات مثل بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة وشرائه العلف لها ، وعليه فلا يجوز بيع ما ليس كذلك : مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء ، وشجر البيداء قبل أن يُصطاد أو يُحاز .
(مسألة 94): يصح للراهن بيع العين المرهونة بإذن المرتهن ، وكذلك لو أجازه بعد وقوعه ، والأظهر صحة البيع مع عدم إجازته أيضاً إلاّ أن يثبت الخيار ـ حينئذ ـ للمشتري إذا كان جاهلاً بالحال حين البيع .
(مسألة 95): لا يجوز بيع الوقف إلاّ في موارد : منها أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه ، كالحيوان المذبوح ، والجذع البالي ، والحصير المخرق فيجوز بيعه ويصرف ثمنه في نفس الوقت.
ومنها : أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به ، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفاً .
ومنها : ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر ، من قلة المنفعة أو كثرة الخراج ، أو كون بيعه أنفع ، أو احتياجهم إلى عوضه ، أو نحو ذلك .
ومنها: ما إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم ، بحيث لا يؤمن معه من تلف النفوس والأموال .
ومنها : ما لو علم أن الواقف لاحظ في قوام الوقف عنواناً خاصاً في العين الموقوفة ، مثل كونها بستاناً ، أو حماماً فيزول ذلك العنوان ، فإنه يجوز البيع ـ حينئذ ـ وإن كانت الفائدة باقية بحالها أو أكثر .
ومنها : ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتدّ بها عرفاً ، واللازم حينئذٍ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء .
(مسألة 96): ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد فانها لا يجوز بيعها على كل حال . نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين ، وكتب العلم والمدارس والرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة .
(مسألة 97): إذا جاز بيع الوقف، فإن كان من الأوقاف غير المحتاجة إلى المتولي كالوقف على الأشخاص المعينين لم تحتج إلى إجازة غيرهم ، وإلاّ فإن كان له متولّ خاص فاللازم مراجعته ، ويكون البيع بإذنه ، وإلاّ فالأحوط مراجعة الحاكم الشرعي ، والاستئذان منه في البيع ، كما أن الأحوط وجوباً أن يشتري بثمنه ملكاً ، ويوقف على النهج الذي كان عليه الوقف الأول ، نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض وصرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر ، أو في وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب . وإذا خرب الوقف ولم يمكن الانتفاع به وأمكن بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه فالأحوط : الاقتصار على بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه .
(مسألة 98): لا يجوز بيع الأمة إذا كانت ذات ولد لسيّدها ، ولو كان حملاً غير مولود ، وكذا لا يجوز نقلها بسائر النواقل ، وإذا مات ولدها جاز بيعها ، كما يجوز بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى، وفي هذه المسالة فروع كثيرة لم نتعرض لها لقلة الابتلاء بها .
(مسألة 99): لا يجوز بيع الأرض الخراجية . وهي : الأرض المفتوحة عنوة العامرة حين الفتح ، فإنها ملك المسلمين مَن وجد ومَن يوجد ، ولا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما ، وأن لا تكون . بل الظاهر عدم جواز التصرّف فيها إلاّ بإذن الحاكم الشرعي ، إلاّ أن تكون تحت سلطة السلطان المدعي للخلافة العامة فيكفي الاستئذان منه ، بل في كفاية الاستئذان من الحاكم الشرعي ـ حينئذ ـ إشكال ، ولو ماتت الأرض العامرة  ـ حين الفتح ـ فلا يبعد أنها تملك الأحياء . أمّا الأرض الميتة في زمان الفتح فهي ملك للإمام عليه السلام ، وإذا أحياها أحد ملكها بالإحياء ، مسلماُ كان المحيي أو كافراً ، وليس عليه دفع العوض وإذا تركها حتى ماتت فهي على ملكه ، ولكنه إذا ترك زرعها وأهملها ولم ينتفع بها بوجه ، جاز لغيره زرعها ، وهو أحق بها منه وإن كان الأحوط استحباباً عدم زرعها بلا إذن منه إذا عرف مالكها ، إلاّ إذا كان المالك قد أعرض عنها وإذا أحياها السلطان المدعي للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجية .
(مسألة 100): في تعيين أرض الخراج إشكال ، وقد ذكر العلماء والمؤرخون مواضع كثيرة منها . وإذا شك في أرض أنها كانت ميتة أو عامرة ـ حين الفتح ـ تحمل على أنها كانت ميتة ، فيجوز إحياؤها وتملّكها إن كانت حيّة ، كما يجوز بيعها وغيره من التصرّفات الموقوفة على الملك .
(مسألة 101): يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدوراً على تسليمه فلا يجوز بيع الجمل الشارد ، أو الطير الطائر ، أو السمك المرسل في الماء ، ولا فرق بين العلم بالحال والجهل بها ، ولو باع العين المغصوبة وكان المشتري قادراً على أخذها من الغاصب صح،  كما أنه يصح بيعها على الغاصب أيضاً ، وإن كان البائع لا يقدر على أخذها منه ، ثم دفعها إليه ، فإذا كان المبيع ممّا لا يستحق المشتري أخذه، كما لو باع من ينعتق على المشتري صح ، وإن لم يقدر على تسليمه.
(مسألة 102): لو علم القدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل ، ولو علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة.
(مسألة 103): لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه ، لكن علم بحصولها بعده ، فإن كانت المدة يسيرة صح ، وإذا كانت طويلة لا يتسامح بها ، فإن كانت مضبوطة كسنة أو اكثر فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها وكذا مع جهله بها ، لكن يثبت الخيار للمشتري ، وإن كانت غير مضبوطة فالظاهر البطلان ، كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه.
(مسألة 104): إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته ، وإن كان وكيلاً في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك ، وإن كان وكيلاً في المعاملة كعامل المضاربة ، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة ، فإذا لم يقدرا بطل البيع .
(مسألة 105): يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة ، إذا كانت ذات قيمة معتد بها.